08-08-2008, 04:04 PM
|
#2
|
تاريخ التسجيل: Mar 2008
التخصص: Biochemistry
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: الثامن
الجنس: أنثى
المشاركات: 2,729
|
مشاركة: طروس ملحمية!!
الطرس الرابع
(( في جسمي شيء.. كل خمس من الثواني يقول طيط !! ))
بعد 8 شهور من إصابتي بمرض السكري..
اكتشفت السر الخفي الذي تربص بي، وأحال حياتي إلى جحيم!
وفي الحقيقة:
توقعت أن أصاب بالديزنطاريا أوالبلهرسيا أوجنون البقر..
ولم يدر في خلدي أو أفكر – مجرد التفكير- في أن أصاب بالسكر!
فمن هم في عمري يكونون – في الغالب – تعدوا مرحلة الإصابة بالسكر.
وتاريخي الوراثي يخلو من جدي السابع عشر من الإصابة بهذا المرض!
ولكن ... قدر وكتب.
هنا بدأت في أولى مراحل العلاج..
وقبل ذلك تشكلت لي أزمة في كيفية إخبار والدتي – متعني الله ببرها –
بخبر إصابتي بالمرض..
فمنذ وفاة رفيق روحها، وحبيب قلبها والدي – رحمه الله – وأنا أتحاشى أي لحظة (انفعالية) بيني وبينها..
فقد كنت من أبلغها بوفاة أبي ..
ولم يعد في قوس صبري منزع لنائبات الدهر ومصائبه.
كانت الوالدة قلقة جدا على حالتي..
ولم تكن تعلم باتجاهي إلى ذلك المختبر صبيحة أول يوم رمضاني.
عدت إلى المنزل..
وقد زورت في نفسي (إكليشة) مسبقة.
وسبحان من أعطى (قلب) الأم ذلك الإلهام؛ فقد استشفت بمجرد إقبالي عليها أن في الموضوع (إن وكان وأبناء العمومة)!
قالت – ولازلت أتذكر تلك اللحظة -: قل لي ماذا تحمل، فقد أوكلت أمري إلى الله !
قلت: مجرد اشتباه بمرض السكر..
فلم يزل لسانها رطبا بـ ( إنا لله وإنا إليه راجعون).
لم أشأ أن أطلعها على حالتي بشكل مباشر..
وإنما ليأخذ الأمر مساره التدريجي، فحتى – أنا – لاأعلم ماذا ينتظرني!
وأمر طبعي .. أن الخبر يبدأ في الانتشار.
وخاصة جدتي حينما علمت بنبأ الإصابة.. أقبلت تحضنني وتقول باللهجة ( الدير زورية ):
(( شكون ياولو.. انطوك علاج تاخدو والا مابيه ))
فقلت لها: يايوه.. هات ماعندك من المحاشي والكبة .. فقد آن آوان وداعها
وبالفعل كانت مناسبة شرفية.. لتوديع مالذ وطاب من أيام العز الملحمي.
كانت وجهتي العلاجية إلى مركز تقويم مرضى السكري بمستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي..
عند الأخ الفاضل د. خالد الربيعان.
في المركز..
تم تحويلي على طبيبة باكستانية تتولى متابعتي العلاجية..
كانت البداية هي في تشخيص المرض..
هل أنا أحمل النوع الأول أم النوع الثاني من مرض السكر..
فالأول يسمونه سكر الأطفال، وهو يعتمد على حقن الإنسولين..
وغالبا مايصاب به المريض منذ ولادته، ويكون البنكرياس (مودع) ولايفرز الإنسولين بشكل نهائي.
أما النوع الثاني فهو شائع بنسبة كبيرة جدا.. لأصحاب (الكروش) والهضاب (المترجرجة)
وهو الذي يعتمد على الحبوب والحمية الغذائية، وغالبا ماتتم الإصابة بالمرض من بعد سن 35!
طبعا كانت الطبيبة في حيرة من أمرها..
فعمري آنذاك (22) عاما.
سألتني: هل في العائلة أحد مصاب بالمرض؟
قلت: أبدا أبدا.. لا من جهة الأب ولا من جهة الأم.
قالت: وضعك صعب!
ولكن عموما.. خذ هذه الحبوب وأجري تحليلا للدم لفترة الثلاثة شهور الماضية حتى نعرف نسبة السكر عندك.
وقاموا بزرع جهاز غريب في جسمي..
حتى شككت في أنهم يتجسسون علي ( ماذا آكل .. وماذا أشرب)
فقد ثقبوا بطني – حسبي الله عليهم –
ومدوا فيه (لي) يشبه لي جدي أبو عزيز يوم كان يحفزنا للصلاة..
وتم وصل الجهاز بنهاية اللي..
وكل 5 ثواني .. يقوم الجهاز بإعطاء إشارة بصوت يجعلك تترحم على أيام (البيجر)
طبعا الجهاز مهمته تسجيل قراءات نسبة السكر في الدم خلال مدة الاسبوعين التي اتلقى فيها العلاج الأولي.
طبعا.. قمت بتناول (الحبوب المحفزة للإنسولين) لمدة اسبوعين..
وأما الجهاز فقد (فشلني) في كل مجلس أو لقاء أو جلسة أو محل أو مطعم..
حتى الناس من حولي بدأوا (يوسوسون) في انفسهم .. ومن مصدر الصوت!
وأحمد ربي أن صوت الجهاز هو مجرد (رنة) وليس صوتا آخر يبعث الريبة والالتفاتات يمنة ويسره..
وكل من جلس معي أو شاهدني.. وسمع الصوت:
قال : سلامات عسى ماشر؟
والآخر الذي يقول لي .. عندك طفولة متأخرة ياياسر، أجل الله يهديك حاط (لعابيب – جمع لعبة) بجيبك؟
ويالله.. حلوني وفكوني وأطلقوني من هذه العقدة التي استمرت معي اسبوعين..
كل 5 ثواني.. طيط .. طيط .. طيط !!
حتى بعد نزعي للجهاز ..
لم يزل صوته يرن في عقلي الباطن، حتى وجدت صعوبة بالنوم من غير أن استمع لتلك المعزوفة(الطيطية)
طبعا:
لم يتغير في حياتي شيء يذكر..
فانا أتناول الحبوب حسب الجدول والوصفةوالأعراض هي هي.. من (اللي أنتم خابرين)
وكأنك يابو زيد ماغزيت.
أما التحليل فقد أسفر عن أن متوسط نسبة السكر في دمي خلال 3 شهور الماضية تبلغ ( 450 ) !!
عدت إلى سماحة الطبيبة الباكستانية حسب الموعد..
ومن سوء حظي.
قالت لي: أخلع حتى نكشف على أطرافك وآلية عمل الأجهزة الحيوية في جسمك..
فخلعت..
وبمجرد خلعي.. دخل (جروب) لم أستطع أن أحصيه من أخواتنا المتدربات في كلية الطب
فعلت خشتي حالة من الذهول..
وأنا أنظر إلى الطبيبة.. ولسان حالي يقول: وش السالفة ياجماعة؟
طبعا في تلك اللحظات تحولت إلى فأر تجارب مخبري..
وهذه آخرتها !!
فضلا عما يطرق مسامعي من همهمات وهمسات تشتت تفكيري..
اللي تقول: سلامات..
واللي تستلكع وتقول: والله ماتستاهل!
واللي تستذكي وتقول: أنا يادكتورة أبي أفحصه!!
والله خوش متدربات آخر زمن..
المهم:
بعد التيقن بأن كافة أطرافي وأعضاء جسمي سليمة 100%
قررت الدكتورة بعد قمة تشاورية مع أعضاء المركز..
أن إصابتي بمرض السكر هي من النوع الأول وليس الثاني..
بمعنى:
أني سأحقن نفسي بإبرة يوميا مرة أو مرتين..
ولكنهم لايعرفون كمية الجرعة التي سأقوم بحقنها في جسدي الغض الطري..
لذلك سأبدأ تدريجيا.. حسب القوانين والأعراف الدولية لنادي الحلوين..
ولي مع الإبرة حديث ذو شجن وأشجان..
فمن منا في – أدبيات الإرهاب الاجتماعية – لم يخوف بصغره بإبرة الدكتور قط؟
فكيف وأنت (تبط) نفسك بنفسك؟
هذا غيض من مشاعر .. أطرحها بين يديكم في ثرثرة طرس قادم.
واستروا ماواجهتم
.................
يتبع بإذن الله ... 
|
|
|
|
|