[فاقدة أبوها]

:: رمضان غيرني ::


الحمد لله الذي تفضل على عباده بنعمة الإيمان,وجعل الصيام أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام ,
والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد ابن عبد الله خير من صلى وصام ,وعلى آله وصحبه الكرام ,والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد :

فإن شهر رمضان من أعظم القرب، والأركان، وله من المزايا والهبات ما يعجز البيان عن ذكره، ويَكَلُ القلم عن عده، وفي هذا الموضوع لن يكون حديثي عن فضله وشرفه،
ولن يكون عن أحكامه وفقهه، ولا عن سننه وآدابه، بل عن درس عظيم من حِكَمِهِ وهو

... التغيير...

في هذا الشهر المبارك تحدث تغييرات حقيقية في مسيرة الحياة,ما إن يدخل رمضان حتى يطرأ على الكون كلّه في السماء والأرض تحولات كثيرة ففي السماء تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتفتح أبواب السماء ,وفي السماء ينادى يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ,وفي الأرض تصفد الشياطين ,

هذا التحول في الكون ماذا يقابله عندنا؟
إن التحول يقتضي تحولاً وإن التغيير يقتضي تغيرا!
هل يمكننا أن نغير من أحوالنا ، ونحسن من أوضاعنا ،
فنفكر في مآلنا ومصيرنا بعد فراق حياتنا ، فنمهد لأنفسنا قبل عثرة القدم ، وكثرة النـــدم ، فنتزود ليوم التناد بكامل الاستعداد .
هل سنغير من أنفسنا في رمضان أم سنبقى كما كنّا عليه !

هل وضعنا خططاً ليكون رمضان 1431 غير!

ما هي خطتك لتحقيق هدفك؟؟ كيف ستقضي وقتك؟؟ أم انك ستضيع وقتك وتنسى أن وراءك هدف تسعى إليه؟؟

هذه خطوات بسيطة تعينك على استغلال شهر رمضان المبارك ليكون رمضان 1431 فرصة لتغيير نفسك للأفضل وهي أفكار عامة للجادين تشتمل على المضمون فقط بدون التفاصيل وذلك لأن كل فكرة تحتاج إلى مؤلفات لشرحها وتفصيلها وقد قسمتها إلى ثلاثة أقسام:
منها ما نقوم به قبل رمضان,وفي رمضان,وبعد رمضان

فممّا هو قبل رمضان :

1- تعظيم أمر شهر رمضان واستشعار نعمة الله تعالى بأن منّ علينا بهذا الموسم العظيم ,والتهيئة الشرعية للشهر المبارك من خلال معرفة أحكام الصوم وأركانه وواجباته ومفطراته ومبطلاته وسننه ومستحباته,واستشعار أنها أيام معدودات ستنقضي فلنفز بها.

2- لنعلم أن رمضان فرصة للتغيير لما حصل فيه من الأحداث التي غيرت مسار التاريخ ، فأكبر المعارك الفاصلة في تاريخ الأمة كانت في شهر رمضان كغزوة بدر وفتح مكة والقادسية وعين جالوت ونزول المسلمين ساحل الأندلس وفتح جزيرة رودس
ومعركة نهاوند وفي العصر الحالي حرب العاشر من رمضان ,فرمضان فرصة سانحة وغنيمة جاهزة ، لمن أراد التغيير في حياته فالأسباب مهيأة ، والأبواب مشرعة وما بقي إلا العزيمة الصادقة ، والصحبة الصالحة ، والاستعانة بالله في أن يوفقك للخير والهداية .

3- العزم على التغيير,وهو يبدأ من النفس ومطلوب فيه الجهد البشري{..إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ..}

4- لا يتحقق التغيير إلا بقوة الإرادة ,يقول الدكتور علي بادحدح (بقدر ما تقوى الإرادة يضعف سلطان العادة )

5- لا بد من أن يكون لك هدف واضح تريد الوصول إليه ، تعيش من أجله ، وتجعله نُصب عينيك ، ولا شك أن أعظم وأسمى هدف يسعى إليه المؤمن في هذا الشهر الكريم أن يعتق الله رقبته من النار .
6- أن نضع في الإعتبار أن رمضان هذا العام قد يكون آخر رمضان لنا, فلنحرص على تجديد التوبة كل يوم,يقول النبي صلى الله عليه وسلم (يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة )

7- الإستعداد النفسي للشهر المبارك وذلك بسماع المحاضرات المبينة لفضل هذا الشهر المبارك وفضل الصوم
والصائمين والقراءة عن حال السلف في رمضان .

8- العلم بأن شهر رمضان ميدان للمنافسة بين المسلمين فكما أننا في الجامعة نحرص على النجاح والفوز بالمراتب الأولى
فليكن هذا حالنا في رمضان فلنكن من السباقين وليكن شعار كل واحد منّا
لن يسبقني إلى الله أحد

9- أخيراً :اعلم أنك إن لم تتغير في رمضان فإنك لن تقدر على التغيير أبداً .



والآن بعد أن عزمنا على التغيير وتهيأنا له فهذه بعض الخطوات العملية التي تساعد على التغيير :

1- الإخلاص ثم الإخلاص ثم الإخلاص فالله تعالى أغنى الأغنياء عن الشرك ومن عمل عملاً أشرك فيه غيره تركه وشركه .

