مجزرة السليمانية - قصة قصيرة 1
وحيداً شارد الذهن ، في غرفته المتواضعة ، بين كتبه المبعثرة بشكل فوضوي ، وبين تلك المذكرات المحشوة بالهراء ، يحاول جاهداً أن يقنع نفسه بقليل من التفاؤل !
وقد نجح فعلاً !! فقد أنهى فصله الأول بمعدل يرضي غريزته المتعطشة للمعدلات المرتفعة ( وللأشياء الكويسة أيضاً :) ) تفاجأ ذلك اليوم حينما اكتشف أنه حصل على 4.75 في الفصل الأول ، بجهد لا يكاد أن يذكر !!
وقد عزم بعد هذا الفصل الحافل بالمفاجآت أن يجعل الأمر يأخذ منحىً آخر تماماً ، فبعد مقارنات بسيطة بالفصل الأول ، اكتشف أن الأمر أسهل مما يتوقع ، لقد رأى أن كل ما يحتاج له هو أن يستمتع بتضييع الوقت ، يتفنن في إضاعته ، ويجعل الوقت نفسه يصاب بالذهول من النشاطات التي تمارس فيه !!
وبناءً على هذه الخطة المحكمة ، أقسم صاحبنا بالله ثلاثاً ألا يدخل الجامعة ، إلا لحضور محاضرة الإحصاء ، والاستسلام بين يدي الدكتور الباكستاني الذي يصيبك بالعاهات النفسية طيلة محاضرته المملة !
ومرت الأيام ، وتفاجأ بالدوري الأول ، فأقسم بالله العظيم للمرة الثانية ألا يفتح كتاباً ، وأن يعتمد على عقله النفاث ، فائق القدرة ، ويلعب لعبته المفضلة مع القدر والحظ !
فجاءت النتيجة تسوء الوجه ، ودارت الدائرة على صاحبنا ، وخسر المعركة ، وفشل فشلاً ذريعاً !
لكنه لم يستسلم ، فأقسم بالله العظيم للمرة الثالثة على التوالي - ويكون بهذا قد حطم رقماً قياسياً - أنه سينتقم من نفسه أشد انتقام ، فلم يدري بالضبط كيف يكون عقابه ، فذهب إلى المقهى ، ليتخذ القرار ، فاتخذ بدلاً من قراره إرجيلة ، وطارت به الأفكار ليتنازل عن هدفه ، ليعود إلى عذره البليد ، وليحتج بالقدر من جديد ، وفي داخله صراع ما بين مؤيد ومعارض ، ولكنه اتخذ القرار، وطاب له الاستسلام ، وآمن بقول الشاعر :
دع المقادير تجري في أعنتها
ولا تبيتـــــــن إلا خالي البال
وعلى هذه الحال ، بات ليلته التعيسة ، تعصف به الأفكار ، ويشتت شمله وجه دكتور الاحصاء الغاضب ، ليدخل في حالة من الاستقرار والسكون ، وليحاول جاهداً أن يفكر - كصاحب هدف - !
نهاية الجزء الأول !
|