ياسر العمرو .. عكاظ .. !
الحلقة 199 !!
لا جديد إن أجلبت الفضائيات العربية بخيلها ورجلها ونثرت بضاعتها الدرامية في موسمها الذهبي شهر رمضان، ولكن جديد عصارتنا الدرامية إقدام إحدى المحطات على عرض أول مسلسل درامي «سعودي» بتعداد حلقات يصل إلى 200 حلقة، تستفتح عرض أول مشاهدها في رمضان المقبل.
«تبي الصدق وإلا ولد عمه».. تلك ردة فعلي على صديقي «الممثل» المشارك في المسلسل وهو يسألني عن رأيي في أول مسلسل عربي، سيكون «نشبة في حلوقنا» طيلة 7 أشهر، أو بمعنى تسويقي أدق: من رمضان إلى رمضان، ولا أعرف أي عقل ابتكاري خرج بتلك الفكرة الفريدة من نوعها، و«بيني وبينك» نحن نعاني أساسا من ضعف الحبكة والبناء الدرامي لمسلسل بالكاد يغطي 20 حلقة فكيف لو أضفنا صفرا عليه؟
في الصناعة الدرامية لدينا طول نفس غريب، فغيرنا وصل لخط النهاية ونحن مازلنا «نسخن» ولم ننطلق، والمشاهد دخل في نمط متابعة جديد ونحن نكرر التجارب القديمة للآخرين.. والفرق الوحيد تحولنا من خانة المستورد للمكسيكي والتركي إلى خانة المنتج تحت شعار «لأول مرة في الدراما العربية»!!
نحن في عصر الإيقاع السريع لكل شيء، وتجربة الدراما الغربية أثبتت قدرتها على خلق ولاءات تتجاوز حدود اللغة والمضمون ودليل ذلك «فريندز ـ لوست ـ بريسون بريك...» وهي المسلسلات القائمة على مبدأ الاختزال والتكثيف، بمعنى: حلقة واحدة في الأسبوع، تعاد حتى العرض الجديد، بواقع 4 حلقات في الشهر الواحد، والمسلسل يستمر طوال العام بنسب مشاهدة ترتفع عرضا بعد عرض ويرافق متابعيه لأكثر من موسم، وأرضيتهم نفس أرضيتنا: نص وطاقم وأدوات، والفرق عملهم كيفا وعملنا كما...
ممثلونا للأسف الشديد يتعاملون مع «الصدف» ـ أنطقوها كيف شئتم فالنتيجة واحدة ـ التي تتوقع أن المشاهدين مازالوا سذجا وأغبياء وحقل تجارب، دون إدراك لحالة النضج الشائعة التي قد تقضي على العمل من أول مشاهدة، وأن تعلق المشاهدين العرب بمهند ونور مدعاة لاستنساخ ثنائيات «حبيبة» وتكرار التجربة بعد سعودتها، أو القفز من على «الأسوار» وتكرار الطرح القلق للشذوذ الاجتماعي بفن التعميم.. وإن سألنا لماذا؟ قالوا: هذا هو الواقع.. واقع مين ياعم؟!
السؤال: من لديه طول النفس والصبر في عصرنا هذا ليتسمر عاما كاملا أمام الشاشة لمتابعة مسلسل يمثل التجربة الأولى لنا في المسلسلات المئوية، وعن نفسي: نصف ساعة أقضيها مع أحداث «لوست» تغنيني عن أب وأم دراما «زحلطن»، والحكم لكم.