[حسين العبدلي]

هـو: لماذا عن الحب الجميلِ، ونغمةِ الحادي، وخريرِ الوادي لا تغني؟
أنـا: ذاك زمنٌ قد ولَّى، ولي زمنٌ آخر لا تعلمه.

هـو: استولت على عيونك الدمعة، وسيطر على جفونك السهد، ولا تبارحكَ الهموم والإطراق، فإن لم تكن عاشقا فبربك قل لي:ما هو العشق؟!

أنـا: ذاك لأنك لم تفهم من الدمعةِ وسقوطها على الوجنة، والسهد وملازمته للجفون، والإطراق والتفكير وسيطرته على الإنسان، لم تفهم من كل ذلك إلا العشق، ولكني لستُ بعاشقٍ العشقَ الذي تعلمه ولا أرومه ولا أبحث عنه، وإنما أحب بطريقتي الخاصة، فأحب ما يظنه الناس القبح، وأهيم بما هو عندهم الشناعة والبشاعة كأوضح ما تكون، فاختلطت لديك الأمور ، فوجدت ملامح لوصف لا تعلم غيره ليوصف به وسحبته عليَّ جهلًا بما قد أكون عليه.

إن كثيرًا من الناس يعيشون من دنايهم كالأموات، فلا يفهمون من الحياةِ إلا نغمة الحادي، وقرع الكؤوس بالكؤوس، وركوب أفخم المركبات، ومخادنةِ أجمل الحسان، والنوم على الفراشِ الوثير الناعم، فإذا ما فارقوا شيئًا -ولو يسيرًا -من هذا،نجد الحزن يسيطر عليهم ، فتصبح الدنيا مظلمةً سوداء، حتى أصبح كل من يبكي ويتألم شبيهًا أو ذا صلة بهؤلاء..ولذا سألتني سؤالك الأول .
إن الدنيا مملوءة بكثيرٍ من الأشياء والبشر والبؤساء والمنكوبين هم أحوج ما يكونوا إلى دمعة ، وطول تفكير، ودوام أرق، فإذا لم يكن بيدنا أن نحمل بعضًا من من لهيب النار إلى نعيم الجنة ، فلنبكِ على بؤسهم وما يقاسون، هو أقل ما نقدمه. لنفعل ذلك ولو للحظات، ولنعد إلى دنايانا نضحك ونغني، على الأقل حتى تكون أشبه بالزكاة والضريبة لنعش بعدها ولو قليلا دونما تأنيب ووخز ضمير.