21-09-2011, 11:58 PM
|
#2
|
تاريخ التسجيل: Apr 2008
كلية: كلية الهندسة
التخصص: هندسة كهربائية
نوع الدراسة: متخرج - انتظام
المستوى: متخرج
البلد: مكة المكرمة
الجنس: ذكر
المشاركات: 4,737
|
رد: ::] فيودور دوستويفسكِي [::
/
- إنه فقير معدم يُهدد دوماً بـِ السجن إن لم يسدد ديونه المتراكمة وَ أمله الوحيد في قراءه من الجمهور وَ محبيه من المعجبين. فـ كان هو و زوجته يصدرون معظم الروايات بـِ أنفسهم ، لـِ افتقادهم المادي وَ جفاف فقرهم وَ حالهم وَ من بعدِ تورطه السياسي أصبح مراقباً من قِبل البوليس السري. بـِ الطبع مَآ كان لـِ الأحرار إلآ أن تصطادهم شبآك المنافقين وَ الحساد ، فـَ كثيراً مآ ينهالون عليهِ بـِ الأذية وَ السخرية في المحافل الرسمية ، وَ عندما أثقلت عليهِ الديون وَ توفى عنه ابنه وَ ضاقت عليه الحيآة قرر السفر ، وَ ارتحل إلى جنيف وَ فيينا وَ برلين ، مآ بين هذا وَ ذآك عآش قسوة الحيآة وَ شظف العيش ، كتب العديد من المذكرات التي كان ينوي نشرها وَ لكن حالته النفسية السيئة لم تعد تسمح له بـِ ذلك ، قرر العودة إلى وطنه روسيا وَ هم على أعتاب الديار قال لزوجته أحرقي جميع مذكرآتي فـ عاجلاً أم آجلاً سـ يصادرونها رجال الأمن. وَ بـ بالفعل تلقوا هناك تفتيشاً دقيقاً ، وَ لكن أي فرحة تتخطى فرحة الوَطن الحر !!. إنه عاد وَ هذا يكفي.
،
- تعرّف دوستويفسكي على مفكر ثوري روسي اسمه ميخائيل وَ انضم إلى حلقته الثورية وَ أخذ يتردد عليها وَ انخرط في الأوضاع السياسية. كان عضواً نشيطاً فيها وَ دعا إلى الثورة بـ تطبيق المساواة وَ الإخاء ، وَ كان له تأثير ثوي على أعضاء الحلقة الذين يؤمنون أن الإنسان بـ طبيعته طيب وَ لكن المجتمع يفسده. وَ لكن في ساعة مبكرة مِن صبآح 23 أبريل 1849 وَ بـ أمر من القيصر نيكولاي ألقى البوليس على الكاتب وَ أودعه في زنزانة مفردة تسعة أشهر !!. حكم عليهم بـِ الإعدام وَ اقتيد دستويفسكي في 22 كانون الأول عام 1849 مع أعضاء الثورة إلى سآحة الإعدام وَ على قرع الطبول قُرئ عليهم الحكم رمياً بـِ الرصاص. وَ بينما كان الكاتب ينتظر دوره في المجموعة الثانية ، أتى عفو القيصر ، فـ أمر بـ تخفيف الحكم من الإعدام إلى الأعمال الشاقة وَ النفي إلى سيبيريا. وَ الحقيقة تمثلية الإعدام كانت مدبرة من قبل القيصر فقط لـِ يخيفهم. كان هذا الموقف الأثر البالغ في نفسية دستويفسكي فـَ ظهرت مثل هـَ البقعة العميقة في صدره التي عايشها قرب مقصلة الإعدام ، ظهرت في مقطع من روايته " الجريمة وَ العقاب ".
،
- كان مريضاً بـِ الإنتفاخ الرئوي. تحكي زوجته بـِ ألم - في مذكراتها - لحظة رحيله وَ تقول " في نهار 26 كانون الثاني لم يغمض لـ دوستويفسكي جفن خلال الليل ، طلب مني أن أحضر الإنجيل وَ أشعل شمعة وقال : " سـَ أموت اليوم. " ، وَ في التآسعة من صبآح 27 غفا بـ هدوء وَ يدي في يده إلآ أن النزيف أيقظه في الحادية عشرة وَ المنزل يغص بـِ الحاضرين في انتظار عودة الطبيب الذي وصل في حوالي السابعة مَساءً. آنذآك انتفض دستويفسكي فجأة دون سبب واضح وَ رفع رأسه ، شَحب الدم في وجهه من جديد. لم تسعفه مكعبات الجَليد ، أغمي عليه وَ شعرت أن النَبض يكاد يضيع .. وَ في الثآمنة وَ الدقيقة الثآمنة وَ الثلآثين أسلم الروح. " فِي الأول من شباط 1881 شيع جثمان فيودور إلى مثواه الأخير في موكبه عفوي مهيب لم تشهد روسيا مثله إلآ في مقتل الإمبراطور ألكسندر الثاني بعد شهر من ذلك التاريخ !!.
،
- كانت وفاة الشاعر الملهم بوشكين وَ الموقف العبقري من دستويفسكي ، بالغ الأثر في التوافق وَ التصافي بين التيارات السياسية الروسية. تَحكي لنا هذا الموقف زوجته وَ تقول :
" ظَهر على المنصة شخص غريب الشكل يكاد جسده النَحيل المتهدم يتهاوى مِن شدة الإعياء وَ التوتر وَ سنوات الحرمان الطَويلة. وَ بدا وَ كأن لباسه هو الذي يحمله وَ يجعله يتوازن ، وَ ليس هو الذي يحمل لباسه. كان وَجهه الأصفر وَ عيناه الغائرتان وَ لحيته الكثيفة تَخلع عليه هيئة أولئك الممسوسين الذين طالما تحدث عنهم في رواياته. أخذ يتكلم بـِ صوتٍ أجش مَبحوح لآ يكاد يُسمع فِي البدآية. ثم شيئاً فـ شيئاً رآح الصوت يتضح وَ ض يقوى حتى سيطر على القاعة كلياً. تجمع جمهور ضخم وَ خيم على الجميع صمت رهيب. و أخذ العُصاب الجنوني يؤجج في داخله نار العبقرية ، فـَ رآح يَكسف الخطباء جميعاً كما تكسف الشمس النجوم الصغيرة في وضح النهار ".
قال بمآ معناه " من هو بوشكين ؟! إنه تجسيد لـِ الروح القومية الروسية في كل مآ تمثله مِن قدرة على هضم وَ استيعاب عبقريات الأمم الأخرى. إنه تعبير عن روسيا فيما تحمله من رسالة كونية إلى البشرية. وَ روسيا هذه التي طالما تغنى بها كانت ولا تزال مسؤولة عن قيادة العالم على درب التقدم الأخلاقي. وَ هو لآ يقل أهمية بـِ النسبة لنا عن شكسبير بـِ النسبة لـِ الإنجليز فـَ الشخصيات الإيطالية التي يستخدمها شكسبير في مسرحياته تتحدث وَ كأنها انجليزية. وَ هذه هي سمة العبقرية : فهي تصهر وَ تهضم عندما تُنقل عن الآخرين. وَ بـِ التالي فـ لا يعود النقل خيانة لـِ الذات القومية. وَ هذا ما فعله بوشكين أيضاً ، فـَ قد كان إسبانياً في كتابه دون جوان ، وَ إنجليزياً في كتابه عيد أثناء الطاعون ، وَ ألمانياً في كتابه مقطع من فاوست ، وَ عربياً في كتابه التأثر بـِ القران الكريم ، وَ روسياً في كتابه بويرس ، كان كل ذلك دفعة واحدة. فـ إنه روسي حقيقي لأنه كان كل ذلك. لآ معنى لـ الإنسان الروسي إن لم يكن أوروبياً وَ عالمياً في آن معاً ، كأن تكون روسياً حقيقياً أن تكون روسياً بـ الكامل يعني أن تكون أخاً لـ كل البشر ! "
- مآ ان انتهى من كلامه حتى دخل الجمهور في حالة هستيرية. التصفيق المتطاول الذي لا ينتهي كان يختلط بـ شهقات الزفير وَ النحيب وَ زغردات النساء كانت تختلط ببكاء الرجال. وَ الطلاب هجموا عليه من المنصة لكي يلمسوه والطالبات أخذن بتقبيل يديه. وراح المتخاصمين من السلفيين وَ المستغربين يتعانقون بعد أن نجح دستويفسكي فيي مصالحة شطري روسيا. //// لم يكن تولستوي حاضراً لـِ غيرته الشديدة فـ لم يكن عليه سهلاً أن يشهد كل هذا التبجيل لـ منافسه الأوحد على عرش الآدآب الروسية.
\
- كان يكن لـ زوجته الشابه كثيراً من الحب وَ يغمرها بـ مشاعر العطف وَ المودة. وفاة ابنهم الثاني أثر كثيراً على زوجته الشابه ، فـ عمد على وصف الكثير من أفكاراها و آلآمها وشكوكها بل أورد حتى كلماتها بالحرف الواحد في روايته " الأخوة كارامازوف " في فصل " المؤمنات " حيث تعرض أم مفجوعة بوليدها كل ما تعانيه من الألم على شيخ الدين زوسيما.

فيودور دوستويفسكي
وَ أكثر مِن ربعِ قرن بين عمريهما. إنه التوآفق الأدبي الذي يضج بـِ أحآسيس مرهفة وَ أوآصر قوية صمدت أمآم تغيرآت الحيآة المؤلمة.
أنا غريغور ، زوجته
::
إنتهى
،
إحترآمآتِي

|
|
|
|
|