[CENTER][COLOR="Blue"]
العبر في بعض قصار الصور
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ عائض القرني : المكتبة المقروءة
الحمد لله الذي جعل العلم ضياء و القران نورا، و رفع الذين أوتوا العلم درجات علية، و كان ذلك في الكتاب مسطورا ، و جعل العلماء ورثة الأنبياء ،و كفى بربك هاديا و نصيرا، نحمده تعالى حمدا كثيرا ، و نشكره عز و جل ، وهو القائل: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) (الإنسان:3) و أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، كما(شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران:18) و أشهد أن سيدنا محمدا عبده و رسوله المرشد الحكيم، و المعلم العظيم ، بشر به المسيح و الكليم، و أستجيبت به دعوة إبراهيم: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (البقرة:129) اللهم صل و سلم على سيدنا محمد المبعوث رحمة و منة، بخير كتاب و أفضل سنة، و القائل: ( من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة)) صلى الله و سلم عليه و على اله و صحبه القائمين بالحق و الدعاة إليه بالألسنة و الأسنة ،و على التابعين لهم بإحسان في التعلم و التعليم، أما بعد:
فهذا كتاب: (( العبر في بعض قصار السور)) ، تناولت فيه بعضا من سور الجزء الثلاثين ، جز(( عم)) ، تناولا أدبيا موافقا لما عليه المفسرون من أهل السنة و الجماعة ، مجليا فيه عن بعض معاني هذا الكتاب الخالد، الذي شرفت الأمة بحمله ، و لن تفلح يوما بدونه، سائلا الرب تعالى أن يقبله مني قبولا حسنا ، و أن يعفو عن خطئي و تقصيري ، وهو سبحانه أكرم مسؤول و أجل مأمول، و صلى الله و سلم و بارك على سيدنا محمد و على اله و أصحابه أجمعين، و الحمد لله رب العالمي.
سورة الناس
بسم الله الرحمن الرحيم
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) التجي و الوذ و احتمي بالرب القوي، و الملك الغني، فهو ولينا فنعم الولي، من الذي ساله فما اعطاه؟ و من الذي دعاه فما لباه؟ و من الذي طلبه فما حباه؟ نصرة كل مظلوم، و عون كل مضيوم، و عزة كل مهضوم. (مَلِكِ النَّاسِ) ملك الملوك بيده المقاليد، عنده مفاتيح الغيب، لديه تصريف الأمور، له كل شئ، إليه ترجع الأمور، منه يبدا الأمر و ينتهي، ملكه عام دائم قاهر، دنيا و أخرى، جنا و إنسا، مسلمين و كافرين. (إِلَهِ النَّاسِ) المستحق لعبادة العبيد، المنزه عن مشاركة الصنديد و النديد، المحبوب بالأيادي إلى العباد، المعروف بالإحسان لدى الحاضر و الباد، إليه تسكن القلوب، قابل توبة من يتوب، غافر الذنوب، علام الغيوب، محبوب بالصفات و الاسماء، و النعم و الالاء، و الجود و العطاء. (مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) نعوذ بالله من شر الشيطان إذا وسوس، و الخبيث إذا هوجس، و المارد إذا لبس، لانه لا يأمر إلا بالشر، و لا يدعو إلا إلى ضر، فهو يحارب الخير و الإحسان و البر، يجثم على القلب فيغطيه، و يشير على الإنسان فيرده، و يراوغ العبد ليضله و يشقيه. (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) يثبطهم عن الطاعات، يقودهم إلى المحرمات، و يدعوهم إلى الموبقات، بضاعته الشرور، و سكناه الصدور، و زاده الغرور، و مركبه الفجور، و خطبته الكذب و الزور. (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) فللجن و الإنس شياطين، و في الفريقين طائفة من المارقين، فشياطين الجن مردة مختفون، و شياطين الإنس مجاهرون ظاهرون، و شيطان الجن يدفع بالدعاء و الاذكار، و الاستعاذة بالملك القهار، و شيطان الانس يدفع بالتوكل على الجليل،
و الصبر الجميل،
و الدفع بالحسنى،
و الاخذ بالفعل الاسنى.
* * * *
* * *
و الله اعلم ، و صلى الله و سلم و بارك على سيدنا محمد و على اله و أصحابه أجمعين، و الحمد لله رب العالمين.