عرض مشاركة واحدة
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 30-04-2013, 11:50 AM   #16

عباس قرناس

جامعي

الصورة الرمزية عباس قرناس

 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
التخصص: اللغة العربية
نوع الدراسة: إنتساب
المستوى: متخرج
الجنس: ذكر
المشاركات: 420
افتراضي رد: الدورة التأهلية ،،،

قصيدة لا تعذليه

قال السراج القارئ في كتابه "مصارع العشاق" (1 / 5):

أخبرنا أبو الحسين محمد بن علي بن محمد بن الجاز القرشي الأديب بالكوفة، وأنا متوجه إلى مكة سنة إحدى وأربعين وأربعمائة بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن حاتم بن بكير البزاز التكريتي بتكريت قال: حدثني بعض أصدقائي أن رجلاً من أهل بغداد قصد أبا عبد الرحمن الأندلسي وتقرب إليه بنسبه، فأراد أبو عبد الرحمن أن يبلوه ويختبره، فأعطاه شيئاً نزراً، فقال البغدادي: إنا لله وإنا إليه راجعون! سلكت البراري والبحار والمهامه والقفار إلى هذا الرجل فأعطاني هذا العطاء النزر؟ فانكسرت إليه نفسه واعتل فمات.

وشغل عنه الأندلسي أياماً، ثم سأل عنه فخرجوا يطلبونه ، فانتهوا إلى الخان الذي كان فيه وسألوا الخانية عنه، فقالت: إنه كان في هذا البيت، ومذ أمس لم أره، فصعدوا فدفعوا الباب، فإذا بالرجل ميتاً، وعند رأسه رقعة فيها مكتوب:

لا تَعذَلِيـــــــه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ

جاوَزتِ فِي لَومهِ حَــــداً أَضَرَّبِهِ مِن حَيثُ قَدَّرتِ أَنَّ اللَومَ يَنـفَعُهُ

فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبــِهِ بَدَلاً مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ

قَد كانَ مُضطَلِعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ فَضُيِّـقَت بِخُطُوبِ البينِ أَضلُعُهُ

يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيـتِ أَنَّ لَهُ مِنَ النَـوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُـهُ

ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ رَأيٌ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ

كَأَنَّما هُوَ فِي حِــلٍّ وَمُرتــحلٍ مُـوَكَّلٌ بِفَضـــاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ

إِنَّ الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً وَلَو إِلى السَندِّ أَضحى وَهُوَ يُزمِعُهُ

تَأبى المطامعُ إلا أن تُـــجَشّمه للرزق كداً وكم مــمن يودعُهُ

وَما مُــجاهَدَةُ الإِنسانِ تُوصِلُهُ رزقَاً وَلا دَعَةُ الإِنسـانِ تَقطَعُهُ

قَد قسَّم اللَهُ بَينَ الخَـلقِ رزقَهُمُ لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلــــقٍ يُضَيِّعُهُ

لَكِنَّهُم كَلِفُوا حِرصاً فلَستَ تَرى مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ

وَالحِرصُ في المرء -وَالأَرزاقُ قَد قُسِمَت بَغِيٌ أَلّا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ

وَالدهرُ يُعطِي الفَتى ما ليس يطلبه يوماً وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُهُ

أستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارِ مَطلَعُهُ

وَدَّعتُــهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي صَــفوُ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ

وكم تشــــــــفّع أني لا أفارِقهُ وللضروراتِ حالٌ لا تُشفِّعُه

وَكَمْ تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُــعُهُ

لا أُكذِبُ اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ عَنّي بِفُـــرقَتِهِ لَكِن أُرَقِّعُهُ

إِنّي أُوَسِّعُ عُذري فِي جِنايَتِهِ بِالبينِ عنهُ وَجُرمي لا يُوَسِّعُهُ

أُعطيتُ مُلكاً فَلَم أُحسِن سِياسَتَهُ وَكُلُّ مَن لا يَسُوسُ المُلكَ يُخلَعُهُ

وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا شكر الإله فعنه اللَهَ يَنزِعُهُ

اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّي بَعدَ فَرقَتِهِ كَأساً أُجَرَّعُ مِنها ما أُجَرَّعُهُ

كَم قائِلٍ لِي ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَه الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَستُ أَدفَعُهُ

أَلا أَقمتَ فَكانَ الرُشدُ أَجمَعُهُ لَو أَنَّنِي يَومَ بانَ الرُشدُ اتبَعُهُ

إِنّي لَأَقطَعُ أيّامِي وَأنفِذُها ذ بِحَسرَةٍ مِنهُ فِي قَلبِي تُقَطِّعُهُ

بِمَن إِذا هَجَعَ النُوّامُ بِتُّ لَهُ بِلَوعَةٍ مِنهُ لَيلي لَستُ أَهجَعُهُ

لا يَطمِئنُّ لِجَنبي مَضجَعٌ وَكَذا لا يَطمَئِنُّ لَهُ مُذ بِنتُ مَضجَعُهُ

ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ الدهرَ يَفجَعُنِي بِهِ وَلا أَنّ بِيَ الأَيّامُ تَفجعُهُ

حَتّى جَرى البَينُ فِيما بَينَنا بِيَدٍ عَسراءَ تَمنَعُنِي حَظّي وَتَمنَعُهُ

بالله يا منزل القصف الذي درست آثارُهُ وعفت مذ غبتُ أرْبُعُهُ

هل الزمانُ معيدٌ فيك لذَّتنا؟ أم الليالي التي أمضته تُرجِعُهُ

فِي ذِمَّةِ اللَهِ مِن أَصبَحَتُ مَنزلَهُ وَجادَ غَيثٌ عَلى مَغناكَ يُمرِعُهُ

مَن عِندَهُ لِيَ عَهدٌ لا يُضيّعُهُ كَما لَهُ عَهدُ صِداقٍ لا أُضَيِّعُهُ

وَمَن يُصَدِّعُ قَلبي ذِكرَهُ وَإِذا جَرى عَلى قَلبِهِ ذِكري يُصَدِّعُهُ

لَأَصبِرَنَّ لِدهرٍ لا يُمَتِّعُنِي بِهِ وَلا بِيَ فِي حالٍ يُمَتِّعُهُ

عِلماً بِأَنَّ اِصطِباري مُعقِبُ فَرَجاً فَأَضيَقُ الأَمرِ إِن فَكَّرتَ أَوسَعُهُ

عَسى اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُهُ

وَإِن تُغِلُّ أَحَدَاً مِنّا مَنيَّتُهُ فَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُهُ

 

توقيع عباس قرناس  

 


التخضع ذل والنار من راس الزناد * شبها وإن ماستوتلك لغيرك تستوى

 

عباس قرناس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس