[هذيان]

أحمد عبدالرحمن العرفج .. المدينه .. !




رَجِيعُ الصَّحْوَة ..!


وهَذَا المُصطلح من إنتَاج أحمد العَرفج، ويُقصد بِه تِلك الفِئة التي تَتقلَّب بين المَسَارَات، حَسب «تَوقيت المَصلحة، ومُوَاكبة التّيار، وذَر الرَّماد باتجاه الرِّيح»!!
والمُرَاقِب للتّيار الصّحوي في المَشهد المَحلِّي، يُدرك أنَّه يَمتلك من المرونة الشّيء الكَثير، فهو من السّلاسة بحيث يَنتقل «برَشَاقة غزال» من أقصى اليسار إلى آخر مدى في يمين المَسار!!
إنَّه تيّار يَلحس كَلامه الذي قَاله في الليل، قَبل مَطلع الفَجر من اليوم التّالي، ولك أن تَتأمَّل الصّور التَّالية:
لقد أتخم تيّار الصّحوة المُجتمع بالجِهَاد وقتال المُشركين، وفي الصّباح بَدّل جَدله وقَال: «عَليكم بجِهَاد النّفس.. وهَذا أفضل الجِهاد»!!
بالأمس كَان التيّار يُوصي أتباعه بالتَّجهّم في وجوه المُخالفين لَه، عَقيدة وشَريعة، واليوم غيّر مَساره وقال: «تَبسّمك في وَجه أخيك صَدقة»!!
أكثَر من ذلك.. خَدّر هذا التيّار القَوم بثقافة الانتظار.. «انتظار صلاح الدين، والمهدي، والإمام العادل».. ثُم وفي لَمحة بَصر.. أخذ يُصدر الكُتب التي تَذم الانتظار وثَقافته.. مُردِّداً عِبارات «ابدأ الآن».. و»أطلق القمقم في داخلك»!!
لقد نَشر هذا التيّار ثقافة «تَصنيف النَّاس».. مَا بين عَلمَاني وحَدَاثِي، وإسلامي مُعتدل وإسلامي مُتطرِّف، وإسلامي مَائِع، ثُم جَاء المَساء؛ فأخذ هذا التيّار يُنادي بأنّ النَّاس سَواسية كأسنَان المشط، وكُلّهم لآدم وآدم مِن تُراب، ولَم يَترك هَذا التيّار الدُّنيا، بل أخذ يُوصي في الزّهد بِها.. والتَّقشّف فيها، وعندما رَأوا الغَنائِم تُقسّم، جَاء التيّار يَركض قَائلا: «لا تَنسَ نَصيبك من الدُّنيا»، والغَريب أن أتباع التيّار وكُبراءه صَاروا مِن أغنَى النَّاس فِي زَمن قِياسِي!!
وقد كَان التيّار زَاهِداً مُتورِّعاً، ومُحرِّماً للإعلام والمُشاركة فيه، ولكنّه لَم يَلبث أن هَجَم عَلى هَذه الوَسائِل، وأصبح مُحتلاً لَها، ومُستهلكاً لَها، لدرجة أنّ أحدهم قَال: «ليت هذا التيّار يَسكُت»!!
لقد نَشر ثَقافة «الوَلاء والبَرَاء».. ولما جَاء الغَد بَدأ يَتحدَّث عن مَهارات الاتّصال، وبِناء العلاقات والتّعايُش والحِوَار.. الخ!!
لقد أرعَب هذا التيّار القَوم بعَذاب القَبر وجَحيمه، ولكن البضاعة لَم تَستر.. حيث استبدلت بالحَثّ على السّياحة في الأرض، والتَّفكُّر في مَلكوت الله، وغُربة المُؤمن التي لابد أن تَتخذ من الهجرة طَريقاً!!
وكَمَا يُلاحظ القَارئ أنَّ النّصوص التي جَاءوا بها أولاً.. وتلك النّصوص التي بَدَّلوها، كُلّها لَم تَكُن نصوصاً مَجهولة أو صَعبة الفَهم، بَل هي مُتاحة من قَبل تَحوّلهم ومن بَعده، ولكنَّه «العَمى الأيدلوجي»؛ الذي يَجعل مُحرِّكَات البَحث بَطيئة الفَهم، ثَقيلة الاستيعاب، وهل يُعقل أن يَعيش المَرء رُبع قَرن حَتى يُدرك أن الدِّين يُوصي بالتّبسُّم بَدلاً من التَّجهّم ؟!!.