عرض مشاركة واحدة
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 07-10-2008, 01:54 AM   #9

الراقي

‎SÉDUISANT

الصورة الرمزية الراقي

 
تاريخ التسجيل: Mar 2005
التخصص: Apporter de l'espoir
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: متخرج
الجنس: ذكر
المشاركات: 3,551
افتراضي مشاركة: يوم مشهود6/10/2008م

تكمله ..


ما حجم الضرر؟

من المستحيل تقريبا أن نحدد الآن حجم الأضرار بالضبط التي يمكن أن تنالنا من هذه الأزمة العالمية لأنها تعتمد على عدة عوامل متداخلة:
أولا: كيف ستنجح الإدارة الأمريكية في معالجة هذه الأزمة وإلى أي مدى؟ فهم السبب الرئيسي خلفها، وهم المتضرر الأكبر منها.
ثانياً: كيف ستتصرف الدول الأوروبية في مواجهة تلك الأزمة؟ فهم المتضرر الثاني منها، ولديهم وسائل دفاعية جيدة أمامها يمكن استعمالها الواحدة تلو الأخرى .
ثالثاُ: كيف ستتصرف بقية دول العالم وتتعاون فيما بينها لتحصين مؤسساتها المالية ضد آثارها المدمرة؟
فليس هناك دولة في العالم محصنة بالكامل ضد هذه الأزمة، إلا جزر الواق الواق التي ليست لها علاقات اقتصادية أو مالية مع بقية العالم!! فالاقتصاد العالمي اليوم أصبح مثل الجسد الواحد، إذا أشتكي منه عضو، تداعي له بقية الأعضاء بالحمى والسهر، ولن ينام العالم ويهدأ إلا بعد أن تمر هذه الأزمة على خير إن شاء الله .
إن أكثر ما يقلق الاقتصاديين الآن هو أن تؤدي هذه الأزمة المالية إلى كساد عالمي حقيقي، حيث تفلس الشركات التي انخفضت أسعار أسهمها في البورصات العالمية، مما يؤدي إلى إغلاق بعض المصانع والشركات الكبيرة وتسريح العمال، أي انتشار البطالة على نطاق كبير في أمريكا وأوروبا، أي انخفاض الطلب الكلي على السلع والخدمات التي تقدمها الشركات الأخرى، مما يؤدي إلى انخفاض إيراداتها وبالتالي إفلاسها، وهكذا دواليك، كما حدث سابقا في منصف الثلاثينيات من القرن الماضي.
مثل هذا السيناريو هو ما يقلقني ويقلق جميع الاقتصاديين في العالم، لأن حدوث مثل ذلك الاحتمال سيعني كارثة اقتصادية عالمية لن ينجو منها أحد، لأن بترولنا، وهو المصدر الوحيد للدخل لدينا، يعتمد على الطلب العالمي، وإذا انخفض الطلب على البترول بسبب الكساد في كل دول العالم، فسينخفض السعر بدرجة كبيرة، بل ستنخفض أسعار جميع السلع والخدمات، لأنه لن يكون هناك مشتر، إذا كان ذلك المشتري عاطلا عن العمل وليس لديه ما ينفقه سوى على المأكل والملبس!!

