أركـــــــــــان الصــــــــلاة
[وأركان الصلاة أربعة عشر: القيام مع القدرة، وتكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والركوع، والرفع منه، والسجود على الأعضاء السبعة، والاعتدال منه، والجلسة بين السجدتين، والطمأنينة في جميع الأركان، والترتيب، والتشهد الأخير، والجلوس له، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والتسليمتان].
ركن الشيء في اللغة جانبه الأقوى، والصلاة في اللغة الدعاء، وفي الشرع: أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، وأركان الصلاة من أجزائها، والفرق بين الشرط والركن، أن ركن الشيء جزء منه داخل فيه، وأما الشرط، فليس من أجزائه، بل هو إما متقدّم عليه ومصاحب له كالطهارة، أو مصاحب له كاستقبال القبلة.
[الركن الأول: القيام مع القدرة ]
والدليل قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238] ].
يجب في صلاة الفرض أن يصلي المرء قائماً إذا كان قادراً على القيام، ومن صلى جالساً مع قدرته عليه لم تصح صلاته، ويدل لذلك حديث عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب". رواه البخاري (1117).
أما في صلاة النافلة، فيجوز أن يصليها وهو جالس، وأجره على النصف من أجر القائم، والأفضل أن يصليها قائماً ليحصل الأجر كاملاً، لحديث عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما في ذلك، أخرجه مسلم (735)، وإذا لم يستطع المريض أن يصلي قائماً، فصلى الفرض والنفل جالساً فله الأجر
كاملاً، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي موسى رضي الله عنه: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً". رواه البخاري (2996).
[الثاني تكبيرة الإحرام ]
والدليل حديث: "[تحريمها التكبير وتحليلها التسليم" ]
تكبيرة الإحرام، أول تكبيرات الصلاة، وهي في الصلاة كالإحرام في الحج
والعمرة، وإنما سميت تكبيرة الإحرام لأنه يحرم على المصلي إذا دخل في
صلاته بهذه التكبيرة، أمورٌ كانت حلالاً له قبل ذلك كالأكل والشرب والكلام
وغير ذلك، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "تحريمها التكبير وتحليلها
التسليم"رواه الترمذي وغيره عن علي رضي الله عنه وقال (3):
هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن. وانظر إرواء الغليل (301).
[وبعدها الاستفتاح، وهو سنّة، قول:
"سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك".
ومعنى (سبحانك اللهم): أي أنزهك التنزيه اللائق بجلالك. (وبحمدك) : أي
ثناء عليك. (وتبارك اسمك): أي البركة تنال بذكرك. (وتعالى جدك): أي
جلّت عظمتك. (ولا إله غيرك): أي لا معبود في الأرض ولا في السماء بحق سواك يا الله].
الاتيان بدعاء الاستفتاح سراً بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة من سنن الصلاة
ومستحباتها، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بصيغ متعدّدة، يأتي
المصلي بأحدها في صلاته، ولا يجمع بينها في صلاة واحدة، وهذا الذي
ذكره الشيخ أحدها وهو عن عمر وعائشة وأبي سعيد رضي الله عنهم، وانظر
إرواء الغليل (340) و(341)، ثم إن الشيخ رحمه الله شرح هذا الدعاء، وفي الجمع بين التسبيح والتحميد تنزيه الله عزّ وجلّ عن كلّ ما لا يليق به، وإثبات كل كمال يليق به، و(تبارك) على وزن تفاعل، من البركة، وكل خير
- وبركة إنما ينال بذكره سبحانه وتعالى، كما قال الله عزّ وجلّ:
{أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} وقال: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}، وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل الذي يذكر ربّه والذي لا يذكر ربّه مثل الحي والميت".
رواه البخاري (6407) من حديث أبي موسى رضي الله عنه، ويحتمل أن يكون المراد بالاسم الأسماء، فيكون من قبيل إضافة المفرد إلى معرفة، فيعم،
كقوله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا}، و(تعالى جدك) هو مثل
قوله تعالى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً}، وهذه الكلمات
الثلاث، التي جاءت في هذا الدعاء وهي (سبحانك) و(تبارك) و(تعالى)، لا تقال إلاّ لله تعالى، فلا يقال لغيره: سبحانك، وتباركت، وتعاليت، ولا سبحانه وتبارك وتعالى.قوله: [ (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم): معنى (أعوذ): ألوذ وألتجىء وأعتصم بك يا الله منالشيطان الرجيم، المطرود، المبعد عن رحمة الله؛ لا يضرّني في ديني، ولا في دنياي].
وبعد الاستفتاح وقبل القراءة يأتي بالاستعاذة، وقد ذكرها الشيخ وشرحها، وقد
قال الله عزّ وجلّ: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}
[النحل:98]، أي: إذا أردت قراءته، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: "
وهذا أمر ندب ليس بواجب، حكى الإجماع على ذلك أبو جعفر بن جرير وغيره من الأئمة".