اقتباس من مقال "فرجينياا وولف رائدة تيار الوعي في الروايه الوصفيه"
الكاتبه : هدى انتيبيا تقول:
.......وفي تلك المرحلة من العطاء الادبي تندلع الحرب العالمية الاولى لتصاب«فيرجينيا» التي تعاني من انهيارات عصبية منذ مراهقتها - باضطرابات نفسانية جديدة مع محاولة الإقدام على الانتحار.. تعجز«فيرجينيا» آنذاك عن تحمل القصف الليلي والغارات المكثفة والعزلة التي نشأت في المجتمع البريطاني نتيجة الحرب وانشغال الناس في إعداد الملاجىء.. تؤرقها فكرة الموت تحت القنابل وانها قد لاتنجو من مآسي تلك المحنة مع اقترابها من سن الستين..وبعد شهرين من وفاة «جيمس جويس»-وكانت من أكثر المعجبين بأدبه- تستجيب «فيرجينيا وولف» لنداء اعماق المياه التي طالما صخبت رواياتها بأمواجها المتلاطمة . الرقص مع تيار الوعي تمتد أحداث أهم روايات «فيرجينيا وولف» :
«السيدة دالواي» -ونشرت 1925- خلال نهار مشمسٍ وصباحٍ من أيام حزيران حين تخرج«كلاريس دالواي» من مسكنها وتتوجه الى السوق لشراء أزهار تزين بها منزلها استعداداً للحفل الذي سيقام في الدار مساءً تستغل تلك المناسبة لتقوم بجولة في أحياء لندن..ترافق الاديبة بطلتها في أنحاء متفرقة من العاصمة البريطانية تسجل المشاهد التي تقع تحت أنظارها خلال تلك الجولة والمشاعر التي تنتاب«كلاريس» بعد ظهر ذاك اليوم غير الممطر( من الأيام النادرة في جزيرة الضباب) من فصل الربيع.. تلتقط آنذاك مخيلة«السيدة دالواي» صورة«بيتروالش» صديق طفولتها وطالما حلمت بالزواج منه..وها هو يعود من الهند كما تردد أروقة صالونات لندن.. تستعيد«كلاريس» ذكريات المراهقة في منزل والديها وصخب أولاد الجيران ورفاق المدرسة ولكن ذلك لايمنعها من متابعة مايجري في السوق من حركة شراء وبيع و.. فكلاريس تحب الحياة في تقلباتها ومتغيراتها وليتابع السرد الروائي ترحاله بين الماضي والحاضر:ذكريات الطفولة والمستجدات الطارئة على الأحياء التي تعبرها«السيدة دالواي» فها هي تراقب حركة السير التي ينظمها الشرطي قبل أن تجتاز الطريق المؤدية الى المحال التجارية حيث لاتتوقف عملية المفاصلة والحوار بين الباعة والزبائن على امتداد النهار هذا في حين تعبر سيارة مسدلة الستائر الشارع المزدحم بالمارة تدفع كلاريس للتساؤل : هل هي لفرد من أفراد الأسرةالملكية ؟ تصل «مسز دالواي» الى حديقة«كينسيغتون» لتصطدم بزوجين أصابهما الهلع لدى رؤيتها.. تقفز في تلك اللحظة الى مخيلتها مقتطفات من حياة هذا الرجل ويدعى «سيبتيموس وورن سميث» وزوجته الايطالية«لوكريزيا» وكان الشاب قد شارك في الحرب العالمية الاولى بحماس واندفاع قبل أن يعود الى وطنه إثر إصابته بانهيار أعصاب وخيبة أمل.. ليبدو لمعارفه غريب الأطوار ينظر الى من حوله من خلال زجاج نافذة مغبرة ..أما لوكريزيا- وتعمل مصممة أزياء- فحاولت بشتى الوسائل إنقاذه من صدمة أودت به الى حافة الجنون.. وسرعان ما تستأنف «كلاريس» جولتها قبل أن تطوي رحالها وتتجه الى منزلها وقد تلاطمت المشاهد في مخيلتها: صور الحرب ومآسيها من جهة والحياة في استمرارها اليومي عبر نبض الشارع من جهة اخرى.. تبدأ «السيدة دالواي» إعداد المنزل وترتيبه للمناسبة السعيدة وهي مستغرقة في أفكارها حين يطل السيد«بيتر» صديق الطفولة.. فتهتز مشاعر «كلاريس» لدى رؤيتها الرجل عندما تدخل ابنتها«إيليزابيت» وهي شابة ذكية وجميلة فتنقذ الموقف وتدفع«بيتر» للانصراف.. وتعتبر الحسناء «إيليزابيت» الشاغل الأول لوالدتها التي تتساءل كيف تقيم فتاتها علاقة صداقة مع الآنسة«كيلمان» المثقفة التي لم تتزوج لإيمانها بأن الله اصطفاها للتعبد والتصوف؟! وترى فيها «كلاريس» المحرض الاول على انصراف ابنتها عن حياة الترف والتبرج لاعتناق حياة النسك والتواضع..ورغم متابعتها لأعمالها المنزلية إلا أن«السيدة دالواي» تسيطر بأفكارها وتحركاتها على الشخصيات التي تحوم حولها مع حلول العصر واقتراب موعد الحفل المسائي. فها هو«بيتر» الذي عاش في جوهرة التاج البريطاني:«الهند» ينغمس في أجواء لندن حيث ذكريات الحبيبة لاتزال تؤجج نيران عشقه المكبوت فهو يحسد زوج«كلاريس» المدعو«ريتشارد دالواي» على سعادته قرب هذه المرأة المتعددة المواهب.. وكان «ريتشارد» في تلك الساعة يشارك في اجتماع سياسي لدى «ليدي بروتون» وما أن يخرج من منزل «الليدي بروتون» حتى يشتري لزوجته باقة من الورد يعبر لها عما يخبئه في قلبه من حب واعجاب بشخصيتها.. وفي تلك الأثناء تذهب «إيليزابيث» برفقة صديقتها الى مخزن كبير لشراء هدية لوالدتها على هامش الاحتفال الذي ينتظره الجميع.. وما أن تزف الساعة حتى يطرق«بيتر» باب دار حبيبته السابقة ليخبرها انه اليوم صديق اسرتها ليس إلا.. يتعرف خلال تلك الزيارة على «سالي سيتون» زميلتهما في المدرسة التي اقترنت بتاجر من«مانشستر» وأصبحت اماً لخمسة اطفال فيجلس بالقرب من «ريتشارد» يحادثه في شؤون المستعمرة البريطانية : الهند.. حين تدخل «ليدي بروتون» برفقة ايليزابيت وطبيب الاسرة الذي يخبر المجتمعين نبأ انتحار «سيبتيموس» بعد أن فشل هذا الاخير في استعادة توازنه الطبيعي، يستيقظ الجميع من أحلام يقظتهم فيعمدون إلى تقديم الشكر «للسيدة دالواي» التي منحتهم فرصة الشعور بالسعادة... وتنتهي الرواية التي نسجتها «فيرجينيا وولف» على هيئة معزوفة موسيقية
لمشاهدة المقال و قراءته
زوروا
http://thawra.alwehda.gov.sy/_print_...20050718150703