
10-05-2011, 08:39 AM
|
|
|
تاريخ التسجيل: Nov 2009
التخصص: تنظيم وتطوير إداري
نوع الدراسة: إنتساب
المستوى: الخامس
الجنس: ذكر
المشاركات: 3,545
|
|
مجتمعٌ بلا امرأة حُرّة .. مجتمعٌ مهزوم
7
7
محمد أبوعبيد
أكثر الأقوال في المرأة مقتاً هو حين يجهر المرء بأنها لا تتقن الحرية , وأنها تسيء لها إذا مُنِحتْها . وهذه هي الفكرة المهيمنة على عقول الكثير من الذكور العرب . لكن ما يزيد من المأساة هو عندما تتفق بعض "الإناث" مع هذه الفكرة , فتصبح مثل المتلذذ بالانتقاص من قدْره .
كلما صار حديث عن حرية المرأة , تشرئب رقاب البعض , وقد يكون كثيراً, ويلقون بأسوأ أنواع الضيم عليها حين يصورونها على شكل مفترس داخل القفص باحث عن الرذيلة أو الفاحشة ,إذا أفلت منه وقعت الواقعة . فكيف لمجتمعات أنْ لا تكون مهزومة إذا حسبت أن حرية المرأة هلاك لها وعار لأهلها , و أن القضبان الاجتماعية والأغلال الفكرية هي صون لها ونجاة.
إن العادات والتقاليد التي ينشأ عليها "الذكر" العربي تجعله يظن أن الحرية هي من شأن جنسه , وأنه القادر على ممارستها , بينما " الأنثى" تبقى في نظره طفلة يجب أن تتسلط عليها رقابة الذَكر حتى لو ناهز عمرها العقد الخامس أو السادس , لذلك امتازت مجتمعاتنا بأنها مجتمعات القيود والوصايات , فإذا شاءت المرأة أن تتعلم , مثلاً , قيادة سيارة , عليها أن تتسلح بعدم ممانعة من ولي أمرها , وكذا إذا أرادت السفر أو الدراسة , ولعل بعضهن في حاجة إلى موافقة ذكورية إذا شئن فتح حساب على الفيسبوك أو تويتر .
من العار على مجتمعاتنا أن يعتقد كثير من أفرادها أن المرأة الباحثة عن حريتها وتحررها من الوصايات غير الموصى بها , إنما هي باحثة عن فاحشة , أو في طريقها نحو الرذيلة لافتراس رَجل , وكأن الفضيلة من شأن الذكور فحسب . والطامّة أن هذا الاعتقاد تطور إلى إيمان معشعش في عقول كثيرين بأن المرأة والحرية خطان يجب أن لا يتقاطعا, فبئس هذا الإيمان , ولا حُمّلت رِجلا رَجُلٍ على هذا الإيمان .
لقد قزّم البعض الجائر حرية المرأة واختصرها في بنطال الجينز الضيق أو البلوزة " البودي" , وما الضيّق إلا عقل يفكر بهذه الطريقة , بل هو أكثر ضيقا من ذاك البنطال , وقلص بعض آخر ظالم مفهوم الحرية للمرأة على أنها انسلاخ عن الدين و الأخلاق واستباحة لأنوثتها وعرضها , وتفسيرات أخرى ,غير لائقة بإنسانيتها , لا ترى الحرية الأنثوية سوى أنها فتنة , بينما إذا أتى أحدهم على ذكر الحرية الذكورية فلا يسمع المرء أياً من تلك الترّهات , وكأن طاعة الخالق والالتزام بتعاليم دينه فرض على الأنثى فقط .
إن الحرية أبعد من تلك التأويلات الضيقة , إنها الإنسانية بعينها . هي التي تتعلق بحريتها في خياراتها في حياتها بدءاً من تعليمها واختيار تخصصها الجامعي وفي العمل ,مروراً باختيار شريك حياتها أو في طلب الطلاق منه , و في تشكيل آرائها وقناعاتها الشخصية , وصولاً إلى حريتها في التمرد على تقاليد بالية ما زالت تتعامل معها كما لو ما زالت في زمن الوثنية أو الجاهلية وإنْ أدنيْنا عليه الزي العصري .
سيقول الكثير إن الإسلام منح المرأة حقوقها وأن المرأة المسلمة أفضل حالاً من غيرها . نعم , منحها الإسلام حقوقاً , لكن لم يطبق الكثير من المسلمين ما تباهوا به بخصوص قواريرهم , فلم تعد المسلمة أفضل حالاً , لذلك بلا جريرة تُوأد حرية الفتاة حين تُولَد, ولذلك بلا ذنب تُقْتل العذارى .
|