عرض مشاركة واحدة
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 23-02-2009, 09:29 PM   #2

المسلم العربي

مشرف سابق

الصورة الرمزية المسلم العربي

 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
التخصص: لغات - إنجليزي
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: السادس
الجنس: ذكر
المشاركات: 2,459
افتراضي رد: الفهم الجديد للنصوص

الأساس الرابع لهذه المدرسة: إعادة قراءة النص وإعادة فهم النص، والقول بالحقيقة النسبية:
وأنَّه ليس هناك حق مطلق، فيقول أركون: ((إنَّ القول أنَّ هناك حقيقة إسلامية مثالية وجوهرية مستمرة على مدار التاريخ، وحتى اليوم ليست إلا وهمًا أسطوريًّا لا علاقة له بالحقيقة والواقع، فتعدد الحقائق يعبر عنه بالفكر النسبي))، وهذا الذي يلهث به الحداثيون، وهو قضية التعددية وقبول الآخر، إذًا لا توجد حقيقة قطعية، فكل قول يقوله أيّ واحد في العالم هو تعددية فكرية، وأنت لا بد أن تقبل التعددية الفكرية، هو يقول: الله غير موجود، أو الله خلق الخلق ثم تركهم –بل منهم من يقول هذا– يقول: الله خلق الخلق ثم تخلَّى عنهم، يدبرون أمورهم بنفسهم، لا يتدخل في قضية كيف يتعاملون مع بعض من بيع وشراء وإجارة، وزواج وطلاق، لا، هو خلقهم نعم، الله موجود وخلقهم، لكن يقول تركنا، فكلمة قبول التعددية الفكرية، يعني: أيّ واحد في أيّ مكان في العالم عنده فكرة لا بد أن تقبلها، حرية رأي! حرية تعبير! لا بد أن تحترم رأي الآخر أيًّا ما كان رأي الآخر! فهذا هو الأساس الرابع: القول بالحقيقة النسبية، وأنَّه ليس هناك حقق مطلق، وبما أنَّه ليس هناك حق مطلق إذًا كل واحد ممكن أن يكون معه حق، أو كل الآراء متساوية، ولا يوجد حق وباطل، يعني: إذًا كما يقول الله عز وجل: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس: 32]، {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: 153] يعني: واحد، صراطي مستقيمًا واحدًا {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] هم لا ينظرون إلى قضية أنَّ الحق واحد، وأنَّ الصراط المستقيم واحد، لا، هذه منسوفة، ولذلك عندهم قبول الآخر، والتعددية الفكرية، وحرية التعبير، إلحاد فجور كله يدخل في: لا تشنِّع على أي شذوذ فكري، يقول أحدهم: ((لن تكون متقدمًا أو صاحب أمل في التقدم إذا قبلت الرأي على أنَّه حقيقة))، لا تأخذ مثلًا نص آية، أو حديث فتقبله على أنَّه حقيقة، لا، ما هو بحقيقة، هذه قضية نسبية، لا يوجد حق مطلق، وطبعًا هذا المذهب يقول شيخ الإسلام: ((أوله سفسطة وآخره زندقة)) يعني: أنَّ السفسطة تجعل الحقائق تتبع العقائد، وأمَّا كون آخره زندقة يقول شيخ الإسلام: ((بأنه يرفع الأمر والنهي والإيجاب والتحريم والوعيد في هذه الأحكام))، لا أمر ولا نهي، ولا إيجاب ولا تحريم ولا وعيد، قال شيخ الإسلام ((ويبقى الإنسان إن شاء أن يوجب وإن شاء أن يحرم، وتستوي الاعتقادات والأفعال وهذا كفر وزندقة)) "فتاوى شيخ الإسلام" [19/ 144].

وقال في "تلبيس إبليس": ((قد زعمت فرقة من المتجاهلين أنَّه ليس للأشياء حقيقة واحدة بنفسها، بل حقيقتها عند كل قوم على حسب ما يُعتقد فيها))، وبناءً على ذلك الإسلام لا يكون ملزمًا، ليس بحق ملزم للجميع، اليهودية، النصرانية، البوذية، السيخية، الهندوسية، كل واحد معه جزء من الحقيقة، فلا تُلزمني بدين معين!!

طيب اشرح لي قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] ماذا سيكون مصير هذا عندهم؟

فإذًا الدعوة لقراءة جديدة ومعاصرة للنص الشرعي دعوة لها نتائج خطيرة ستؤدي إلى:
أولاً: نزع الثقة بالدين، وخلخلة الثقة بالنص الديني (القرآن والسنَّة)، الأحاديث والآيات ليست حقًّا قطعيًّا، فهْمُ السلف والصحابة هذا ليس ملزمًا، وهكذا، والنتيجة رفع القرآن الإلهي من الأرض ولا يبقى إلا القراءات البشرية النسبية، وفهم كل واحد.

طيب أين مراد الله من الآية؟ وأين مراد رسوله صلى الله عليه وسلم من الحديث؟ يعني: نحن سنسأل، سنقول لهم: الله لمَّا أنزل القرآن هل كان له مراد معين من الآيات، أو أن كل إنسان يجتهد ليعرف المراد؟ النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا قال الأحاديث هل كان له مراد معين؟ فإذا قالوا: ليس لله مراد معين، وليس لرسوله صلى الله عليه وسلم مراد معين، إذًا لا فائدة من النص من الآية أو الحديث؟ ما له قيمة، والنتيجة الحتمية لهذه المدرسة –مدرسة إعادة قراءة النص والقراءة الجديدة للنص– أن يصبح القرآن والسنَّة إذًا ألفاظًا لا معاني لها محددة ولا يرجع إليها، إذًا فقدت صفة المرجعية، فقدت القطعية.

وقد جاء عن زياد بن لبيد قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً، فقال: ((وذاك عند أوان ذهاب العلم))، قلت: يا رسول الله، وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونُقرؤه أبناءنا، ويقرؤه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة؟ قال: ((ثكلتك أمك يا زياد، إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة، أوليس هذه اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل لا ينتفعون مما فيهما بشيء؟)) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

إذن اليهود والنصارى لماذا لم يستفيدوا من كتابهم الذي نزَل عليهم؟ لأنَّهم حرَّفوه تحريفين: تحريف اللفظ وتحريف المعنى، الأحبار والرهبان لمدرسة إعادة قراءة النص في زمننا الآن لا يستطيعون تحريف اللفظ، فليس عندهم طريق إلا تحريف المعنى، وسينتج عن إعادة قراءة النص إلغاء الفهم السائد للدين، فالقراءة الجديدة للنص هي قراءة طبعًا محرفة باحتمالات غير متناهية، وبما أنَّ الشأن شخصي وفردي، وبما أنَّنا الآن في ظروف متغيرة وعصر مختلف؛ فإذن هذه القراءة الجديدة ناسخة للدين الصحيح السائد الذي تناقلته الأمة عبر الأجيال من عهد نبينا صلى الله عليه وسلم إلى الآن.

وقد اعتمد بعض هؤلاء المحرفين تعبيرًا عن الفهم الجديد للدين بمصطلح الرسالة الثانية للإسلام، أو الوجه الثاني لرسالة الإسلام، فأنت تجد في كلامهم من عبارات يستعملونها: الرسالة الثانية للإسلام، أو الوجه الثاني لرسالة الإسلام؛ إشارة إلى أنَّ الرسالة الأولى: هي التي استقرَّ عليها فهم الأمة وسلف الأمة ومن تبعهم إلى زمننا هذا، والرسالة الثانية: هي التي آن الأوان لها، هي التي يبشرون بها، هي القادم الجديد، هي القراءة الجديدة للنص.

وقد عنون محمود محمد طه كتابه الذي شرع فيه فهمه الجديد للدين بعنوان "الرسالة الثانية في الإسلام" حتى نعرف أيش المقصود بالرسالة الثانية، إنَّ الفهم الجديد الذي تنتجه هذه القراءة هو فهم قد ينتهي من حيث المبدأ إلى مخالفة كل شيء سائد، من السائد الآن أنَّ هناك شيئا اسمه الصلوات الخمس، الآن ستأتي أشياء تخالف هذا السائد، صوم رمضان سيخالف هذا السائد، مثلًا: تحريم نكاح المحارم، مثلا تحريم نكاح العمة والخالة والأخت، يمكن أن يجيء الآن فهم آخر مخالف للسائد؛ لأنَّ تحريم نكاح المحارم سائد؛ فإذن هذا مخالف للسائد.

فالخلاصة: يقول نصر حامد أبو زيد: ((إنَّ الفهم الجديد للدين الذي تنتجه هذه القراءة هو فهم قد ينتهي من حيث المبدأ إلى مخالفة كل ما هو سائد للفهم، سواء تعلق الأمر بالمرتكزات العقائدية أو بالشرائع أو بالأخلاق))، يمكن أن تتغير الأخلاق السائدة الآن، وتجيء أخلاق جديدة، هي المعتمدة وهي الأصح، هذا في كتابه "النص السلطة الحقيقية".

فالخلاصة: أنًَّ الإسلام الذي يتحدثون عنه ليس هو الإسلام الذي أنزله الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم، وقال عنه: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]، وليس هو الإسلام الذي قال الله عنه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، فالإسلام الجديد العصري المستنير ليس من الضرورة أن يقوم على خمسة أركان، ولذلك يوجد في كتاباتهم نزاع حتى في قضية الشهادتين، فالشهادتان في الدين الجديد ليس لهما مدلول إيماني؛ لأنَّه كما يقول حسن حنفي في "من العقيدة إلى الثورة" يقول: ((في حقيقة الأمر وطبقًا لمقتضيات العصر لا تعني الشهادة التلفظ بهما أو كتابتهما، إنَّما تعني الشهادة على العصر، ليست الشهادتان إذًا إعلانًا لفظيًّا عن الألوهية والنبوة –يقول حسن حنفي– بل الشهادة النظرية والشهادة العملية على قضايا العصر وحوادث التاريخ)).. شاهد على العصر!!.

أما الجزء الثاني من الشهادة فليس من الإسلام، هم يقولون: يعني: أشهد أنَّ محمدًا رسول الله، الذي هو الجزء الثاني من الشهادة هذه ورطة، يعني هو الآن يتعامل مثلًا مع اليهود والنصارى والبوذيين، يعني: أشهد أن لا إله إلا الله، يمكن أن نرى لها إلها نلتقي نحن وهم في إله واحد، يمكن، لكن أشهد أنَّ محمدًا رسول الله، اليهود لا يؤمنون بها، النصارى لا يؤمنون بها، فالجزء الثاني من الشهادة عندهم ليس من الإسلام، يعني متى يتصورون أنَّه يمكن أن يوجد إسلام لكن لا يلزمك بشهادة أنَّ محمدًا رسول الله، لا يلزم، لماذا؟ لأنَّ المسلمين.. يقول الصادق النيهوم وهو من أنبيائهم في العصر هذا، يقول -وهو مفكر ليبي–: ((الجزء الثاني من الشهادة ليس من الإسلام؛ لأنَّ المسلمين هم الذين أضافوها؛ إذ كان الإسلام في البداية دعوة إلى لقاء لكل الأديان))، الصادق النيهوم في صوت الناس "محنة ثقافة مزورة" [ص: 25] يقول: إضافة (أشهد أنَّ محمدًا رسول الله) التي لا يعترف بها اليهودي والنصراني يقول: هذه إضافة أضافها بعض الناس فيما مضى، وأنَّها ليست من الإسلام الأصلي، لماذا؟ لأنَّ الإسلام الأصلي سيلتقي مع بقية الأديان، فكيف سيلتقي مع بقية الأديان؟ فيقول النيهوم هذا: ((إذ كان الإسلام في البداية دعوة إلى لقاء لكل الأديان))، يقول: هذا الدين غلط، فما المشكلة؟ لم تدخل محمدًا رسول الله في الموضوع؟ لأنَّ بقية الأديان لا يؤمنون بها، ولذلك عندهم تركيز على الرب الواحد، أما (محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) هذه فما لها اسم.

والصلاة مسألة شخصية، وليست واجبة عند أركون وعبد المجيد الشرفي، وفرضت ابتداء، طيب لم فرضت الصلاة؟ أنتم تقولون: إنَّ الصلاة هذه كانت مؤقتة بظروف، فلماذا فرضت منذ زمن في أول الإسلام؟ يقول عبد الهادي عبد الرحمن في "سلطة النص": ((وفرضت أصلًا لتليين عريكة العربي، وتعويده على الطاعة للقائد))؛ لأنَّ رجال العرب من قبائل وكلهم متنافرون، ولا قائد، بل فوضى، فلكي يعوِّد العرب الأوائل على أن يطيعوا قائدًا يقودهم -محمدًا صلى الله عليه وسلم- جاءت الصلاة لتليين عريكة العربي وتعليمه –إمام ومأموم هذه– من أجل تعويد العرب أن يتبعوا قائدهم، والآن هناك نظام! والناس كلهم يتبعون قائدًا، يعني الحياة المدنية أوجدت نظامًا، يعني لا فوضى كالسابق، فلم يعد للصلاة داعٍ؛ لأنَّ الصلاة كانت لتليين العريكة! عريكة العربي الفوضوي الأول!!.

والزكاة عندهم ليست واجبة، وإنَّما هي اختيارية، كما يقول عبد المجيد الشرفي، كما أنَّها لا تؤدي الغرض؛ لأنَّها تراعي معهود العرب في الحياة التي كانوا عليها، فهي تمس الثروات الصغيرة والمتوسطة أكثر مما تمس الثروات الضخمة، هكذا يقول الجابري، والصوم كذلك ليس فرضًا، وإنَّما هو للتخيير، وهو مفروض على العربي فقط؛ لماذا؟ لأنَّه قديما كان هناك فقر، فلمواجهة الفقر وقلة الطعام شرع الصيام، لكن الآن الأطعمة متوفرة ومنتشرة، ولا فقر ولا جوع خصوصًا في المدن، يعني: في السوبر ماركت كم تجد من أصناف الطعام، فالصيام فرض لأجل حل مشكلة الفقر، فلم الصيام؟ إعادة قراءة للنص! تجديد الدين! هذا ليس تجديدا للدين، هذا مفهوم تجديد الدين عندهم، نحن التجديد عندنا أهل الإسلام ((يبعث الله على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)) يعني: يعيدها إلى ما كان عليه على عهد محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، تجديد الدين عندنا يعني: إعادة الناس إلى الكتاب والسنَّة، يعني: تطلع بدع ومحدثات وشركيات، فالمجدد ما وظيفته؟ يخلص الناس الذين في عهده ويبين لهم البدع والشركيات والمحدثات، ويرجعهم إلى الأصل وإلى النقاء وإلى الصفاء وإلى المصدرين: الكتاب والسنَّة، وإلى فهم الصحابة وإلى الأصل، هذا التجديد عندنا، أما التجديد عندهم فهو: الإتيان بدين جديد.

الحج عندهم ليس من الضروري أن يقام بطقوسه المعروفة؛ إذ يغني عنه الحج العقلي، أو الحج الروحي، ولذلك تقول هذه الضالة نوال السعداوي: ((أنا أحج عندي في البلكونة، في فكري يجول ويحج في البلكونة)) يعني: أنتم تظنون أنَّا نحن نسخر أو نستهزئ، هم ينصون على هذا! هذا كلامهم، يعني مضحك، يعني أهل الإيمان يضحكون، مشكلة والله، الواحد يشفق على الأجيال القادمة؛ لأنَّها تقرأ، يعني: يخرج شباب وجامعات وثانوية وموظفون، تأسيسهم العلمي ضعيف مثلًا، اطلاعهم على الكتاب والسنَّة، ومعاني كلام الصحابة والسلف والعلماء ضعيف، يقرءون الجرائد، فيقرأ الجرائد، وقنوات ومواقع إنترنت وأشياء من هذا النوع، ماذا تتوقع؟! فنحن والله قلقون ونخشى عليهم، ليس لأنَّ القوم عندهم حجج قوية، أنت ترى الآن شيئًا مضحكًا، أنت لو تأملت واستعرضت هكذا اتضح لك الضلال، يعني: أيّ مسلم صادق وعنده قواعد وثوابت وأسس يعرف ضلال هؤلاء، فليس صعبا اكتشاف ضلالهم لأنه واضح، لكن أنت تقلق على الجيل الذي ليس عنده الثوابت واضحة، ويصب فوق رأسه يوميًّا من مقالات الجرائد، والمواقع، والبرامج الإعلامية، ماذا سينشأ عنده في نفسه؟

