أحمد عبدالرحمن العرفج
الدّرِيس وَالإرْهَاب..!
ظَنَّ بَعضُ المُرجفين فِي المَدينة -أي مدينة- أنَّ «مُلحق الرِّسالة»؛ إذا تَغيّرت قيَادَاته، سيَتعرَّض للهبُوط أو الانحدَار إلى مَصاف الدَّرجة الأُولى، وقَد أَخطأ أُولئك المُرجفون، لأنَّ «المُلحق» يَتَّبع سِياسَة وَاضحة، لا تَتعلَّق بهَذا المَسؤول أو ذَاك!!
ومُؤخَّرًا، قَرأتُ لِقاءً نَادرًا فِي دِقَّته وصَراحته وغَزارته، مَع البروفيسور دكتور خالد بن منصور الدّريس -المُشرف عَلى برنَامج وكُرسي الأمير نَايف بن عَبدالعزيز لدِرَاسات الأمن الفِكرِي-، هَذا اللقَاء لا يُمكن قِرَاءته مَرَّة وَاحِدَة، بَل يَجب مُدارسته والتقَاط الأفكَار مِنه!!
وقَد كُنتُ مُنذ زَمن بَعيد أعتقد -وليس كُلّ الاعتقَاد إثمًا- أنَّ بدَاية الإرهَاب تَكون مِن الحَنين إلى مَرحَلةٍ رُومانسيّة عَاشها الإرهَابي، وهَذه المَرحَلَة تَمتاز بالرُّوحيّة العَالية؛ التي تتَّكئ عَلى مَجد الأمَّة الضَّائِع، الذي يُشكِّل صُلحًا مَاضويًّا رُومانسيًّا لِذَلِكم الإرهَابي، لِذَا مَا انفك يُحاول مِن خِلال جِهاده المَزعوم أن يَعود إليه.. وقَد كَان هَذا الاعتقَاد حَبيس الكِتمَان، حَتى رَأيتُ هَذا البروفيسور يَقول ما كُنت أخشَى قَوله!!
يَقول الدّكتور الدّريس في مُلحق الرّسالة -بتاريخ 3/4/2009م- عن المُتورِّطين بالإرهَاب: (هُناك تَجربة مَرُّوا بها، هي مِن وجهة نَظرهم كَانت تَجربة روحية عَميقة جدًّا، تَجذَّرت في نفُوسِهم، والتَصَقت بِها، وتتَّصف -عِندَهم- بأنَّها تَحمل طَابعًا رُومانسيًّا، وانجِذَابًا عَاطفيًّا، شَديد التَّركيز والقوَّة والأثَر فِي وِجدَانِهم، فيَجب أن تُعالَج المَسألة مِن مُنطلق: كيف يَرون تَجربتهم؛ ومِن أي زَاوية؟! ولا نَقوم بالمُعالجة مِن وجهة نَظرنا فَقط)!!
وعَن عودة بَعض المُتورّطين إلى الإرهَاب، بَعد خضوعهم لجَلسَات لَجنة المُناصَحة، يَقول الدّكتور الدّريس: (إنَّ بَعض أولئك النَّاكصين، خَضعوا للمُناصَحة وإعَادة التَّأهيل، ولكنَّهم بَعد إطلاق سَراحهم، ومضي بَعض الوَقت، تَبدأ تَلحّ عَليهم فِكرة «خيانة المَبادئ والمُثل»، وأنَّهم استبدلوا * «الجِهَاد» -بزَعمهم- بـ «الرّكون للمَساكِن والزّوجَات والأموَال المُكتَسبة»، فيَبرز نوع مِن الصِّرَاع بين الوَاقع الجَديد مَع ضَمير ذَلك المُفرَج عَنه ومَبادئه؛ التي تَرسّخت فِي نَفسه وشعُوره وعَقله البَاطِن)!!
حَسَنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القول.. آمل أن يَتدبَّر الكُتَّاب والمُهتمُّون -بشَأن الإرهَاب ومُعالجته ومُناصحته- بهَذه المُقَابَلة، لأنَّ فيها مِن الطَّرح؛ مَا جَعل القَلب يَحمد الله؛ أنَّ هَذا البرنَامج يَتولَّاه رَجُل مُقتدر رَشيد!!
* هامش:
الأصل في جملة “الاستبدال” هذه أن تدخل الباء على المتروك، ولكن نظرًا لأن النص نُشر بهذه الصيغة، فإنني نقلته كما هو..