: اسبرسو لو سمحت .. ؟! ...
: تفضل ..
: شكرا جزيلا ..
محادثة بسيطة دارت بيني وبين الكاشير المهذب في أحد مقاهي مدينتي الجميلة جدة ... كنت بعدها
أستمتع بلذة مشروبي المفضل دائما .. وبينما كنت أنتظر انتهاء سطوة أخي الأكبر محمد على
الصحف لكي أتابع ماحل في عالمنا وأنطلق لآفاق أخرى مع كتابي المفضلين ... وقعت عيناي
على عامل النظافة الذي كان يكنس الشارع القريب منا .. فقلت لنفسي متسائلا (( ومحاولا
لملئ وقت الانتظار الرهيب )) : ما قيمة هذا الرجل في نظر أبسط شخص من مجتمعنا ؟؟
وهل ينظر لعمله نظرة التقدير ؟؟ وهل يعتبر ما يقوم به شيئا يساعد على نهضة وطننا ؟؟
&& تساؤلات جعلتني أنشغل حتى عن متابعة عملية استئصال الصحيفة الموقرة من أيدي أخي ..
فجعلتني أدير عقلي محاولا إيجاد الأجوبة ..
&& نعم .. هل له قيمة ؟؟
&& تذكرت في تلك اللحظة موقف معلمنا الأعظم نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما
غضب لأن صحابته لم يخبروه بموت المرأة التي كانت تقم ( أي تكنس ) المسجد إلا بعد أن سأل
عنها.. وقال صلوت الله وسلامه عليه : دلوني على قبرها .. فذهب وصلى عليها ودعى لها ...
&& لكن أسئلتي السابقة تلاشت أمام السؤال الأكبر الموجود أمامي .. والذي يستدعي منا
التأمل والتفكير .. لماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ؟؟ وكيف أستطيع أنا كطالب
سنة تحضيرية أن أجعل من هذا الموقف دافعا لي نحو العمل ؟؟ وهنا مربط الفرس ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
&& وبعد مدة من التفكير والتأمل .. استطعت قراءة الرسائل المخفية بين سطور ذلك الموقف
العظيم (( وبردت قهوتي وهذا شيء مؤكد !!
)) .. فأحببت أن أناقشها معكم فأستفيد من
طرحكم وزاوية رؤيتكم .. وآملا أن نستفيد منها جميعا ...
&& (( ما تقوم به أمر مهم )) .. (( ما عملته شيء يستحق التقدير )) ..
(( هي مهمة )) .. (( كل عمل بناء وإيجابي ولو كان بسيطا يستحق منا الدعم )) ... هذه
هي الرسائل التي كانت كامنة في ذلك الموقف الرائع .. والتي تدعونا إلى الى العمل
ونحن مغمورين بالثقة بأن ما نقوم به من عمل مهما صغر .. هو مهم ...
&& بعد أيام من الآن ... ستبدأ السنة التحضيرية .. وسيرفع كل واحد منا أشرعته معلنا
بداية إبحاره في بحرها .. ممتلأ أملا بالوصول لشاطئ الأمان في الضفة الأخرى .. وعازما
على العمل للارتقاء بمجتمعنا ووطنا لمراتب أعلى وأرفع .. ولكن !!
لوخالج أي شخص منا على متن مركبه ذلك الشعور القاتل .. بأن ما يقوم به من أعمال لا تهم !!
فهل تتوقع أن يستمر بالعمل ؟؟ .. أو بصورة أخرى هل ترى بأن مستوى الجودة في العمل سيكون
بنفس تلك الجودة التي يقدمها شخص آخر يحس بأن عمله له أهمية وقيمة في مجتمعه ؟؟
&& أظن أننا متفقين أن الإجابة هي .. لا بالطبع((أو سيكون الاسبرسو ضاع على الفاضي!!)).
&& ما أريد أن أصل إليه بعد هذه القصة الماراثونية عن أفكاري وتأملاتي (الشكسبيرية !!)
هو أن ما سنبذله إن شاء الله من جهد (( في السنة التحضيرية)) العام المقبل هو في غاية
الأهمية ... أي أن انضباطنا في الحضور .. وتركيزنا في المحاضرات .. ومدوامتنا على
المذاكرة .. ومشاركتنا بفعالية في الأنشطة والفعاليات .. سيصنع منا أفراد ناجحين .. وما رقي
المجتمعات وتطورها ونموها إلا بهذه الفئة من الناس ...
&& لنتذكر كل صباح عندما نستعد للذهاب للجامعة بأن ما نقوم به أمر مهم .. لنستشعر
تلك الأحاسيس بأن ما نفعله هو شيء مؤثر في رقي مجتمعنا ووطننا كل ما فتحنا الكتاب لنذاكر ..
لنزرع في أنفسنا ذلك الاعتقاد الرائع بأن جودة أدائنا وعملنا في السنة التحضيرية وجميع سنوات
الجامعة هو عامل معتبر في دفع أنفسنا لأعلى سلم النجاحات .. وبالتالي رفع وطننا ومجتمعنا .
&& لنبتعد عن ذلك المفهوم المسموم والمثبط ..بأننا مهما عملنا فسنظل (( طلاب تحضيري )).
&& أخواني .. أخواتي .. أعتذر للإطالة .. لكنني وددت أن نذكر أنفسنا بأن وطننا يعتمد علينا ..
بأننا الأمل .. وبأن ما سنقوم به السنة القادمة يلعب دورا مهما في رفعة بلدنا الغالي ..
&& الجميع يعتمد علينا .. وطننا كذلك .. أرجوكم لنتذكر ذلك .. فقيمتنا عالية .
تحيــــــــــــــاتي ,,,
عبدالرحمن بن عبدالله الجميلي ...