ويقول صاحب الكتاب واصفًا الإسلام بين التزوير والتنوير في بيان هذه المشكلة، نحن اليوم ندعوه لإعادة النظر في الفرائض والعبادات وسؤال أهل الخبرة والاختصاص عن فوائد الصيام وأضراره اقتصاديًّا وصحيًّا، لماذا؟ لأنَّه إذا قال أهل الخبرة: إنَّ الصيام يقلل الإنتاج، يقلل إنتاج المصانع، يقلل إنتاج الشركات، يقلل الدخل القومي، إذًا الصيام مضر بالمجتمع، فلا بد من ترك الصوم؛ لأنَّ هؤلاء الناس يعبدون الدينار والدرهم، فإذا كان عندهم شيء يقلل الدينار والدرهم فلا بد من إيقافه، فليس المهم عندهم الصلة بين العبد والرب وأنَّ الأهم الجنة، وأنَّ الأهم الآخرة، والأهم زيادة الإيمان، بل عندهم الأهم الدنيا لا الآخرة، ولذلك يقول: منذ زمن كان هناك جوع وفقر فالصيام مناسب، لكن الآن الصيام يقلل الإنتاج، يصير الدوام ست ساعات، ويقل الإنتاج، يقول: بما أنَّ الزمن تغير نشطب الصوم، وعلى هذا الأساس الجديد والتأصيل ألغت هذه القراءة الحدود الشرعية باعتبارها مؤلمة ووحشية وهمجية وبغيضة، والغرب ينتقدنا عليها صباح مساء، وحقوق الإنسان والأمم المتحدة يقولون: هذه همجية وهذه وحشية (قطع يد السارق)، والمثقف الذي عندنا الذي يتبعهم، يعني الهمجية على قطع السارق too much، المسألة متابعة، بما أنَّ الغرب استنكر، فهؤلاء لا بد أن يسيروا على منوال الغرب، وإن كان الاستنكار ألفاظه تختلف، فهذا يقول: همجية، وهذا يقول: too much لكنها في النهاية اعتراض على حكم الله، وهكذا جعلوا الثوابت الشرعية مجالًا للنقاش والأخذ والعطاء، والرد والقبول، والنهي والإيجاب، وهي أشياء محكمة وقطعية {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} [المائدة: 38]، هذا صار الآن أخذًا وعطاء! حدّ الردة تؤيد ولا تعارض؟! (برامج في قنوات إسلامية)، تعدد الزوجات تؤيد ولا تعارض؟! حكم شرعي ثابت من الكتاب والسنَّة، ويخرجون الآن تلامذة الغرب المتأثرون بمدرسة إعادة قراءة النص، يطلع لك الآن استفتاء على تعدد الزوجات.

طبعًا نظام الإرث أيضًا طالته القراءة الجديدة للنص، تمييز ضد المرأة، ظلم المرأة، لم تكون المرأة نصف الرجل؟ لماذا؟ مخلوق آخر هي؟ ولا ينظرون للحِكم الإلهية، مع أنَّ بعض حالات الميراث المرأة تأخذ أكثر من الرجل، وفي حالات تأخذ مثل الرجل، الإخوة لأم، إخوة وأخوات ما عندهم نظر في حِكم الشرع؛ لأنَّهم أصلًا لا يعترفون، الشرع عندهم هذا عقبة في طريق الهوى، ناس عندها شهوات، كيف تعيش والشرع يقف في الطريق، يقف ضدهم، يقف ضد أهوائهم، يريدون شهوات مفتوحة، حكم تحريم الاختلاط يقف في طريقه، والمحرم والولي يقف في طريقه، والحجاب يقف في طريقه، فلا بد للناس من هذه الأشياء، ترى يا جماعة والله هم دعاة شهوات، يبتغون التحرر من كل القيود، أمنيتهم أن يتسافدوا تسافد الحمير، بعضهم على بعض كالحمير في الشوارع، إباحية، كيف سيصلون للإباحية، الحجاب مشكلة في الطريق، الاختلاط مشكلة في الشريعة، نقول: صفوف النساء وراء، وباب خاص للنساء، وليس لكن أن تحققن الطريق، لا تمشي المرأة في وسط الطريق وهن خارجات للمسجد أنكر عليهن، لماذا لا يختلطن بالرجال، والمرأة استعطرت فخرج منها ريحها فهي زانية، هو يبغي السكرتيرة، في الصباح يشم رائحة العطر منها! فيجيء الحديث يقول لمن استعطرت: هي زانية، لا يمشي معه، ((ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما))، يقول: لا!.. المرأة محل وموضع ثقة، وهذا تشكيك بالمرأة، وهذا تشكيك في النيات، يوجه الكلام لمن؟ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، للحديث، هذا التشكيك في النيات، يقول الحديث: ((ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما))، هذا تشكيك في النيات.

سد الذرائع! يقول: هذا الباب مرفوض أصلاً:
أنتم عقَّدتم الدين، أنتم أتيتم بسد الذرائع، وهو واضح من نصوص الآيات والأحاديث؛ {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108] يعني: سدًّا للذريعة منعهم، ومن سبَّ أصلًا آلهة المشركين فما حكمه؟ طيب وأنظمة الأسرة، ونظام القوامة، ونظام الطلاق، ونظام الحضانة، وتعدد الزوجات، وقضية الإجهاض، هذه عندهم.. يقول عبد المجيد الشرفي: ((لا تنسجم مع تطورات العصر، فيجب أن تلغى أو تعدل، لمنافاتها للعدل والمساواة بين الرجل والمرأة)).

وانتهت هذه القراءة -إعادة قراءة النص- أيضًا إلى ما يشبه إباحة بعض أنواع الزنا وإخراجه عن دائرة التحريم الذي أثبتته النصوص القطعية، وقال أحدهم: يتحتم حصر معنى الزنا في العلاقة الجنسية بين رجل وامرأة أحدهما متزوج، هذه جريمة، ويعاقب عليها القانون، أمَّا إذا كان الرجل غير متزوج، والمرأة غير متزوجة، فما هذه بخيانة، ما هي بزنا، هذه مباحة، والقانون ما يحرمها مع أنَّ الحد يقول مائة جلدة.

جمال البنا.. أيش أباح مؤخرًا؟ التقبيل بين الجنسين!! قال: هذا تدعو إليه الحاجة، نوع من التنفيس، تنفيس أيش؟! لماذا تسلط الأضواء على هذه الفتاوى؟! لماذا؟! فهوم وتأويلات وأحكام مناسبة للعصر، وتغيير أحكام شرعية، وقضية العالمية الإسلامية الثانية، والبعد الزماني والبعد المكاني، ترى قضية البعد الزماني والمكاني –تجدها في كتاباتهم– أيش المقصود بالبعد الزماني والمكاني؟

يقول لك: إنَّه هناك بعد زماني ومكاني، وستصبح الأحكام الشرعية الآن لها مدلولات، ولا بد أن تعدل، ويقول محمد شحرور: ((إنَّ الإيمان المعاصر له ركنان فقط: الإيمان بالله واليوم الآخر))، طيب: والإيمان بالملائكة؟! لا، والإيمان بالرسل؟ لا، والإيمان بالكتب؟ لا، والإيمان بالقضاء والقدر؟ لا، طيب: حديث جبريل، فهو يرد حديث جبريل، ويقول الإيمان: ركنان: الإيمان بالله والاستقامة! انظر ما تفسير الاستقامة؟ لماذا؟ اسأل نفسك لماذا؟ لأنَّهم يريدون إدخال النصارى واليهود في مفهوم الإيمان والإسلام، واعتبارهم ناجين يوم القيامة، لماذا يحذف أربعة من أركان الإيمان؟ ويكون الإيمان بالله واليوم الآخر فقط؛ لأنَّه يستطيع أن يدخل فيها اليهود والنصارى على أنَّهم مؤمنون، الله يقول: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة: 73] الله كفرهم وأنت بعد أن كفرهم تجعلهم من أهل الإيمان، وتلغي أربعة من أركان الإيمان من أجل عيونهم لجعلهم داخلين في الإيمان.

وعند طائفة ثالثة يُفتح المجال للبوذية وكل الأديان الوضعية للدخول في سفينة النجاة، نصُّوا على هذا! أليسوا يؤمنون ببوذا؟! إذًا مؤمنون!! إخواننا في الإيمان! الهندوس يؤمنون بالبقرة، إذًا مؤمن!، ومن ثم فإنَّ مسألة الشرك بالله عز وجل هذه من باب أولى ألَّا تكون موجودة، وأنَّ التخلف هو الشرك، والتقدم توحيد، هذا الشحرور يقول: يصير كل شيء إلكتروني توحيدًا، والمتخلف الذي يكتب باليد مشرك!

كذلك يجب أن نفهم أن الغيبيات عمومًا كالعرش والكرسي والملائكة والجن والشياطين والصراط والسجلات ليست إلا تصورات أسطورية، من يقول هذا الكلام؟ نصر حامد أبو زيد، الذي يلمعونه في الفضائيات، مقابلات، الدكتور نصر حامد أبو زيد!! ويقولون: فكرة اليوم الآخر في أساسها نشأت مع عبادة الشمس من المصريين، وفكرة الخلود مع دين الفراعنة كما جاء بكتاب "ملاحم الحقيقة"، والعالم الآخر أسطورة اخترعها الكهنة ليسيطروا على الناس ويحكمونهم، هذا قاله مفكر النيهوم في كتاب "الإسلام في الأثر"، البعث الذي يعنيه القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم ليس هو البعث بعد الموت، وإنَّما هو البعث من عالم الطفولة والتخلف إلى عالم التقدم، ويقول حنفي: ((قد لا يكون البعث واقعة مادية تتحرك فيها الجبال وتخرج لها الأجساد، بل يكون البعث هو بعث الحزب، وبعث الأمة، وبعث الروح، فأي واقعة شعورية تمثل لحظة اليقظة في الحياة في مقابل لحظة الموت والسكون)).

إذن عندهم أنَّ المرء يكون مسلمًا ويكون مؤمنًا، ولو لم يؤمن بالجن ولا بالملائكة ولا بالكتب، فالإيمان ما وقر في القلب وصدَّقه العمل بناء على كلامهم، والجنة والنار: هما النعيم والعذاب في الدنيا، وليس في عالم آخر، هكذا يقول حنفي في كتابه من "العقيدة إلى الثورة"، وطبعًا نحن نعرف ابن سينا وأشكاله، أنكروا الجنة والنار والنبوات، وقالوا: إنَّ الجنة هذه فكرة جلبتها الشريعة لأجل تحميس الناس لفعل الخير، والنار حتى تخوفهم من فعل الشر، وفي الحقيقة لا جنة ولا نار بعد الموت.

ويقول تركي الربيع: ((أما الحور العين والملذات فهي تعبير عن الفن والحياة بدون قلق))، وهذا في كتابه "العنف المقدس والجن في الميثولوجيا الإسلامية".

وطريقة هؤلاء القوم كما يقول ابن القيم –نرجع إلى علمائنا–: ((استخراج معاني النصوص، وصرفها عن حقائقها بأنواع المجازات، وغرائب اللغات، ومستنكر التأويلات؛ فأدى بهم هذا الظن الفاسد إلى نبذ الكتاب والسنَّة وأقوال الصحابة والتابعين وراء ظهورهم، فجمعوا بين الجهل بطريقة السلف والكذب عليهم، وبين الجهل والضلال بتصويب طريقة الخلف، والتأويل إذا تضمن تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم فحسبه ذلك بطلانًا)) [كتاب "الصواعق المرسلة"].

وقد صدق فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم))، رواه مسلم، وفي رواية: ((لا يضلونكم ولا يفتنونكم))، رواه مسلم، هؤلاء أصحاب إعادة قراءة النص، القراءة الجديدة للنص، هؤلاء الذين يريدون الاستغناء عن النصوص بقواعد المصالح والضرورات، هؤلاء هم العدو فاحذرهم.

يتبع...

 

 


للتبرع بمبلغ 10 ريال
ارسل رسالة فارغة إلى الرقم
STC & Mobily
5565




موضوع مهم جداً:
كلمات حق يراد بها باطل










 

المسلم العربي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس