عرض مشاركة واحدة
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 22-02-2012, 02:58 AM   #12

دافئ الإحساس

مشرف مُتألق سابق

الصورة الرمزية دافئ الإحساس

 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
التخصص: Biochemistry
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: السابع
الجنس: ذكر
المشاركات: 5,118
افتراضي رد: المحبة في الله ... :)


آفـات الصحبة


بعد ذكر فضل المحبة في الله عز و جل و الأخوة فيه ، من تمام النصيحة التحذير من آفات الصحبة ، و من آفات الصحبة :


1) كثرة الزيارات :



فمن آفات الصحبة كثرة الزيارات و المجالس التي هي مجالس مؤانسة و قضاء وطر ،

أكثر منها مجالس ذكر و تذكير و تعاون على البر و التقوى ، فيكون في هذه المجالس

ضياع الأوقات و ذهاب المروءات و قد يجرّ فضول الكلام إلى ما يغضب الملك العلام

، قال النبي صلى الله عليه و سلم : " ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه

، إلا قاموا على مثل جيفة حمار ، و كان عليهم حسرة يوم القيامة "
( قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي و الألباني في الصحيحة )

قال ابن القيم رحمه الله في " الفوائد" :

الاجتماع بالإخوان قسمان :

1)أحدهما اجتماع على مؤانسة الطبع و شغل الوقت ، فهذا مضرته أرجح من منفعته ،

و أقل ما فيه أنه يفسد القلب و يضيّع الوقت

2)الثاني : الاجتماع بهم على أسباب النجاة و التواصي بالحق و التواصي بالصبر ،

فهذا من أعظم الغنيمة و أنفعها ، و لكن فيه ثلاث آفات :

1-إحداها : تزيّن بعضهم لبعض

2-الثانية : الكلام و الخلطة أكثر من الحاجة

3- أن يصير ذلك شهوة و عادة ينقطع بها عن المقصود

و بالجملة فالاجتماع و الخلطة لقاح إما للنفس الأمارة ، و إما للقلب و النفس المطمئنة

، و النتيجة مستفادة من اللقاح فمن طاب لقاحه طابت ثمرته و هكذا الأرواح الطيبة

لقاحها من الملك ، و الخبيثة لقاحها من الشيطان ، و قد جعل الله سبحانه بحكمته

الطيبات للطيبين ، و الطيبين للطيبات ، و عكس ذلك


2) الإفراط في الحب و البغض :

و من آفاتها الإفراط في الحب و البغض :

عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : قال لي عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا أسلم لا يكن حبك كلفا ، و لا بغضك تلفا ، قلت : و كيف ذلك ؟ قال : إذا أحببت فلا تكلف كما يكلف الصبي بالشيء يحبه،و إذا أبغضت فلا تبغض بغضا تحب أن يتلف صاحبك و يهلك
و عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : أحبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، و أبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما "


و قال أبو الأسود الدؤلي :

و أحبب إذا أحببت حبا مقاربا * فإنك لا تدري متى أنت نازع

و أبغض إذا أبغضت غير مباين * فإنك لا تدري متى أنت راجع


و المقصود الاقتصاد في الحب و البغض ، فإنّ الإسراف في الحب داع إلى التقصير ،

و كذلك البغض ، فعسى أن يصير الحبيب بغيضا ، و البغيض حبيبا ، فلا تكن مسرفا

في الحب فتندم ، و لا في البغض فتأسف ، لأن القلب يتقلب فيندم أو يستحي

قال بعض الحكماء : و لا تكن في الإخاء مكثرا ، ثم تكون فيه مدبرا ، فيعرف سرفك

في الإكثار ، بجفائك في الإدبار

و يخشى مع ذلك مع فرط المحبة أن يوافقه على باطل ، أو يقصر معه في واجب

النصيحة لله عزّ و جل ، و قد تنقلب هذه المحبة إلى بغض مفرط ، و يخشى عند ذلك

إفشاء الأسرار ، و ترك العدل و الإنصاف

و عن الحسن قال : أحبوا هونا و أبغضوا هونا ، فقد أفرط أقوام في حب أقوام فهلكوا ،

و أفرط أقوام في بغض أقوام فهلكوا


3) مخالطة المحبة شيء من هوى النفس :

و من آفاتها أن يخالط هذه المحبة التي هي لله عز و جل و في الله عز و جل شيء من

هوى النفس ، فبدلا من أن يحب في أخيه طاعته لله عز و جل والتزامه بالشرع ، يحبه

لملاحة صورة أو لمنفعة كإصلاح دنيا ، و بدلا من أن يرجو بهذه المحبة ما عند الله عز

و جل ، و يتقرّب بها إليه ، يرجو بها استئناسا بشخصه ، أو تحقيقا لغرضه ، و هذه

المحبة سرعان ما تزول بزوال سببها ، او بشيء من الجفاء ، فإنه ما كان لله بقى ، كما

يقال :

ما كان لله دام واتّصل * و ما كان لغير الله انقطع وانفصل

قال الله عز و جل : " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلا المتقين" ( الزّخرف 17)


و قال حاكيا عن خليله أنه قال لقومه :" إنما اتّخذتم من دون الله أوثانا مودّة بينكم في

الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض و يلعن بعضكم بعضا و مأواكم النار و

ما لكم من ناصرين " ( العنكبوت 25)

فنسأل الله أن يجعل محبتنا لمن نحبه خالصة لوجهه الكريم ، و مقربة إليه و إلى داره

دار السلام و النعيم المقيم ، و أن تكون عونا لنا على طاعته ، و دفعا لنا عن معصيته


4) الاستكثار من الإخوان :


و من آفاتها الاستكثار من الإخوان ، حتى يعجز عن القيام بحقوقهم و مواساتهم عند

حاجتهم واضطرارهم

قال في تنبيه المغترين : من أخلاق السلف رضي الله عنهم : أنهم لا يتخذون من

الإخوان إلا من علموا من نفوسهم الوفاء بحقه ،فإنّ أخاك إذا لم توف بحقه كان فارغ

القلب منك


و قال ابن حزم رحمه الله في "مداواة النفوس" : ليس شيء من الفضائل أشبه بالرذائل

من الاستكثار من الإخوان و الأصدقاء ، فإنّ ذلك فضيلة تامة مركبة ، لأنهم لا يكتسبون

إلا بالحلم و الجود و الصبر و الوفاء و الاستضلاع و المشاركة و العفة و حسن الدفاع

و تعلم العلم و كل حال محمودة ، و لكن إذا حصلت عيوب الاستكثار منهم ، و صعوبة

الحال في إرضائهم ، و الغرر في مشاركتهم ، و ما يلزمك من الحق لهم عند نكبة

تعرض لهم ، فإن غدرت بهم أو أسلمتهم لُؤّمت و ذممت ، و إن وفيت أضررت بنفسك ،

و ربما هلكت فيكون السرور بهم ، لا بفي بالحزن الممضّ من أجلهم " اه باختصار


و قال عمرو بن العاص : كثرة الأصدقاء كثرة الغرماء


و قال ابن الرومي :

عدوّك من صديقك مستفاد * فلا تستكثرنّ من الصحاب

فإن الداء أكثر ما تراه * يكون من الطعام أو الشراب


5) كشف الستر :

و من آفاتها : كشف الستر عن الدين و المروءة و الأخلاق و الفقر و سائر العورات ،

فإنّ الإنسان لا يخلو في دينه و دنياه من عورات ، و الأولى سترها ، كما مدح الله عزّ

و جلّ المستترين فقال : " يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف " ( البقرة 273)


و قال الشاعر :

و لا عار إن زالت عن الحرّ نعمة * و لكن عارا أن يزول التّجمّل


و عن الحسن قال : أردت الحجّ فسمع ثابت البناني بذلك ، و كان أيضا من أولياء الله

فقال : بلغني أنك تريد الحجّ ، فأحببت أن أصحبك ، فقال له الحسن : ويحك ، دعنا

نتعاشر بستر الله علينا ، إني أخاف أن نصطحب فيرى بعضنا من بعض ما نتماقت عليه


قال احمد فريد : و يتأكد ذلك في حق من تصدى لوعظ الناس ، فلا يكثر من صحبتهم

و مخالطتهم في فضول المباحات ، حتى ينتفعوا بوعظه ، و يتمتع بستر الله عليه ، مما

يكره عليه الناس من ذنوبه و عيوبه ، نسأل الله العفو و العافية في الدنيا و الآخرة


6) هذه الآفة خاصة بصحبة الأغنياء :

و من آفات صحبة الأغنياء إزدراء نعمة الله عليه و تحريك الطمع و الحرص في قلبه و

قد لا يتيسّر له فلا ينال إلا الغم بذلك

إنّ من نظر إلى زهرة الحياة الدنيا و زينتها تحرّك حرصه ، و انبعث بقوة الحرص طمعه

، و لا يرى إلا الخيبة في أكثر الأحوال ، فيتأذى بذلك ، و مهما اعتزل لم يشاهد ، و

إذا لم يشاهد لم يشته و لم يكمع و لذلك قال الله تعالى : " و لا تمدّن عينيك إلى ما

متّعنا به أزواجا منهم " (طه 131)

و قال صلى الله عليه و سلم :" انظروا إلى من أسفل منكم و لا تنظروا إلى من هو

فوقكم ، فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم " (رواه مسلم و البخاري بمعناه)


قال عون بن عبد الله : كنت أجالس الأغنياء ، فلم أزل مغموما ، كنت أرى ثوبا أحسن

من ثوبي ، و دابة أفره من دابتي ، فجالست الفقراء فاسترحت


7) الإستئناس بالناس :


و من آفات الصحبة : الاشتغال بالإخوان عن تفريغ القلب للفكر و الاستئناس بالله عز و

جل الذي هو أول مطلوب القلوب و أعظم سبب لسعادتها و نجاتها و قد قيل :

الاستئناس بالناس من علامات الإفلاس

قال بعض الحكماء : إنما يستوحش الإنسان من نفسه لخلو ذاته عن الفضيلة ، فيكثر

حينئذ ملاقاة الناس ، و يطرد الوحشة عن نفسه بالكون معهم ، فإذا كانت ذاته فاضلة

طلب الوحدة ، ليستعين بها على الفكرة ، و يستخرج العلم و الحكمة

 

دافئ الإحساس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس