جعلني لخفه .. !
.
.
قالتها والحروف بين شفتيها تذوب ذوبان الثلج في الكأس الذي يحتسيه ( مانع ) .. إنها كلمة بدويه يرددها السعوديون .. قالتها باللهجة الشامية لهذا كان لها وقعها الخاص في نفس سامعها .. فجرس الكلمة الموسيقي يدن في الآذان كبيرة كانت أو صغيره .. ويعزف على أوتار الحنين إلى الديار .. !
يبدو أنه .. أمتزجت مع السعودين .. في ذات الإيطار .. لتأخذ منهم .. كما أخذو منها .. !
.
.
تتابع الأجيال على هذا العالم جيل بعد جيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .. !
.
.
تلفت الشباب كلهم في رفيقه .. !
و الغريب أن ( سالم ) نطق أخيراً .. !
- من هي تقصد .. !
( حمد ) هامساً في أذن ( هادي ) .. !
- أكيد تقصدني .. !
( هادي ) يبادل ( حمد ) الهمس و لكن الفرق واضح .. !
- من زين أذانيك عشان تقولك .. جعلني لخفه .. !
أدبرت ( رنا ) وعيون الجميع تتبعها .. أخذت لفة على بقية الطاولات .. أمامية وخلفية بغية المغازلة .. على المكشوف .. !
في هذا المكان الكل يغازل حتى صبي النقطة *.. !
زلزلت هذه الكلمة التي قذفت بها ( رنا ) أركان الطاولة التي يخبئ الشباب زجاجة المشروب أسفلها لعدة أسباب لعل أهمها .. خشيتهم أن يدري احد غيرهم أنهم يشربون .. !
.
.
يخجلون من الخلق دون الخالق .. !
.
.
ومن أحد تلك الأسباب المحافظة عليه من الجراسين المتلخطه*.. فهم يسرقون المشروب ويذهبون به لبعض البنات من البوابة الخلفية .. فمنهم من يشرب على الخفيف ومنهم المعمرده *.. !
.
.
قبح الله البوابات الخلفية حتى تلك التي في القصور .. من الخلف يتدارى الفساد و تحت الطاولة ينبت .. !
.
.
يوفر صاحب الملهى للبنات مشروب محلي وبعض الحبوب المنشطة في الغرف الداخلية لكن اغلبهن يفضل المستورد .. يشتريه الشباب من السوق الحرة لرخص سعره ولضمان جودته .. يخاف الشباب من المضروب لأن كل شي في هذا العالم مغشوش .. !
.
.
أصعب أنواع .. الغش .. عندما .. يغش الإنسان نفسه .. !
.
.
الغش في الأسعار وفي الخدمات وفي الكلمات .. و فيما يبادلك به الآخرون من المشاعر .. من الصعب أنك لا تدري بسعر علبة الكولا في تلك الديار على أقل تقدير وأكثر .. !
.
.
لم يرضى ( مانع ) بأن تذهب ( رنا ) إلى الطاولات الأخرى في قرار نفسه الداخلي الذي دائماً ما يحدثها على إنفراد ويسألها .. !
- أهذه الوناسة يا نفسي التي تمنيتي .. !
أخذ يوسوس .. !
- سأقوم بانتهاك أولى تعاليم هادي على الخط وسأحب النورية ( رنا ) .. !
تسيطر الأغاني على خلايا تفكيره .. !
- تصدقي .. ما اخترت أنا أحبك .. أحبك ماحدن يحب اللي يبي .. يا حبي المر العذب سكنتي أجروحي غصب .. ليت الهوى وانتي كذب .. !
هذه هي قمة الكذب والهوى ملوث فرائحة الدخان ودخان الأرقيلة يغطي السماء وكأنك في محرقة لتخلص من النفايات .. !
مع العلم أنها .. الليلة الأولى .. التي يراها فيها يرافقها في تلك النمرة .. 17 بنت .. يزيدون وينقصون يدخلون ويخرجون إلى أن يخيّل .. لك .. أن المكان يعج بالبنات اللاتي حضرن من أجلك ولسواد عيونك يرقصن جميع الرقصات .. !
مع هذا ازخم من الإناث أصر ( مانع ) على حبها .. !
( مانع ) المتفلسف صاحب التجارب الغرامية الفاشلة .. عندما بلغ سن الخامسة عشر من عمره عشق بنت عمه ( نعمه ) لحد الجنون .. و كان حبا ً من طرف واحد كما هي العادة .. و التي تكبره بثلاثة أعوام جاء الخطابة فيها وهو لم يكمل المرحلة الثانوية بعد .. منعهم ( مانع ) و لكنهم لم يصغون إليه لم يلتفت أحداً إلى .. قلبه المحب .. أو إلى عاداته القبلية التي لم تعد محببة للجميع .. !
بعدها ذهب إلى الدراسة في جدة وفشل في أكثر من علاقة من علاقات الخطيئة .. لديه الخبرة السابقة المبنية على الفشل .. الدافع الأول لممارسة الأخطاء دون تفكير .. !
يقول ( مانع ) .. !
- بأحبها مدة السفرية أسبوعين فقط بعدها سأترك الحب وأرحل .. !
.
.
ألا يدري أن الحب الشيء الوحيد الذي نحمله أينما رحلنا دون أن نشعر .. !
.
.
ذهب لها ليحتك بها لعله .. يدبك .. معها أو يرقص .. وجاءته الفرصة على طبق من ذهب عندما غنت حاملة الميكروفون .. !
( ضمني ... ضمني ... من يسار ومن يمين ... ضمني ضمة صغيراً يحبونه هله ) .. !
تجنن ( مانع ) وأخذ العصا من على طاولة جيرانه وعداإليها يراقصها .. في لوحة فنية قل ما يراها المكبوتين .. كانت ( رنا ) تجيد الرقص .. بطريقة احترافية كأنما هي أساس هذا الفن .. !
لم يكن ( مانع ) بأقل شأن منها فهو كذلك يتمايل بمهارة عاليه .. تركت الشباب على الأرض .. متمددين ضحكا ً .. !تركن البنات " البست " ( لمانع .. و .. رنا ) وابتعدنا إلى الخلف لمشاهدة اللوحة الفنية .. الهزليه .. بتأمل .. !
وفي هذه الأثناء سقط قلب ( مانع ) بين أرجل ( رنا ) وتدحرج وكادت أن تدوس عليه لولا أنها تذكرت المولية الشهيرة
" على العين موليتين وأثنعش موليه .. جسر الحبيب أنقطع من دوس رجليه " .. !
لم تخفي ( رنا ) إعجابها بوسامة ( مانع ) إلا أنها مازالت تسيطر على الوضع وتتحكم فيه فهي ترقص قبل أن يفكر ( مانع ) .. في قص الجواز .. و متعودة على هذه الأجواء .. !
.
.
تأخذها أمها معها إلى السهرة وعمرها لم يتجاوز .. الست سنوات .. تلعب أمام المرقص بجوار سيارات الشوفيرية والتكاسي .. و تطلع على المسرح أحياناً يحبونها .. السكارى .. في خدها عندما يشاهدونها لا ادري لماذا يتناثر الحنان من السكران عندما يشاهد الطفولة تنتهك في أقذر الأماكن .. !
.
.
أخذ مانع رقم هاتف منزل ( رنا الأرضي ) .. لم تكن الجوالات تعمل في تلك الفترة .. أخذه من أمها بعد أن شارفت النمرة على الانتهاء .. !
.
.
و ابتداء مشوار الشقى والشحططه .. !
.
.
يتبع ...
النقطه هي الفلوس التي يرمي بها السهران على الصبايا ويحييهم بها .. بجميع العملات حتى الدولار .. !
المتلخطه .. كلمة محلية تعني الحراميه .. !
المعمردة .. كثيرة الخبره وصاحبة العمر الطويل والتجربة في الأمر .. !
الشحططه تأتي بمعنى الغربلة باللهجة المحلية .. !