[هذيان]

علي سعد الموسى
.
.
أوباما في ثياب فضيلة الشيخ
.
.
كان خطاب باراك أوباما فلسفياً أقرب إلى الأكاديمية منه إلى اللغة السياسية، ومع هذا كان الخطاب في الإطار الفلسفي يقدم الإسلام بفهم عميق متقدم يفوق قدرة الكثير من أبناء الإسلام نفسه على فهم ذات الإسلام بذات القدر من البعد المعرفي الذي فهمه أوباما عن الإسلام. قارنوا بين ما يقوله وبين ما يقوله أيمن الظواهري.
جاء أوباما إلى الشرق الأوسط فقط ليقدم خطاب أمريكا الجديد إلى العالم الإسلامي فاختار نقطتين مهمتين تتمثلان في الرياض والقاهرة للتمهيد للخطاب ولإلقائه في ذات الوقت.
ومع هذا نخطئ كثيرا إذا ما نظرنا إلى إغفال زيارته الرسمية إلى إسرائيل وحذفها من جدول الزيارة في سابقة لم تحدث على الإطلاق من قبل لرئيس أمريكي يأتي إلى ثنائية الصراع في الشرق الأوسط فيضع رجله في مكان ويسحبها من الأخرى.
لعبة الميزان والتوازن الأمريكي ترينا غدا أن رمزية توجه أوباما إلى الشرق الأوسط سيعادلها اليوم بزيارته لأهم رموز التاريخ اليهودي المعاصر بمقر المحرقة اليهودية في ألمانيا. هذه رسالة أوباما المضادة.
ونهاية الأمر فإننا يجب ألا نغرق في التفاؤل، فقد أعطانا أوباما خطابا أخلاقيا منفتحا ومع ذلك لم يمسكنا شيئاً ولا نستطيع في ذات الخطاب أن نمسك عليه تعهدا يختلف عما نألفه سابقا من الإدارات الأمريكية المتعاقبة.
باراك حسين أوباما لا يمكن أن يكون فضيلة الشيخ ولا يمكن أن يكون آية الله العظمى وسياسات أمريكا الاستراتيجية تعلن من واشنطن لا عبر خطاب تصالحي توافقي من القاهرة، ثم لا ننسى أن باراك أوباما كان يتنقل في القاهرة بسيارته المصفحة ومن أجل تنقلاته شلت الحركة في ثلث شوارع المدينة، وهذه وحدها تعكس حجم مشوار الريبة والشك والخوف والكراهية التي ما زالت تسيطر بين ثقافتين وبين حضارتين لا يمكن التقريب بينهما بانتهاء خطاب.
أثبت أوباما أن العقل الليبرالي هو وحده القادر على تجسير الهوة الثقافية وأن ذات العقل هو الأقدر على أن يكون المظلة لخيمة التباينات والاختلافات.