حليمة مظفر
نمولة و"الأماكن كلها مشتاقة لك"!
تستأنف حليمة بعد انقطاع؛ حكاية نمولة بنت نمول النملية في ديار السعوديين خلال هجرتها إلى الشمال؛ وتحكي؛ أنها التقطت أنفاسها داخل حقيبة إحدى المصليات؛ بعد أن فرت بجلدها من ابن الرابعة الذي أصابها بالصداع وهو يلملم عليها "أولاد الحارة" ممن في عمره من بين المصليات لتصرخ" أولاد مش متربية..!! لا ويلعبوا (طيرة) في مصلى النسا!!".
كان الظلام حالكا داخل الحقيبة "يا لطيف لطفك!" قالتها ورأسها يرتطم برأس روج أحمر فاقع، ثم "تكعبلت" ببقايا شعر "معفرت" بأسنان فرشة الشعر، لتجد نفسها أمام مرآة مكبّرة فجأة، فما كان منها إلا أن قفزت هلعا فور رؤيتها نفسها ظلا يتحرك بظلام الحقيبة، وما هي إلا ثوان حتى شعرت باهتزاز؛ فقد تناولت الفتاة حقيبتها من الأرض؛ مُدخلة يدها باحثة عن "روج" و"مرآة"؛ وتسمعها "نمولة" تتحدث"نصلي ركعتين كمان ونمشي السوق!" لتقاطعها صديقتها "لا.. ما في وقت!! خلينا نلحق نلاقي تاكسي!! خلصينا؛ وتحطي روج كمان!.. أحد بيشوف خِلقتك وأنت متبرقعة؟!"؛
وفجأة تنزلق "نمولة" مصطدمة بقنينة العطر شبه الفارغة؛ حتى تمسكت بقطعة "منديل" داخل زحمة الحقيبة النص عمر.
"يا ساتر سترك!!" قالتها بعد أن وصلها رذاذ العطر حين تناولته الفتاة لترشه على عباءتها، ولأن شُقا في الحقيبة من الأعلى سمح بإضاءة خافتة داخل الحقيبة؛ مكّن نمولة من الاسترخاء وتأمل صورتها هذه المرة على المرآة؛ تحدث نفسها "ما كنت أعرف إني قمر كدة.. وكيف نملان يموت فيني إذن!؟ " بغرور مسحت بيديها الخامسة والسادسة قرنيها وشعرة صغيرة بينهما؛ لتشعر بعدها بالراحة بعد استقرار الحقيبة على حجر الفتاة، التي اتخذت وصديقاتها الثلاث الممتلئات أماكنهن بعضهن فوق بعض في "التاكسي" الصغير؛
طالبات من السائق الشاب الذي عدل مرآته باتجاه المقاعد الخلفية، الذهاب بهن إلى سوق "الكندرة"؛ وحينها أكملت نمولة استرخاءها على المنديل "الحيلة" واضعة قدمها الرابعة على الثالثة؛ "مسلطنة" على صوت محمد عبده المنطلق من مسجل السيارة بأغنيته"الأماكن كلها مشتاقة لك.. "لتتقاذفها الذكريات "يمنة ويسرة" كما الحقيبة المتراقصة مع السيارة على مطبات وحفريات شارع السبيل والصحيفة باتجاه الكندرة، لتقول لنفسها "يا سلااااام.. والله الأماكن في المستعمرة حنين.. يا ترى يا نملان عامل إيه في غيابي.. يا خوفي تعاكس النملات..!!".
وفي الغد بقية للحكاية.