ظاهرة خطيرة و سلوك مشين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
أنه من المحزن جداً ، أن ترى أحفاد الصحابة وابناء الجزيرة مهبط الرسل والرسالات ، يتناقلون خبر الغش في الإمتحانات وكأنة حق من حققوقهم ، بل وقد تعجب من انتكاس الفطر عند بعض الطلاب، فيرمي من لم يغش بأنه معقد ومتخلف وجامد الخ.. تلك الألقاب. و لربما تمادى أحدهم فاتهم الطالب الذي لا يساعده على الغش بأنه لا يعرف معنى الأخوة ولا التعاون.
أنه سبب لتأخر الأمة، وعدم تقدمها وعدم رقيها، و ذلك لأن الأمم لا تتقدم إلا بالعلم وبالشباب المتعلم، فإذا كان شبابها لا يحصل على الشهادات العلمية إلا بالغش، فقل لي برأيك: ماذا سوف ينتج لنا هؤلاء الطلبة الغشاشون؟
أخي الكريم:
تذكّر قول الرسول صلى الله عليه و سلم: «من غش فليس منا» رواه البخاري. لاحظ أن الرسول قال: «من غش» ليشمل كل صور الغش، كبيره وحقيره، في المواد الشرعية أو الأجنبية، فكل ذلك داخل في الحديث. فهل ترضي أن يتبرأ منك النبي صلى الله عليه و سلم؟ أي خير ترتجي إذا تخلّى عنك الرسول صلى الله عليه وسلم وأعلن البراءة منك؟ تذكّر أنك بمجرد أن تفكر في الغش فقد تخليت عن أهم صفة يجب أن تتحلى بها في هذا العلم، ألا و هي الإخلاص لله؛ وذلك لأنك بتفكيرك في الغش؛ يكون همّك هو الدرجات والشهادة فقط، وهل تدري أي خطر في هذا؟
أنك جعلت الله أهون الناظرين إليك.
نعم، جعلت الله الذي {يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} أهون من المراقب.
كم من طالب لو وقف المراقب بجواره لأصبح قلبه يرتجف، وأوصاله تضطرب، والعرق يتحدر من جبينه. ولكن إذا ابتعد المراقب جاءت النظرات، وجاءت المحاولات للغش والخداع.
أو ليس حاله يقول:
يا رب أنت عندي أهون من هذا المراقب.
يا رب أنا أخشي المراقب أعظم وأكثر منك
تذكّر
أن الشهادة التي تحصل عليها والتي سوف تتوظف بها هي شهادة مزوّرة، وبالتالي فسوف يكون الراتب الذي تأخذه حراماً
وهنا نقطة لا بد من التنبيه عليها:
ألا وهي أن بعض الطلاب يقول: أنا لا أغش، ولكن أغشش غيري، وهذا أهون.
فأقول: لا والله ليس بأهون بل هو أخطر. فإنك إذا غششت ثم تبت فإنك سوف تصحح شهادتك، لكنك إذا غشّشت غيرك، ثم تبت أنت من ذلك، فأني لك أن من غششته سوف يتوب، أنّى لك أن تصحح شهادته، أنّى لك أن توقف أكله للحرام.
فيا أخي الكريم:
عليك أن تراقب الله قبل كل شيء، وأن تعلم أن روحك التي بين جنبيك بيد الله، أنفاسك التي تتردد في صدرك هي بيد الله، فاتق الله ولا تجعل الله ينظر إليك وأنت تعصيه.
أسأل الله أن يحمينا من الغش والخيانة، وأن يأخذ بنواصينا لما يحب ويرضى.
|