عبده خال .. عكـــــــــــــــاظ
الإنسان الجديد
في زمن سابق كانت الحكايات هي المؤسس لأي منتج علمي، حيث تحلق المخيلة للخروج من واقعها الصعب بتخيل أداة ما تسهل مهماتها الحياتية.
ومنذ الخليقة الأولى تحرك العقل البشري نحو السيطرة على الأشياء بما يمتلكه من تصور أو تخيل، وكانت الحكاية تؤسس لهذه النقلات الحضارية، أطلق عليها البعض خرافة أي أنها حكاية خارج الممكن، ومع تزاحم العلوم، تم ترقية هذه الحكايات إلى مرتبة روايات الخيال العلمي.
ثم التقطت السينما هذا الدور لتقوم بتقديم كثير من الخيالات العلمية كواقع معاش إلا أن العلم كان يركض متوازيا مع هذه المخيلة البشرية لتحقيقها على أرض الواقع.
ومن الأمور التي لم يقف عندها العلم بشارة تصنيع إنسان آلي يقوم بكل المهام من غير الحاجة إلى تلقي الأوامر و قبل أسبوع واحد (كما نشر في إحدى الصحف) تحدث العلماء عن اختراعهم لروبوت يُدار بواسطة التفكير فقط أي أنه يتحرك ويلبي المطلوب منه لمجرد نشوء الأوامر داخل دماغ الإنسان الذي يديره، لكن في يوم الخميس الماضي كشف البروفيسور روس كينج من جامعة أبيريستويث في ويلز بالتعاون مع جامعة كمبريدج بإنجلترا عن إنسان آلي جديد لا يحتاج لعقل بشري كي يديره. إنه (الروبوت- العالم) الذي يعتقد العلماء أنه أول آلة تعمل بصورة مستقلة عن الإنسان كما يمكنها أن تأتي باستنتاجات علمية عن مسائل كانت تتطلب من العلماء عملا متكررا شاقا. وسيستخدم هذا الإنسان الآلي الذي أطلق عليه اسم (آدم) للعمل مع فريق من العلماء.
هذا (الإنسان) الجديد هو إعلان عن دخولنا لمرحلة جديدة أو طور من النشوء والارتقاء (ليس على قاعدة نظرية دارون) بل نشوء وارتقاء فيما ينتجه العلم من مخلوقات ستغير أنماط الحياة وستجعل الآلة شريكا حقيقيا في هذه الحياة.
وربما يأتي زمن يكون فيه الإنسان كارثة بيئية وعلى الآلة أن تتخلص منه خاصة إذا بقي متخلفا عقليا مقارنة بالقفزات العلمية المهولة التي ستحدث.
وكل الخشية أن يأتي هذا الزمن ونحن لا نزال نتجادل حول أمور محسومة سلفاً، وكم فوتنا على أنفسنا ريادة العالم بسبب الحجر على العقل وتحويله إلى حافظة مهمتها الحفظ والاسترجاع،كم وكم.
ويصبح لزاما القول إن ديننا دين الحق حثنا على السير للأمام وليس التراجع للخلف لكن ثمة عقولا محنطة تريد أن تقف في نقطة لا تبرحها حتى إذا تجاوزها الزمن أقرت بما مضى ووقفت أمام ما سوف يأتي (!!) لتعيد نفس الأخطاء.