إن التوبة إلى الله عز وجل هي وظيفة العمر التي لا يستغني عنها المسلم أبدًا،فهو يحتاج إلى التوبة كل يوم ، كيف لا وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفرالله ويتوب إليه في اليوم مئة مرة؟
* معنى التوبة :
التوبة لغة : من تاب يتوب ، إذا رجع .. وهي تدل على الرجوع .
أما شرعا : فمعناها الرجوع من معصية الله - تعالى- إلى طاعته .
وأعظمها وأجلها التوبة من الكفر إلى الإيمان : قال تعالى :
( قل للذينكفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) ( الأنفال : 38) ، ثم يليها التوبة من كبائرالذنوب، ويأتي في المرتبة الثالثة التوبة من صغائر الذنوب .
* وللتوبة شروط خمسة وهي :
أولا : الإخلاص لله تعالى : بأن يكون قصد الإنسان بتوبته وجه الله عز وجل وأن يتوب الله عليه ، ولا يتجاوزعما فعل من المعصية ، لا يقصد بذلك مراءاة الناس والتقرب إليهم ، ولا يقصد بذلك دفعالأذية من السلطان وولي الأمر .
ثانيا : الندم على ما فعل من المعصيةلأن شعور الإنسان بالندم هو الذي يدل على أنه صادق في التوبة ، بمعنى أن يتحسر علىما سبق منه ، وينكسر من أجله ولا يرى أنه في حل منه حتى يتوب منه إلى الله .
ثالثا : أن يقلع عن الذنب الذي هو فيه وهذا من أهم شروط التوبة ،والإقلاع عن الذنب إن كان الذنب ترك واجب فالإقلاع عنه بفعله مثل أن يكون شخص لايزكي فأراد أن يتوب إلى الله فلابد من أن يخرج الزكاة التي مضت ولم يؤدها .
رابعا : العزم على أن لا يعود في المستقبل إلى هذا العمل، فإن كانالتائب ينوي العودة إلى معصيته عندما تسمح له الفرصة فإن التوبة لا تصح .
خامسا : أن تكون في زمن تقبل فيه التوبة .. وذلك على نوعين :
أ / أن تكون التوبة قبل حلول الأجل يعني الموت ، قال تعالى :
( وليست التوبة للذينيعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ) ( النساء : 18) ،وهؤلاء ليس لهم توبة .
ب / العموم فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم – أخبربأن " الهجرة لا تنقطع حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها " فإذا طلعت الشمس من مغربها لم تنفع أحدا توبته ، قال تعالى :
( يوم يأتي بعضآيات ربك لا ينفع نفسا إيمانا لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ) ( الأنعام : 158 )
والبعض هو طلوع الشمس من مغربها كما فسر ذلك النبي - صلىالله عليه وسلم-
*وقفة مع كلام خير الأنام :
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : سمعت الرسول – صلى اللهعليه وسلم – يقول : " والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعينمرة " رواه البخاري .
وعن الأغر بن يسار المزني – رضي الله عنه – قال : قال رسولالله – صلى الله عليه وسلم -:" يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروا فإني أتوبفي اليوم مائة مرة " رواه مسلم .
وفي هذين الحديثين : دليل على أن نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – أشد الناس عبادة لله وهو كذلك ، فإنه أخشانا لله وأتقانا للهوأعلمنا بالله صلوات الله وسلامه عليه ..
وفيه دليل على أنه عليه الصلاة والسلاممعلم للخير بلسانه وأفعاله فكان يستغفر الله ويأمر الناس بالاستغفار حتى يتأسواامتثالا للأمر وإتباعا للفعلويأمرنا بالتوبة وهو عليه الصلاة والسلام يتوبأكثر منا ..
نسأل الله العلي العظيم أن يتوب علينا وعليكموأن يهدينا وإياكم صراطا مستقيما إنه سميع مجيب ..