حين كنا طلابا في الجامعة في أوائل الثمانينات حاز أستاذ على شهادة الدكتوراه من الجامعة ذاتها، ثم قسم رسالته (الهزيلة) إلى أربعة كتب وطلب منا شراءها باعتبارها دليلنا وضالتنا للتعرف على منهج (الإعلام الإسلامي) الذي كان يدرسه.!! لم نكن وقتها نعرف أن هذا هو ما يسمى (فسادا)، فقد كان الفساد آنذاك فاقدا للاسم والصفة التي نعرفهما اليوم.
وحين تحدث إلي بعض الطلبة والطالبات مؤخرا أعاد التاريخ نفسه، فبعض الدكاترة في أقسام الجامعات يطلبون من الطلبة شراء كتبهم التي تُعتمد في مقررات المنهج الدراسي، بغض النظر عن قدمها وحداثتها وجودتها ورداءتها. ولو وجدت مثلا كتابا جديدا ممتازا، مؤلفا أو مترجما، في مادة (الإعلام الجديد) فلا تعيره انتباهك لأن (دكتورك) لديه كتاب بائر ورديء ألفه قبل عشر سنوات وهو المطلوب منك دراسته لتجتاز اختبارات هذه المادة. فهل مثل هذا فساد أم صلاح؟.
لا مانع لدي بأن يقول الدكتور، مثلا، لدي ثلاثة كتب كمراجع دراسية لهذه المادة، منها كتابي وكتاب فلان وفلان ويترك، بنية صادقة، الاختيار للطالب نفسه، الذي ينتقي من بينها ما يراه أنفع وأجدر في الاقتناء، لكن أن تتآمر وتتعمد إرسال طالباتك وطلابك إلى المكتبة ليشتروا كتابك أنت بالذات فأظن أن هذا فساد بين نضعه على طاولة محمد الشريف ليدقق ويحقق فيه ثم يخبرنا بما وصل إليه من حقائق وما اتخذه من إجراءات لمراقبة أرصفة بيع الكتب الجامعية.
ولا يفوتنا، بطبيعة الحال، أن بعض أساتذة الجامعات حكام ديكتاتوريون والطلبة والطالبات شعوب مقهورة ومغلوبة على أمرها.. ولن ينصف المغلوبين من المتسلطين إلا تدخل جهات ذات علاقة توضح لهم ولنا حقيقة الأمر وتطالب جهاز التعليم العالي بوضع أنظمة صارمة لشراء كتب ومراجع مواد الدراسة.. وقد نطالب بذلك فورا حيث يبدو أن نوعا من هذا الفساد يتمدد.
محمد العصيمي
http://www.alyaum.com/News/art/58773.html
صدقت والله، والمفردات تؤكد ذلك.. لله درك