مقطوعة رائعة أحبها جداً اخترتها من كتاب النظرات (1) للكاتب/ مصطفى لطفي المنفلوطي
مناجاة القمر...
أيها القمر المنير:
ان بيني وبينك شهباً واتصالاً ، انت وحيد في سمائك، وأنا وحيد في أرضي كلانا يقطع شوطه صامتاً هادئاً منكسراً حزيناً ..
يراني الرائي فيحسبني سعيداً ، لأنه يغتر بابتسامة ثغري، وطلاقة في وجهي، ولو كشف له عن نفسي ورأى ما تنطوي عليه من الهموم والأحزان لبكى لي بكاء الحزين إثر الحزين..
أيها القمر المنير:
كان لي حبيباً يملأ نفسي نوراً ، وقلبي لذة وسروراً ، وطالما كنت أناجيه ويناجيني بين سمعك وبصرك ، وقد فرق الدهر بيني وبينه ، فهل لك أن تحدثني عنه ، وتكشف لي عن مكان وجوده؟
فربما كان ينظر إليك نظري ،ويناجيك مناجاتي ،ويرجوك رجائي.
وهأنذا يخيل إليّ أني أرى صورته في مرآتك، وكأني أراه يبكي من أجلي كما أبكي من أجله
فأزداد شوقاً إليه ، وحزناً عليه.. فابق في مكانك طويلاً تطل وقفتنا ،ويدوم اجتماعنا.
أيها القمر المنير:
مالي أراك تنحدر قليلاً قليلاً إلى مغربك كأنك تريد ان تفارقني ، ومالي أرى نورك الساطع قد أخذ في الانقباض شيئاً فشيئاً ، وما هذا السيف المسلول الذي يلمع من جانب الافق على رأسك..؟
قف قليلاً، لا تغب عني ، لا تفارقني ، لاتتركني وحيداً ،فإني لا أعرف غيرك ولا آنس بمخلوق سواك.
آآه ، لقد طلع الفجر، ففارقني مؤنسي ، وارتحل عني صديقي، فمتى تنقضي وحشه النهار، ويقبل إليّ أنس الظلام..!!
تحياتي لكــــم ..