احفظ الله يحفظك
* حفظ الله لعبده يدخل فيه نوعان :
- أحدهما :
حفظه له في مصالح دنياه ، كحفظه في بدنه وولده وأهله وماله ، قال الله عز وجل : { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ } ، قال ابن عباس : هم الملائكة يحفظونَهُ بأمرِ الله ، فإذا جاء القدر خَلُّوْا عنه .
وخرَّج الإمام أحمد ، وأبو داود ، والنسائي من حديث ابن عمر ، قال : لم يكن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَعُ هؤلاء الدَّعوات حين يُمسي وحين يُصبح : " اللهمّ إني أسألُكَ العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إنِّي أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهمَّ استُر عورتي، وآمن روعتي ، واحفظني من بين يدي ومن خلفي ، وعن يميني وعن شمالي ، ومن فوقي ، وأعوذُ بعظمتك أنْ أُغتَالَ من تحتي " .
ومَنْ حفظ الله في صباه وقوَّته ، حفظه الله في حال كبَره وضعفِ قوّته ، ومتَّعه بسمعه وبصره وحولِه وقوَّته وعقله .
كان بعض العلماء قد جاوز المائة سنة وهو ممتَّعٌ بقوَّتِه وعقله ، فوثب يوماً وثبةً شديدةً ، فعُوتِبَ في ذلك ، فقال : هذه جوارحُ حفظناها عَنِ المعاصي في الصِّغر ، فحفظها الله علينا في الكبر .
وعكس هذا أنَّ بعض السَّلف رأى شيخاً يسأل الناسَ ، فقال : إنَّ هذا ضيَّع الله في صغره ، فضيَّعه الله في كبره .
وقد يحفظُ الله العبدَ بصلاحه بعدَ موته في ذريَّته كما قيل في قوله تعالى : { وَكَانَ أَبُوْهُمُا صَالِحاً } : أنَّهما حُفِظا بصلاح أبيهما . قال سعيد بن المسيب لابنه : لأزيدنَّ في صلاتي مِنْ أجلِك ، رجاءَ أنْ أُحْفَظَ فيكَ ، ثم تلا هذه الآية { وَكَانَ أَبُوْهُمُا صَالِحاً } .
فمن حفظ الله حَفِظَهُ الله من كُلِّ أذى . قال بعضُ السَّلف : من اتقى الله ، فقد حَفِظَ نفسه ، ومن ضيَّع تقواه ، فقد ضيَّع نفسه ، والله الغنىُّ عنه .
ومن عجيب حفظِ الله لمن حفظه أنْ يجعلَ الحيوانات المؤذية بالطبع حافظةً له من الأذى ، كما جرى لِسَفِينةَ مولى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حيث كُسِرَ به المركبُ ، وخرج إلى جزيرة ، فرأى الأسدَ ، فجعل يمشي معه حتَّى دلَّه على الطريق ، فلمَّا أوقفه عليها ، جعل يُهَمْهِمُ كأنَّه يُوَدِّعُهُ ، ثم رجع عنه .
ورؤي إبراهيمُ بن أدهم نائماً في بستان وعنده حَيَّةٌ في فمها طاقةُ نَرجِس ، فما زالت تذبُّ عنه حتَّى استيقظ .
وعكسُ هذا أنَّ من ضيع الله ، ضيَّعهُ الله ، فضاع بين خلقه حتى يدخلَ عليه الضررُ والأذى ممن كان يرجو نفعه من أهله وغيرهم ، كما قال بعض السَّلف : إني لأعصي الله ، فأعرِفُ ذلك في خُلُقِ خادمي ودابَّتي .
- الثاني من الحفظ ، وهو أشرف النوعين :
حفظُ الله للعبد في دينه وإيمانه ، فيحفظه في حياته من الشبهات المُضِلَّة ، ومن الشهوات المحرَّمة ، ويحفظ عليه دينَه عندَ موته ، فيتوفَّاه على الإيمان .
منقول من صيد الفوائد


اللهم اجعل لي من كل ضيقاً مخرجاً و من كل هماً فرجاً .. اللهم آمين و كل مسلم يارب العالمين
|
التعديل الأخير تم بواسطة د. كنوز ; 17-02-2012 الساعة 12:41 AM.
|