
31-05-2012, 09:48 PM
|
 |
|
|
تاريخ التسجيل: Oct 2009
التخصص: SELF ADMIN
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: الثامن
الجنس: ذكر
المشاركات: 4,472
|
|
الأحكام الشرعية في شهر رجب من القرآن والسنة
الحمد لله الواحد القهار والصﻼة والسﻼم على النبي المختار وعلى آله وصحبه الطيبين اﻷطهار . وبعد :
فالحمد لله القائل : " وربك يخلق ما يشاء ويختار " ، واﻻختيار هو اﻻجتباء واﻻصطفاء الدال على ربوبيته ووحدانيته وكمال حكمته وعلمه وقدرته .
ومن اختياره وتفضيله اختياره بعض اﻷيام والشهور وتفضيلها على بعض ، وقد اختار الله من بين الشهور أربعة حُرما قال تعالى : " إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات واﻷرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فﻼ تظلموا فيهن أنفسكم " . وهي مقدرة بسير القمر وطلوعه ﻻ بسير الشمس وانتقالها كما يفعله الكفار .
واﻷشهر الحرم وردت في اﻵية مبهمة ولم تحدد اسماؤها وجاءت السُنة بذكرها : فعن أبي بكرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع وقال في خطبته : إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات واﻷرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثﻼث متواليات ذو القَعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان . رواه البخاري رقم (1741) في الحج باب الخطبة أيام منى ، ورواه مسلم رقم (1679) في القسامة باب تحريم الدماء .
وسمي رجب مضر ﻷن مضر كانت ﻻ تغيره بل توقعه في وقته بخﻼف باقي العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون في الشهور بحسب حالة الحرب عندهم وهو النسيء المذكور في قوله تعالى : " إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله " .
وقيل أن سبب نسبته إلى مضر أنها كانت تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك .
- سبب تسميته :
قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (ص445) :
رجب : الراء والجيم والباء أصلٌ يدل على دعم شيء بشيء وتقويته ... ومن هذا الباب : رجبت الشيء أي عظّمته ... فسمي رجبا ﻷنهم كانوا يعظّمونه وقد عظمته الشريعة أيضا ..أ.هـ.
وقد كان أهل الجاهلية يسمون شهر رجب مُنصّل اﻷسنّة كما جاء عن أبي رجاء العطاردي قال : كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخيرُ منه ألقيناه وأخذنا اﻵخر ، فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة ( كوم من تراب ) ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه ثم طفنا به فإذا دخل شهر رجب قلنا مُنصّل اﻷسنة فﻼ ندع رمحا فيه حديدة وﻻ سهما فيه حديدة إﻻ نزعناه وألقيناه في شهر رجب . [رواه البخاري]
قال البيهقي : كان أهل الجاهلية يعظّمون هذه اﻷشهر الحرم وخاصة شهرَ رجب فكانوا ﻻ يقاتلون فيه .ا.هـ.
رجب شهر حرام :
إن لﻸشهر الحرم مكانةً عظيمة ومنها شهر رجب ﻷنه أحد هذه اﻷشهر الحرم قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا ﻻ تحلوا شعائر الله وﻻ الشهر الحرام " .
أي ﻻ تحلوا محرماته التي أمركم الله بتعظيمها ونهاكم عن ارتكابها فالنهي يشمل فعل القبيح ويشمل اعتقاده .
وقال تعالى : " فﻼ تظلموا فيهن أنفسكم " أي في هذه اﻷشهر المحرمة . والضمير في اﻵية عائد إلى هذه اﻷربعة اﻷشهر على ما قرره إمام المفسرين ابن جرير الطبري - رحمه الله -
فينبغي مراعاة حرمة هذه اﻷشهر لما خصها الله به من المنزلة والحذر من الوقوع في المعاصي واﻵثام تقديرا لما لها من حرمة ، وﻷن المعاصي تعظم بسبب شرف الزمان الذي حرّمه الله ؛ ولذلك حذرنا الله في اﻵية السابقة من ظلم النفس فيها مع أنه - أي ظلم النفس ويشمل المعاصي - يحرم في جميع الشهور .
- القتال في الشهر الحرام :
قال تعالى : " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير "
جمهور العلماء على أن القتال في اﻷشهر الحرم منسوخ بقوله تعالى : " فإذا أنسلخ اﻷشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " وغير ذلك من العمومات التي فيها اﻷمر بقتالهم مطلقا .
واستدلوا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قاتل أهل الطائف في ذي القعدة وهو من اﻷشهر الحرم .
وقال آخرون : ﻻ يجوز ابتداء القتال في اﻷشهر الحرم وأما استدامته وتكميله إذا كان أوله في غيرها فإنه يجوز . وحملوا قتال النبي صلى الله عليه وسلم ﻷهل الطائف على ذلك ﻷن أول قتالهم في حنين في شوال .
وكل هذا في القتال الذي ليس المقصود فيه الدفع ، فإذا دهم العدو بلدا للمسلمين وجب على أهلها القتال دفاعا سواء كان في الشهر الحرام أو في غيره .
العَتِيرَة :
كانت العرب في الجاهلية تذبح ذبيحة في رجب يتقربون بها ﻷوثانهم .
فلما جاء اﻹسﻼم بالذبح لله تعالى بطل فعل أهل الجاهلية واختلف الفقهاء في حكم ذبيحة رجب فذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن فعل العتيرة منسوخ واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ﻻ فرع وﻻ عتيرة. رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة.
وذهب الشافعية إلى عدم نسخ طلب العتيرة وقالوا تستحب العتيرة وهو قول ابن سيرين .
قال ابن حجر : ويؤيده ما أخرجه ابوداود والنسائي وابن ماجة وصححه الحاكم وابن المنذر عن نُبيشة قال : نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب فما تأمرنا .
قال : اذبحوا في أي شهر كان ……الحديث .
قال ابن حجر : فلم يبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم العتيرة من أصلها وإنما أبطل خصوص الذبح في شهر رجب .
الصوم في رجب :
لم يصح في فضل الصوم في رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وﻻ عن أصحابه .
وإنما يشرع فيه من الصيام ما يشرع في غيره من الشهور ، من صيام اﻻثنين والخميس واﻷيام الثﻼثة البيض وصيام يوم وإفطار يوم ، والصيام من سرر الشهر وسرر الشهر قال بعض العلماء أنه أول الشهر وقال البعض أنه أوسط الشهر وقيل أيضا أنه آخر الشهر . وقد كان عمر رضي الله عنه ينهى عن صيام رجب لما فيه من التشبه بالجاهلية كما ورد عن خرشة بن الحر قال : رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول : كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية . ( اﻹرواء 957 وقال اﻷلباني : صحيح)
قال اﻹمام ابن القيم : ولم يصم صلى الله عليه وسلم الثﻼثة اﻷشهر سردا (أي رجب وشعبان ورمضان) كما يفعله بعض الناس وﻻ صام رجبا قط وﻻ استحب صيامه.
وقال الحافظ ابن حجر في تبين العجب بما ورد في فضل رجب : لم يرد في فضل شهر رجب وﻻ في صيامه وﻻ في صيام شيء منه معيّن وﻻ في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة وقد سبقني إلى الجزم بذلك اﻹمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ وكذلك رويناه عن غيره .
وفي فتاوى اللجنة الدائمة : أما تخصيص أيام من رجب بالصوم فﻼ نعلم له أصﻼ في الشرع .
العُمرة في رجب :
دلت اﻷحاديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رجب كما ورد عن مجاهد قال : دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة رضي الله عنها فسئل : كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أربعا إحداهن في رجب . فكرهنا أن نرد عليه قال : وسمعنا إستنان عائشة أم المؤمنين ( أي صوت السواك ) في الحجرة فقال عروة : يا أماه يا أم المؤمنين أﻻ تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن ؟ قالت : ما يقول ؟ قال : يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات إحداهنّ في رجب . قالت : يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إﻻ وهو شاهد ( أي حاضر معه ) وما اعتمر في رجب قط . متفق عليه وجاء عند مسلم : وابن عمر يسمع فما قال ﻻ وﻻ نعم .
قال النووي : سكوت ابن عمر على إنكار عائشة يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسي أوشك.
ولهذا كان من البدع المحدثة في مثل هذا الشهر تخصيص رجب بالعمرة واعتقاد أن العمرة في رجب فيها فضل معيّن ولم يرد في ذلك نص إلى جانب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أنه اعتمر في رجب قال الشيخ علي بن إبراهيم العطار المتوفى سنة 724هـ : ومما بلغني عن أهل مكة زادها الله شرفا اعتياد كثرة اﻻعتمار في رجب وهذا مما ﻻ أعلم له أصﻼ بل ثبت في حديث أن الرسول صلى الله عليه قال : عمرة في رمضان تعدل حجة .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في فتاويه : أما تخصيص بعض أيام رجب بأي شيء من اﻷعمال الزيارة وغيرها فﻼ أصل له لما قرره اﻹمام أبو شامة في كتاب البدع والحوادث وهو أن تخصيص العبادات بأوقات لم يخصّصها بها الشرع ﻻ ينبغي إذ ﻻ فضل ﻷي وقت على وقت آخر عدا ما فضله الشرع بنوع من العبادة أو فضل جميع أعمال البر فيه دون غيره ولهذا أنكر العلماء تخصيص شهر رجب بكثرة اﻻعتمار فيه ا.هـ.
ولكن لو ذهب اﻹنسان للعمرة في رجب من غير اعتقاد فضل معيّن بل كان مصادفة أو ﻷنّه تيسّر له في هذا الوقت فﻼ بأس بذلك .
البدع المحدثة في شهر رجب :
إن اﻻبتداع في الدين من اﻷمور الخطيرة التي تناقض نصوص الكتاب والسنة فالنبي صلى الله عليه لم يمت إﻻ وقد اكتمل الدين قال تعالى : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم اﻹسﻼم دينا " وجاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد . متفق عليه وفي رواية لمسلم : من عمل عمﻼ ليس عليه أمرنا فهو رد . وقد ابتدع بعض الناس في رجب أمورا متعددة فمن ذلك :
- صﻼة الرغائب وهذه الصﻼة شاعت بعد القرون المفضلة وبخاصة في المائة الرابعة وقد اختلقها بعض الكذابين وهي تقام في أول ليلة من رجب قال شيخ اﻹسﻼم ابن تيمية رحمه الله : صﻼة الرغائب بدعة باتفاق أئمة الدين كمالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري واﻷوزاعي والليث وغيرهم والحديث المروي فيها كذب بإجماع ﻷهل المعرفة بالحديث .ا.هـ.
- وقد روي أنه كان في شهر رجب حوادث عظيمة ، ولم يصح شيء من ذلك ؛ فروي أن النبي صلى الله عليه وسلم وُلد في أول ليلة منه ، وأنه بعث في ليلة السابع والعشرين منه ، وقيل : في الخامس والعشرين ، وﻻ يصح شيء من ذلك ، وروي بإسناد ﻻ يصح عن القاسم بن محمد أن اﻹسراء بالنبي كان في السابع والعشرين من رجب ، وأنكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره . فأصبح من بدع هذا الشهر قراءة قصة المعراج واﻻحتفال بها في ليلة السابع والعشرين من رجب ، وتخصيص تلك الليلة بزيادة عبادة كقيام ليل أو صيام نهار ، أو ما يظهر فيها من الفرح والغبطة ، وما يقام من احتفاﻻت تصاحبها المحرمات الصريحة كاﻻختﻼط واﻷغاني والموسيقى وهذا كله ﻻ يجوز في العيدين الشرعيين فضﻼ عن اﻷعياد المبتدعة ، أضف إلى ذلك أن هذا التاريخ لم يثبت جزما وقوع اﻹسراء والمعراج فيه ، ولو ثبت فﻼ يعد ذلك شرعا مبررا لﻼحتفال فيه لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وﻻ عن الصحابة رضوان الله عليهم وﻻ عن أحد من سلف هذه اﻷمة اﻷخيار ولو كان خيراً لسبقونا إليه ، والله المستعان..
- صﻼة أم داود في نصف رجب .
- التصدق عن روح الموتى في رجب .
- اﻷدعية التي تقال في رجب بخصوصه كلها مخترعة ومبتدعة .
- تخصيص زيارة المقابر في رجب وهذه بدعة محدثة أيضا فالزيارة تكون في أي وقت من العام .
نسأل الله أن يجعلنا ممن يعظّمون حرماته ويلتزمون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
المصدر
http://islamqa.info/ar/ref/books/39
محبكم / إحساس ناجح |
|