الخشوع أم الكثرة في العبادة
الشيخ سلطان العمري
أحياناً ننشط لبعض العبادات و تدفعنا النصوص و الشوق للحسنات إلى مزيد من الاجتهاد في العبادات
و قد ننسى أن العبرة في العبادة ليس كثرتها و طول المدة الزمنية لها كصلاة القيام مثلاً ، أو ختم القرآن و كثرة الصدقات
و إنما العبرة في التعبد هو " حال القلب في العبادة " و مدى حضور الخشوع و التأثر القلبي
و النصوص تقرر ذلك و تؤكده قال تعالى : { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } [الملك:2]
و قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا } [الكهف:30] و لم يقل " أكثر "
قال ابن القيم في تقريره لذلك : " و كذلك صلاة ركعتين يقبل العبد فيهما على الله تعالى بقلبه و جوارحه
و يفرغ قلبه كله لله فيهما أحب إلى الله من مائتي ركعة خالية من ذلك ، و إن كثر ثوابها عدداً "
و قال : " و لهذا يكون العملان في الصورة الواحدة و بينهما في الفضل بل بين قليل أحدهما و كثير الآخر في الفضل أعظم مما بين السماء و الأرض"
و قال : "و الأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان و المحبة و التعظيم و الإجلال
و قصد وجه المعبود وحده دون شيء من الحظوظ سواه حتى تكون صورة العملين واحدة و بينهما في الفضل ما لا يحصيه إلا الله تعالى " ( المنار المنيف 20-26 )
و لعل تقرير ابن القيم واضح لمن كان له فقه في مراتب الأعمال و له دربة في تمييز العبادات
فلتكن حريصاً على
إتقان الأعمال و جودتها من ناحية حضور القلب و خشوعه مع المتابعة الظاهرة لما جاء عنه صلى الله عليه وسلم