النصف الممتلئ من الكوب

الكساد العالمي هو النصف الفارغ من الكوب كما يقولون، ولكن النصف الممتلئ من الكوب (أي النظرة التفاؤلية) هي أن الأزمة الحالية مازالت تعد أزمة مالية فقط، وليست أزمة اقتصادية، والحلقة المالية ما هي إلا حلقة واحدة في السلسلة الاقتصادية، وفي تقديري الخاص أن هذه الأزمة المالية الحالية لن تتطور لتصبح أزمة اقتصادية عالمية (كساد) بل إنه سيتم احتواؤها خلال الأشهر الستة أو السنة المقبلة، وذلك لعدة أسباب أهمها ما يلي :
* إن العالم اليوم ليس كما كان في الثلاثينيات من القرن الماضي، فنحن الآن أكثر علما ودراية بميكانيكية علم الاقتصاد وكيفية تحرك المتغيرات الاقتصادية، وأكثر سيطرة مما سبق ولدينا الوسائل الكفيلة بتجنيب العالم مثل ذلك السيناريو، إن صدقت الجهود ووضحت الأهداف.
* إن الحكومات الغربية اليوم ليست كما كانت في الماضي حيث تلعب دورا محوريا في تسيير دفة الاقتصاد، كما أن لديها كثيرا من التشريعات التي تضمن لها التدخل في وقت الأزمات.
* هناك كثير من الوسائل المالية والاقتصادية التي يمكن اللجوء إليها الواحدة تلو الأخرى للتغلب على الأزمة الحالية، ولكنها تستلزم التعاون ما بين الدول بعضها مع بعض.
* وجود المنظمات الاقتصادية العالمية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التسويات الدولي، التي لم تكن موجودة خلال الكساد العالمي السابق، التي يمكن الاستعانة بها في تقديم العون المادي والمعنوي المحايد لحل الأزمات العالمية بشفافية كاملة ومن دون محاباة لدولة على أخرى.

الخلاصة

حتى يمكن وضع حلول للأزمة الحالية التي عرفت أسبابها لابد من وضع حلول جذرية ودائمة وليست شكلية لمعالجة الخلل في النظام المالي العالمي الحالي، وزيادة الرقابة والشفافية في أعمال المؤسسات المالية وعدم تركها لأهواء ومطامع فئة محدودة من الماليين المتنفذين في دوائر المال العالمية، والحد من المضاربات الهوجاء على كل المنتجات المالية الحديثة التي أصبحت من دون ضابط أو رابط بحجة حرية السوق وعدم تدخل الحكومات في النواحي المالية والاقتصادية.
وقد يكون هذا درسا مناسبا لكل الدول التي كانت تقدس حرية السوق بعد فشل النظام الاشتراكي، وظنت أن النظام الرأسمالي الحر خال من العيوب، وأخذت تبشر به في أنحاء العالم، وتجبر الحكومات الأخرى على عدم التدخل في حرية الأسواق، ورأينا أن انعدام الرقابة والشفافية لا يقل ضررا عن تدخل الدولة في كل شيء.
والمطلوب الآن من الدول الخليجية إعادة النظر في علاقاتها المالية والنقدية مع أمريكا، فلم تعد أمريكا هي القوة الاقتصادية الوحيدة في العالم، فقد ظهرت قوي اقتصادية جديدة مثل الاتحاد الأوروبي، الصين، روسيا، الهند، والبرازيل، كما لم يعد الدولار بمثل قوته السابقة، ويجب أخذ تلك التغيرات بعين الحسبان كما يجب البحث عن سلة عملات لتحل محل الدولار، ونقترح أن تكون السلة من (الدولار، اليورو، الين، اليوان، الروبل) بنسب متساوية.
كما يجب على الدول الخليجية زيادة التعاون مع بقية دول العالم الثالث في المجالات المالية والنقدية من خلال المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حيث إنه من خلال هذه المنظمات سيكون لها قدرة أكبر على التأثير في اتخاذ القرارات المهمة، بدل أن تتخذ تلك القرارات في غياب أي تأثير أو تقدير لمصالحها الاستراتيجية.
لقد أصبح للدول الخليجية مصالح مالية متزايدة نتيجة تزايد الفوائض المالية التي تحققت لها خلال السنوات القليلة الماضية، ولا نريد لهذه الأموال أن تتبخر بسرعة تحت حرارة الأزمة المالية الحالية، التي لم يكن لنا يد فيها، ولكننا سنتأثر بها شئنا أم أبينا.

أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز - جدة

 

توقيع الراقي  

 

الحياة إما أن تكون مغامرة جرئيه ... أو لا شيء !


نحن نسقط لكي ننهض... ونهزم في المعارك لنحرر نصراً أروع..




الــراقـــي

 

الراقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس