[صعلكه]

ياوطني ...
-بعد نكبة حزيران الأسود -

لأني لا أجيد المدح والتصفيق والتمجيد
وأكره أن اسمي المأتم يوم العيد
وحين أرى جموع عبيد
أقول هنا جموع عبيد
يقول الناس إنك لست في قلبي
.
لأني أعرف الزعماء
وأعرف كيف تلعب خمورهم بعواطف البسطاء
وأعرف كيف يجترون في شعبي
يقول الناس لست في قلبي
.
لأني لا أثرثر بالعلا والمجد في شعري
يقول الناس هذا شاعر الغيد
وأين المجد يا وطني ؟
وأنت وراء ليل الذل ...
تحبو في الأعاصير
تغني للأساطير
وتنقل ظهرك المكدود من نير إلى نير
فكيف أقول إنك واحد الدنيا ؟
وكيف أصب زيفا في أناشيدي ؟
لأني حين ينعق حولك الشعراء
((سلوا عنا صلاح الدين ))
أقول وأضلعي تدمع
((دعوه هناك في حطين ))
حين أقول يا وطني
ألم تشبع
من الذل الذي تحياه أجيالا
وتنجب منه أطفالا
وتحلم أنهم يوما
سينقلبون أبطالا
يقول الناس إنك لست في قلبي
.
وهل يدرون معنى الحب يا وطني
ومعنى أن تطاردني ؟
ومعنى أن تؤرقني ؟
وهل يدرون أن الحب لا يقوى على الكذب
ويرفض أن يكون قصيدة
تنصب في سمع الجماهير
فتزعم ذلها عزا
وتزعم فقرها كنزا
وتتركها حماسا دون تفكير
.
لأني لا أطيقك أبلها
يلهو بك البلهاء
لأني لا أطيقك لقمة
يجترها الدخلاء
لأني لا أطيقك تحتسى
من دم ابنائك
وتنسى سيف أعدائك
يقول الناس أنك لست قلبي
.
وبئس الحب يا وطني
إذا لم يكسر الأصنام
إذا لم ينكأ الآلآم
إذا لم ينتفض غضبا
ويقطر عطفه لهبا
على المحبوب في واد من الأوهام
ولا والله يا وطني
ولا والله يا وطني لن أرضاك شعرا في دواويني
أتاجر فيه
وألفاظا منمقة
من التمويه
إذا هتفوا بأمجادك
أشرت إلى جراحك خلف أصفادك
وإن صرخوا ((يعيش فلان ))
((يموت فلان !))
صرخت ((تعيش يا وطني ))
وإن سكبوا على روحك
سترا من خرافات
ملايين انتصارات
أزحت الستر عن تلك البطولات
كلاما في الروايات
هراء في الإذاعات
وسرت وفي دمي حبي
ومن حولي
يقول الناس إنك لست في قلبي

1967م
1387هـ