عرض مشاركة واحدة
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 26-11-2005, 09:00 PM   #3

نضال

 
تاريخ التسجيل: Oct 2004
التخصص: ماجستير اداره اعمال
نوع الدراسة: ماجستير
المستوى: الأول
الجنس: ذكر
المشاركات: 1,508
افتراضي دفعت وأنا (صاغر)

دفعت وأنا (صاغر)

صدق من قال إن الهاتف هو اعنف أداة منذ عهد القوس والنشاب، لماذا أقول صدق؟!، أقولها لأنه بالفعل كذلك، فهو (كالبلدوزر) الذي يقتحم عليك دارك من دون أي استئذان، فإما أن تتقبل ذلك أو تعزل نفسك عن العالم، وأنا شخصياً لا أستطيع أن اعزل نفسي نهائياً، وإنما وقتياً فقط، إذن لا مهرب لديّ من ذلك (البلدوزر).

كنت إلى وقت قريب عندما يتصل بي احدهم عبر (الموبايل) ويكون في نفس البلدة التي أقيم فيها، وقد يكون في الشارع الخلفي لمنزلي ويسألني عن مكاني، لا أتورع بكل راحة ضمير أن (اكذب) عليه وأقول له وأنا (أتراقص): انني مسافر، ووصلت قبل يومين إلى (كورشفيل) في فرنسا من اجل التزلج، في الوقت الذي أنا فيه جالس بالفعل امسح عرقي من شدة الحر بمدينة جدة، هذا بالطبع إذا كان المتصل ثقيل (طينة)، ومدبقّ كذبابة الصيف وقت صرام النخيل، أما إذا كان المتصل من النوع (النغش) المحبب إلى القلب، والذي يجعلك تصوي رغم انفك كأي جرو لعوب، فإنك سرعان ما تعلن عن مكانك، بل وسرعان ما تتبرع بفرش البساط الأحمر و (الليلكي) كذلك لمن يعزف لك صوته عبر الأثير.

بل لا تتورع عن أن تقول له: لا تتعب حالك (يا بعد روحي)، أنا الذي سوف آتي إليك (هوا)، وفعلاً تفرد جناحيك وتحلق، ثم تحط على شرفة نافذته بكل محبة (مدلوقة).

المشكلة التي تواجهني أنا الآن، واعتبرها إهانة شخصية متعمدة لي، هي اختراعهم للأجهزة التي تحدد المكان الذي اتصلت منه (بالضبط)، ليس الدولة فقط، ولكن حتى المدينة والحارة والشارع ولا أقول (الغرفة) كذلك، إذن كيف يختبئ الإنسان، وأين يهرب؟!

بالأمس لعنت أبو الاختراعات والمخترعين، وتمنيت من أعماق فؤادي لو أنني خلقت بالعصر الحجري، إلى درجة أنني ـ وأقولها بكل صراحة وكسوف ـ لقد اشتريت فيلما كرتونيا للأطفال يحكي شخوصه عن معيشتهم في العصر الحجري، وأخذت أعيده وأعيده وأعيده، وطوال الوقت كنت اتنهد واضرب كفاً بكف وأقول: يا ليتني كنت بطلاً كرتونياً من أبطال العصر الحجري.

لا تعتقدوا أنني أبالغ وأزيف بكلامي هذا، فكل ما أقول واقع حصل، وذلك عندما اتصل بي من لا أود سماع صوته حتى لو تحول إلى (أم كلثوم أو فيروز أو أسمهان)، ذلك الشخص القميء الذي يطلبني (ديناً) منذ ما يقارب ثلاثة أعوام، كنت بكل صراحة واعتراف بدون أي كسوف، كنت أتهرب منه، بحكم أن من يحمل (الموبايل) لا يمكن لأحد أن يعرف مكانه.

وكنت طوال تلك الأعوام الثلاثة اتصل به بين الحين والآخر كنوع من التهدئة، وإعطائه جرعة من حبوب (الفاليوم) خوفا من أن يرفع دعوى قضائية ضدي، وبالأمس فقط وقبل أن اكتب هذه الكلمات اتصلت به بعد أن (هراني) هو بكثرة الاتصالات، وقلت له: انني الآن بالدمام وسوف أعود بعد اسبوع وان شاء الله يكون خير، فأخذ يضحك ضحكاً متواصلاً في الوقت الذي كان فيه جرس الباب يدق في منزلي، وقلت له: لحظة من فضلك، وذهبت لأفتح الباب، إذا وجهه الضحوك القميء بوجهي.

والواقع أنني لم أكن اعلم عن ذلك الاختراع لعنه الله لعنة الأبالسة.

 

توقيع نضال  

 

 

نضال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس