بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
عندما يصبح الإنسان عبداً لغير خالقه ومولاه تظهر إشكالية كبيرة في نتاج فكره ؛ إذ
الأليق به أن يكون حراً طليقاً ، يسرح عقله في شعاب الحياة وأوديتها ، يتأمل فيها سنن
الله ونواميسه ويبصر ببصيرته المؤمنة قبل بصره تداول الأيام والساعات ، وتغير
الأحوال والدول والحضارات ، فإنه إن فعل ذلك فسيكون فكره فكراً معطاءً ، باذلاً
مضحياً بكل غال ونفيس لأجل عمارة هذا الكون بالنافع المفيد وبالعمل الدؤوب لأجل
خلق حياة خالية من سفك الدماء ، ونهب الأموال ،وهتك الأعراض ، واقتراف
الفواحش والمنكرات .
أما إذا صار هذا الإنسان عبداً للمادة بما فيها من زخارف الكنوز ، وشهوات البطون
والفروج ، ومتع الشهرة والسمعة وحب الظهور ؛ ضاع في شعابها المظلمة ، وتاه
في أوديتها السحيقة ، وتفرق في صحرائها المقفرة ؛ فكلما سلك طريقاً غيَّر مساره إلى
طريق آخر لعله يرى فيه النور والضياء ، والرَوْح والهناء ؛ وأنّى له ذلك وقد ترك
وصية ربه تبارك وتعالى حينما قال له :{وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ
السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }(الأنعام153 )
إن سيلان القلم قد يتأتى من خلال القراءة المكثفة ، والمطالعة المستمرة للمنشورات
والكتب كمن يريد أن يصبح شاعراً يلقي القصائد في المحافل ، قد يستطيع ذلك لكن
المهم ليس أن يكتب أو يقول شعراً أو نظماً أو نثراً ؛ إنما المهم ماذا سينطق عقله
وفكره ؟ وماذا سيكتب حبره وقلمه ؟ وماذا ستخط أنامله ؟ وماذا سيقدم للناس ؟ وأي
مسار أو سبيل سيسلكه وينتهجه ؟
إنها سبل شتى وطرق متعددة ويبقى الطريق الصحيح هو الأجدر بالسلوك عليه
والاستمرار فيه ؛ إنه سبيل الحق والعدل ، إنه سبيل الخير ونفع الآخرين وإحقاق
الحقوق ؛ إنها الاستقامة بأبهى صورها مع إخلاص متواصل وصدق متمكن وسعي
حثيث لبلوغ الغاية العظمى والأهداف الكبرى إنها عمارة الأرض وتعبيدها للخالق
سبحانه وتعالى ..
*
ممارآق لي والكلمات صدقاً شافيه ...