عرض مشاركة واحدة
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 23-08-2009, 04:30 PM   #504

هذيان

.. !

الصورة الرمزية هذيان

 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
التخصص: مهندس تخطيط عمراني
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: متخرج
الجنس: ذكر
المشاركات: 1,587
افتراضي رد: مـــقـــالات .. و .. مــقـــامـــات .. !

عبده خال





الصورة في غير مكانها


هاهي السنة الثانية يهل فيها رمضان ونحن ننعم بإجازة الطلاب ومعهم تنعم الأسر بروحانيات تحاول استعادة ماضيها الذي غار.
فمع دخول الدراسة في شهر رمضان تبدلت كثير من السلوكيات الاجتماعية التي كانت تمارس في شهر رمضان هذا التقلب الاجتماعي صحبه أيضا تقلب إعلامي، بدأنا نفقد خصالا بفعل التغيرات الاجتماعية والإعلامية، فالإعلام ساهم في تغير نمط السلوك الاجتماعي، وبالنسبة لمجتمعنا كانت الثمانينيات بداية دوران العجلة بسرعة تفوق حركة المجتمع وتفكيره حيث صبغت هذه الفترة بانتقال الخطاب الإعلامي إلى مرحلة الصخب، وتعنيف المجتمع على كل ممارسة كان يمارسها بعفوية مطلقة.
ومن الثمانينيات انطلقت الدعوات المتشنجة حيال أي فعل اجتماعي يحدث مما خلق ازدواجية في السلوك، هذا الخطاب شديد اللهجة ظل ساريا تسانده آليات إعلامية خلقت أنماطا من الحذر وفصلت أو أفرزت المجتمع إلى طبقات (متدينة ومنبوذين وبين بين).. هذا الإفراز جعل الجميع يبحث عن اكتمال صورته لدى الآخر بمحاولة إظهار تدين زائد.
ومع دخول التسعينيات وحدوث تحولات تاريخية ومفصلية ساهمت في تباعد الأفراد بعضهم عن بعض من ناحية وتباعدهم أيضا عن ممارساتهم الشخصية الجماعية.
هذا الافتراق بسبب الخطاب التعنيفي الرافض لسلوكيات الأفراد المتباينة جاء الانفتاح الإعلامي باحثا عمن سقط في هذه الفجوة.
كانت المجتمعات تبحث عن خطوتها الأولى، وهي التجمع والتقارب بعيدا عن الشحن والرفض لحياتهم السابقة فوجد المجتمع (العربي على أقل تقدير) في الفوازير والمسلسلات الرمضانية فكرة التجمع بعيدا عن الرفض، وغدا التلفاز وسيلة جميع لجميع أطياف المجتمع (كما كان يحدث أن يجتمع العالم العربي أمام المذياع لسماع حفل أم كلثوم الشهري). ولأن الشعور بالالتفات يعطي النفس الراحة بسلامة المقصد، استشعر الإعلام هذا الاطمئنان فتوالت عبر السنوات جرعة الفوازير والمسلسلات الرمضانية كنوع من التعويض لذلك التجمع الذي فقده الناس بسبب الخطاب التعنيفي والمصنف لأفراد المجتمع.
ومع انفراط البث الفضائي أخذت كل قناة تبحث عن هؤلاء التائهين الباحثين عن التجمع واللفة والشعور بالرضى (كونهم في مجموعة واحدة ليس بينهم منبوذ) سعت كل قناة لتجميع أكبر شريحة حول قناتها بتقديم صور تذكرهم بالتجمع الأول وهذا مايفسر استنساخ كثير من المسلسلات واستمرارها لثلاث دورات وأربع (كما حدث مع ليالي الحلمية في بداية المسلسلات الرمضانية ثم توالى ذلك الاستنساخ).
ومنذ سنتين أو ثلاث تنبه الخطاب المعنف أنه لن يستطيع ممارسة زجره للمجتمع إلا بمهاجمة القنوات الفضائية بضراوة كونها تفسد روحانيات وقدسية الشهر الكريم ولو ابتعدنا قليلا عن مثل هذا الخطاب وأردنا مشاهدة الصورة كاملة فسنجد أن كل قناة تسعى لاستقطاب هذا المشاهد وتسميره أمام شاشتها.
وجميع القنوات (سواء ترفهية أو دينية ) حشدت لهذا الشهر كما كبيرا من المواد الإعلامية كي تمسك بهذا المشاهد الذي تريد من خلاله المعلن، فالرسالة الإعلامية الثقافية البحتة لم يعد لها وجود، كان وجودها حاضرا عندما كان التلفاز مملوكا للدولة (أي دولة) ومع الخصخصة الإعلامية لم تعد الرسالة الثقافية هي الهدف الوحيد بل ترويج ونجاح القناة إعلانيا هو الهدف.
وهذا ما نلحظه مثلا في القنوات الدينية والتي حشدت بدورها مجموعة من الأسماء ذات النجومية لتعلن إطلالتهم عبر شاشتها في شهر رمضان الكريم.
فها هي القنوات الدينية تعلن صباح مساء عن برامجها الرمضانية ولم تختلف عن القنوات الترفهية إلا بنوع المادة، أما ملأ أوقات البث فهي قد استعدت له مثلها مثل القنوات الترفيهية التي يطلق عليها قنوات الفساد والعهر.
وفي رأي أن القنوات الترفيهية تقدم مادة ترفيهية أقل خطرا على فرقة المجتمع مما تقدمه تلك القنوات المتخصصة من خطاب للفرقة والتعصب المذهبي الذي يفت في عضد الأمة الإسلامية.
ومن أراد التأكد فليجلس أمام التلفاز وسيرى العجب العجاب.

 

توقيع هذيان  

 



من المستحيل ان يتقدم الشعب ويتطور الا اذا حطم العرف واخترق التقاليد القديمه والنظم الجامده .. ولو لم يكن في الشر .. خير لاختفى وزال من الوجود .. فحذار من الاسراف في الخير .. وعلى الانسان ان يزيد في خيره وشره .. !

 

هذيان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس