[وهـم]

دخلتْ الفصل، نظرتْ إلينا، انتظرتْ هدوءنا..
لم يكن هناك من يصغي الكل الكل كان يتحدث، انتظرت، وانتظرت،
همست لي صديقتي: وش عندها أستاذة نورة ؟ أجبت بابتسامة وإشرت لها بأن تصمت..
وقفت إحدى الفتيات على الكرسي وبصوت عالٍ:
اشششششششش ..
أستاذة نورة:شكراً.. دخّلوا كل اللي قدامكم..
أمسكت بالطبشورة، وكتبت على السبورة، درس صمت.
كتبت القوانين:
لا يسمح بالحديث مهما كانت الضرورة التي تدعي لذلك،
ضحكنا ثم قالت إحداهن ماذا لو كنت أريد الذهاب لدورة المياة ؟
لم تعرها الأستاذة اهتماماً، أكملت تكتب، الحديث سيكون بلغة الإشارة..
كان الضحك والهمس هو ما يسمع لمدّة عشر دقائق وهي تتأملنا،
ثم رضخنا للقوانين، وصَمَتْنا مدّة 40 دقيقة..

في الأربعين دقيقة كل شيء كان يتحدث في داخلي،كان صمتاً مزعجاً،
ربما لأنه كان إلزامياً، لم أستطع التركيز على أمرٍ ما،
لكني مع هذا فكّرت في أمور كثيرة،
حتّى أنّي قررت -خلال درس الصمت- أن أخصص وقت للصمت كل يوم،
نظرت في عيني أستاذة نورة، وكأنها كانت تؤيّد قراري..



الغريب في الصمت، تحدّثنا نيابة عن الآخرين، متعلّثين بقراءة أعينهم، وتفسير نظراتهم،
وكل هذا اعتماداً على طريقتنا في التفكير والتصرّف.
قد يصدف أن يكون تفسيرنا صحيحاً لا أكثر..
والأغرب بناء النظريات على فهمنا لهم.
مساكينٌ هم الآخرين الصامتون واللاصامتون فئران تجاربنا..
وربّما نحن المساكين، حينما يؤيّدونا.