عرض مشاركة واحدة
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 09-12-2011, 08:56 PM   #69

رغد محمد

الصورة الرمزية رغد محمد

 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
كلية: كلية الآداب والعلوم الانسانية فرع كليات البنات
التخصص: !!*English*!!
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: متخرج
البلد: جــــدة
الجنس: أنثى
المشاركات: 6,426
افتراضي رد: بُضيعَات مِن صَمتِي ..جُرُوحِي ..حُزنِي ..آهَاتِي ..أَحَاسِيسِي ..

،’

ما هذا القِدم الذي يسكنني ، أشعر أني أعيش أياماً ليست لي، أيام رجلٍ آخر، شبِع موتاً وبقيتُ أسكن ماضيه القديم .
متورطٌ بانتماءاتي العتيقة يا صديق، متوجسٌ من كل جديد ، متوجس أكثر مما سوف يأتي!
شاهد هذا اللاعب الذي يركلُ الكرة بإتقان، أعرف أنه رائع، مدهش، لكنه ينتمي لهذه الأيام، هل تفهمني ؟
هذه الأيام ياصديقي لا أثق بها ، لذا لا أستطيع مقارنته بلاعبي المفضل القديم،ذلك اللاعب الذي كنت كثيراً ما أرقبُ مجيئه طفلاً، ثم يُخيّب التلفاز انتظاري له بحجة عرضٍ عسكريٍ بائس !
وهذا المطرب ، يشدو بصوتٍ يراودني عن الاعتراف بروعته ، لكني لا أستطيع، أبداً لا أستطيع!،
أشعر أن اعترافي سيكون خيانةً للأيام القديمة، ولمطربيّ القدامى..
سيحتاجان هذين الرجلين، المطرب واللاعب ، رزمةً من السنوات ، ليكسوهما شيء من العراقة ويتخلصان من رائحة الأغلفة الجديدة،
حينها سأبدأ مبادلتهما الإطراء وحديث الإعجاب !
يالاعترافاتي التي تتأخر دائماً، هل تذكر فيلم تايتانيك؟ كان جيداً في التسعينات، هذا ماقلته حينها،
فقط يا صديقي قلت جيد، الآن أتذكره وأنا أنظر لأفلام هذه الأيام وأشعر بروعته، أعتبره عملاً عظيماً ، أرأيت ؟
اِحتاج الفيلم عقداً من السنين لأمحضه ثقتي !
أشعر أني مريضٌ بالأيام الماضية، تلك التي أودعها التاريخ خزانته، مسكونٌ بتفاصيلي الغابرة، أنا لا أثق بما تصنعه هذه الأيام!
قال لي أحدهم ذات يوم: اذهب لعيادةٍ نفسية!
أي والله هكذا اقترح ! قالها بصوتٍ يدّعي معرفة كل شيء، لا أدري متى سيكف هؤلاء الحمقى عن إسداء النصائح المجانية!
حسناً وماذا أقول للمعالج، أأقول : لست متصالحاً مع حاضري يادكتور ، أو .. أو امنحني بحق الله علاجاً يجعلني أثق بالأشياء الجديدة؟ هه يا للاستشارة البلهاء ، ياللسخف !

أيامي القديمة لم تؤذِني ياصديقي، مرت ومسحت على رأسي ورأس من أحبهم بهدوء، استحقت وفائي.
أما هذه الأيام ، لا أدري .. أشعر أنها تخبيء لي غدراً، وتُجبر أمي وأبي على التقدم في العمر والضعف، لذا لستُ على وفاقٍ مع هذه الأيام ولا مع ما تحضره معها، لا أريد صداقتها لأنها ستغدر بي لامحالة !
انظر إليكم، تكتفون باختلاس نظرةٍ سريعة لهواتفكم تعرفون بها الوقت.. كلكم خلعتم ساعات اليد، لكن انظر لمعصمي الأيسر، شاهد، مازال يحمل دائرة العقارب كرجلٍ يتجوّل في تسعيناته!
ودعني أخبرك بأمر، هذه الساعة ترهقني ياصديقي، صوت حديدها يصطك كقيد، وحين يغمر الماء ذراعي يتهيّج جلدي أسفل منها، لكني لا أستطيع نزعها والإكتفاء بتوقيت هاتفي،
لأني سأخون أيامي القديمة، لأني سأتصالح مع هذه الأيام وأنا لا أريد .. أنا رجلٌ لا ينتمي ليومه !
وهذه الألوان التي تلبسونها، تروقني ، لكني أخشى التمرد على الأسود ، سأكون رجلاً خائناً ، أقسم لك لستُ أبالغ .. سأزدري نفسي حين أنظر في المرآة !
ماهذا؟ أنت تضحك؟ لا تواري ابتسامتك أعلم أنك تضحك .. وبالمناسبة، حديثكم مسموعٌ دائماً .. أعرف أن خياراتي وذائقتي تجعلني مادةً خصبةً لدعاباتكم التي لا تكف عن الإنقضاء ..ـ
فريد الأطرش، عطر كازانوفا، أفلام بيلي وايدر ، دوستويفسكي ،طلال مداح، بيوت الطين ، رسومي المتحركة، مونديال 98، ثلاثية نجيب، هلال الثنيان، لكزس 99...اللعنة،
كل شيءٍ في ذائقتي يفوح برائحة القِدم !

هل تريد القهقهة ؟ حسناً ..بالأمس كنت أتسكع بين القنوات، استوقفتني مباراة في قناةٍ إفريقيةٍ لم أعرها اهتمامي يوماً،
كانت تنقل مباراةً محليةً في ملعبٍ مهتريء، واللاعب البديل يصافح زميله على خط التماس ليأخذ مكانه،
هل تعلم ماذا فعل الحكم الرابع؟ رفع رقم اللاعب في سبورةٍ خشبية، لم يرفع رقماً الكترونياً،
هتفتُ في أعماقي يا صديقي، هذا يذكرني بأيامي القديمة ، بالملاعب القديمة، بحضوري للملاعب طفلاً.. ليس مايفعلون الآن بشاشاتهم الالكترونية المتطورة الحمقاء اللعينة !ـ
هل تفهمني الآن ؟
أنا رجلٌ متورطٌ بالماضي، رجلٌ يخشى الأيام الجديدة، أخشى غرابة الأشياء ، أحنّ كثيراً لتفاصيلي التي غادرتها، وهذه الأيام هوجاء .. تركض بسرعةٍ ياصديق، تعدو وترغمني على التقدم معها،
بالكاد درّبت لساني على نطق 2009 لأجد 2010 يفرش نفسه على صفحات تقويمي، لم أتخلص من ريبة 2010 لأجدني فجأةً أمام 2011 ..اللعنة!
ومع كل عامٍ تضعف أمي ويشيخ أبي، ياصديقي هذه الأيام تقلقني!
أحتاج أن تتوقف قليلاً لأتنفس، أحتاج أن تكف عن الركض لأستريح على رصيف العمر، لأراجع ما أرغمتني على تخطيه بسرعة، لأفرز سيئاتي وحسناتي،
أحتاج أن يبقى كل شيءٍ على حاله لو لشهر!، أخشى ما سيأتي، أحتاج هدنةً مع هذا التقويم وانطوائه المتسارع ركضاً للأمام ، هذه الأيام السريعة ثقبتْ رئتي ، أشعر بشهيقي وزفيري كأنفاس شيخٍ ينازع !
ثم كيف سأشرح لزوجتي هذا القلق حين أتزوج، صدقني لن أكون سعيداً ككل حديثي العهد بالزواج،
ستدخل زوجتي عالمي كأي شيءٍ جديد أبادره بقلق ، وستلزمني سنوات من العلاقة ، من العشرة ، لأشعر بالحميمية ، بالقِدم، حينها ، ربما في احتفال السنة السابعة، سأبدأ السعادة ، لأن رصيداً من التفاصيل القديمة لهذه العلاقة قد توفر!

أنا الذي دائماً تنهكني الأيام الجديدة، وتتابع الأحداث، أقفُ متوجساً من كل مايدلف عالمي ، أتشممه برائحة الريبة ، كل غريبٍ عدوي ، وأرى الغرباء أعدائي حتى يثبت العكس ..
أنا الذي لا أدري ماأقول الآن.. أظنني بدأت أهذي ..لذا يا صديقي تباً لك، لا تُسمعني قصائدك الجديدة ثم تقابلني بالعتب، فأنا والله لا أريد أن أؤذيك بنقدي المريض،
هل تسمعني؟ أنت شاعرٌ مجيد لكنّي قاضٍ فاسد ، متورطٌ بحب الأشياء القديمة ،لستُ مستقلاً ..
لست على حيادٍ مع دفتر الوقت .
قصيدتك التي أغضبك الآن تقييمي لها ، عُد وأسمعنيها بعد سنوات ، أو .. أو أسمعني جديدك في 2022 ، ستجدني أوبخك، وأطلب منك العودة لروعتك السابقة،
واحزر ما سأقول لك؟سأقول : لماذا لا تكتب أشياء رائعة كالتي كتبتها في 2011 ! كتلك التي أسمعتني في 2011 هه سأقولها وسأبدو متناقضاً أعلم ذلك..
لأني رجلٌ أحمق ، لا ينتمي ليومه، رجلٌ يتسربل بالماضي ويستحق سخرية الجميع، رجلٌ لا يثق بالأيام الجديدة وما تصنعه، يعيشُ أياماً ليستْ له/ أيام رجلٍ آخر ،
مات وشبع موتاً وبقيتُ أسكن ماضيه القديم !

،’



رَجُلٌ مَوبُوءٌ بِـ الحنين ,
لـ المُتألِّق : غنام الخالِدي ..~
أبدَع ..!!

 

رغد محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس