والأصل في الحب والبغض أن يكون لكل ما يحبه الله أو
يبغضه ، فالله يحب التوابين والمتطهرين ، والمحسنين ، والمتقين ،
والصابرين، والمتوكلين والمقسطين ، والمقاتلين في سبيله صفا ، ولا
يحب الظالمين والمعتدين والمسرفين والمفسدين ، والخائنين ،
والمستكبرين .
ولهذا فإن شرط هذه المحبة أن تكون لله وفي الله ، لا تكدِّرها
المصالح الشخصية ، ولا تنغصها المطامع الدنيوية ، بل يحب كل
واحد منهما الآخر لطاعته لله ، وإيمانه به ، وامتثاله لأوامره ،
وانتهائه عن نواهيه ، ولما سئل أبو حمزة النيسابوري عن المتحابين
في الله عز وجل من هم ؟ فقال :
" العاملون بطاعة الله ، المتعاونون على أمر الله ، وإن تفرقت دورهم وأبدانهم" .
والمحبة في الله هي المحبة الدائمة الباقية إلى يوم الدين ، فإن كل
محبة تنقلب عداوة يوم القيامة إلا ما كانت من أجل الله وفي
طاعته ، قال سبحانه :{ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا
المتقين }. (الزخرف) (67) , وقد روى الترمذي أن أعرابياً جاء
إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
فقال : يا محمد ، الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم ، فقال
- صلى الله عليه وسلم - : ( المرء مع من أحب ) .
وأما من أحب شخصا لهواه ، أو لدنياه ، أو لمصلحة عاجلة
يرجوها منه ، فهذه ليست محبة لله بل هي محبة لهوى النفس ،
وهى التى توقع أصحابها فى الكفر والفسوق والعصيان عياذاً بالله
من ذلك .