2- المحافظة على الصلوات الخمس والتراويح والسنن الرواتب والنوافل والحرص على الخشوع في الصلاة (هناك برنامج باسم كيف تتلذذ بالصلاة يمكنك تحميل حلقاته من الانترنت يساعدك كثيراً في ذلك)فرمضان هذا العام فرصة لك لتغيير صلاتك للأفضل .

3- إعداد جدول لقراءة القرآن الكريم وتدبره بما يتوافق مع انشغالاتك وأعمالك ويحبذ اقتناء أحد كتب التفسير الميسرة لشرح الآيات ولتكن قراءتك للقرآن بفهم ووعي وتدبر والحرص على ختم القرآن الكريم أكثر من مرة فرمضان هو شهر القرآن.

4- الحرص على الصيام الصحيح ومعرفة الحكمة من الصيام,يقول الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
فالعلّة هي التقوى وهي مُراد تغييرنا.

5- الحرص على الصدقة اليومية ولو بأقل القليل ومن الممكن تجميعها ثم إخراجها في يوم الجمعة من كل أسبوع
قال صلى الله عليه وسلم :{ ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما:اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفاً }

6- اغتنام العشر الأواخر وعدم تضييعها في التسوق والتحضير للعيد فمن الممكن تأمين احتياجات العيد مبكراً لاستغلال هذه الليالي العظيمة.

7- تحري ليلة القدر والحرص على قيامها فهي ليلة عظيمة لا تعطى لأي أحد
8- صلة الأرحام والسؤال عنهم وتفقد المحتاج منهم .

9- الحرص على إصلاح أي خصام بينك وبين أحد من الناس فرمضان فرصة عظيمة للتسامح وصفاء النفوس .

10- القيام بالعمرة إن تيسر ذلك فهي تعدل حجة أو حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم.

11- الحرص على ترك العادات السيئة مثل الكذب والغيبة والسخرية وسماع ما حرم الله.

12- المشاركة في تفطير الصائمين لكي نشاركهم أجرهم ونكون كمن صام مرتين.

13- عمل برنامج توعوي لأفراد العائلة بوجوب التغيير أو إلقاء كلمة في المسجد لمن يستطيع ذلك.

14- الدعاء لنفسك ولأهلك ولا تنسى إخوانك المسلمين المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها.

15- عمل هدنة مع وسائل الإعلام أو الإكتفاء بالبرامج الهادفة التي ترفع من الهمة وتحفزك للقيام بالمزيد من الطاعة.

وسائل الثبات بعد رمضان :

1- دعاء الله تعالى أن يثبتك على ما كنت عليه وأن ييسر لك وسائل الثبات.

2- المحافظة على الصلوات الخمس .

3- تخصيص ورد يومي لقراءة القرآن الكريم ولو صفحة واحدة يومياً.

4- المحافظة على الإستغفار و أذكار الصباح والمساء والنوم وأدبار الصلوات.

5- تخصيص وقت يومي -لو دقيقتين-للدعاء فهو مخ العبادة.

6- الحرص على النوافل ولو القليل منها فإن أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل.

7- سماع المحاضرات الإسلامية والخطب والمواعظ من فترة لأخرى فهناك حكمة رائعة تقول (أحيي قلبك بالموعظة).

8- البعد عن كل ما يوردك طريق المعصية كالقنوات الخليعة والمواقع الماجنة.

9- الحرص على مصاحبة الأخيار الذين يعينونك على الخير والبعد عن صحبة السوء .

10- إذا تهت عن الطريق فعد من جديد وتب إلى الله فإن الله لا يمل من توبة عبده.


أخــــــيــراً:

هذا رمضان فرصة للتغيير... فهل ستستشعر هذه الفرصة؟
وهل ستستغلها أحسن استغلال؟ وهل ستغير فيه ما كنت تعاني منه في أيامك الخوالي؟

إن كنت من الجادين في رغبتهم، والصادقين في إرادتهم فهذه الفرصة بين يديك، وهذا الشهر مقبل عليك؛

وإلا فستعضّ أصابع الندم، وتبكي الدم على خير فوته، وأجر ضيعته،ونعمة فقدتها، قد لا تعود عليك، فاغتنم أيامك، وسارع في تغيير ذاتك، فإن العمر أنفاس ما ذهب منه فلن يعود...

ولنعلم أن صلاح الفرد ينعكس على الأمة، وما الأمة إلا أفراد، ورب أفراد كانوا أمة بصلاحهم وإصلاحهم..

وفي الختام أقول :

والله ما أكرم الله أمّة من الأمم كما أكرم أمّة محمد صلى الله عليه وسلم بهذا الشهر المبارك,
ذنوب مغفورة,وذنوب مستورة ,وأجور مضاعفة,وعتق من النار,فطوبى لمن اجتهد وأصاب وويل من لمن طرد عن الباب!

نسأل الله تعالى أن يبلغنا وأهلينا الشهر المبارك ونحن في أتم صحة وحال,
وأن يجعلنا فيه من المقبولين وأن يعيننا على الصيام و القيام وتغيير أنفسنا للأفضل وأن يكون
رمضان 1431 شاهداً لنا لا علينا,
وأن يجعل جميع أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ,


أتمنى أن يكون بهذا الموضوع من الفائدة ما ينفعكم وان أصبت فمن الله وحده وان أخطأت فمن نفسي والشيطان.

وسلام على المرسلين,
والحمد لله رب العالمين.

جمع وترتيب : فاقدة أبوها