علي سعد الموسى
مايكل جاكسون: قصته الخفية
سيبقى مايكل جاكسون على الدوام قصة مذهلة للحياة الخفية الخلفية في مسيرة نجوم الفن والترفيه رغم تشديدي على عدم التعميم. هؤلاء النجوم من فئة "الميجاستار" يقعون ضحية تقاطع – كارتيلات – المصالح وعمالقة الابتزاز في قلب صناعة الفنون والترفيه. قبل مايكل جاكسون غير دييجو مارادونا في بلد مثل إيطاليا قواعد المراهنات في لعبة كرة القدم. وفضلاً عن أنه كان أول لاعب في التاريخ يكسب لبلاده بمفرده كأس العالم، فقد نقل أيضاً مركز القوة في هذه اللعبة من الشمال الإيطالي، حيث تورينو والميلان إلى نابولي في الجنوب المنسي المهمل. أخذ فريقه نابولي من دائرة العتمة إلى أضواء البطولتين المحلية والأوروبية وهو بهذا إنما يهدم أكبر صناعة إيطالية تدور في فلك كرة القدم. صناعة المراهنات وما حولها من المافيا التي لم يكن أمامها إلا أن تغرق الفتى الذهبي في دائرة الإدمان فوصلت به إلى النهاية. كان يشرب من الكحول في اليوم الواحد ما يزيد عن ضعف حجم دمه وكان يستهلك من المخدرات يومياً ما يوازي حجم إبهامه وهذا ما أعترف به لاحقا في طريقه المتعثرة على الدوام نحو العافية.
هؤلاء النجوم يقعون في المجمل ضحايا "البزنس" الموازي لهالة النجم، وكما كان جاكسون أول ضحية لنزواته ونزقه، مثلما كان حتى ضحية كل من أراد أن يستغل اقتصادية شهرته حتى من المحامين والأطباء ناهيك عن سطوة الإعلام وحركة الإعلان الأمريكية الضخمة. كان مايكل جاكسون ضحية المجتمع العنصري ضد اللون وكل الذين ساهموا في تحويل بشرته إلى طيف قريب من "البياض" إنما يستغلون مصالحهم بالتزامن مع هوسه الدفين بدءاً من "لوبي" الطب الذي كسب منه الملايين في جراحات تجميلية وانتهاء بقسوة المعلن الذي أراده هجينا ما بين الأصل والواقع. أقنعوه تماماً أن الحياة الجديدة كنجم فوق النجوم لن يتسع لها جلده القديم، ومثلما كان أحمر الشفاه الذي لا يفارقه دلالة استغلال يسوّق لها المنتج دعاية بالعقود الإعلانية.
لكن الثابت أن مايكل جاكسون كان لثقافته الأمريكية، لا مجرد حركة ترفيه غير مسبوقة فحسب، بل قيمة اقتصادية هائلة، وللمفارقة فإن المليارات الضخمة التي كسبتها الكارتيلات المختلفة من حوله لم تمنعه أن يموت مديوناً بنصف مليار أو يزيد. على هوامشه كسب الملايين من الناس منه الملايين بدءاً من عقود تنظيم الحفلات وانتهاء ببائع الآيس كريم على طوابير التذاكر بكل ما بينهما من لوازم البزنس. لكم أن تعلموا أن "بزنس" جنازته وحده قد كلف مئتي مليون دولار ولكم أن تحسبوا أين ستذهب. كان مايكل جاكسون لاقتصاد بلده علامة تجارية مثلها مثل "مايكروسوفت أو لوكهيد"، حيث الملايين من المنتفعين على هوامشه دون أن يعلم. قيمة الإعلان التجاري للدقيقة الواحدة يوم جنازته تلفزيونيا بلغت الرقم القياسي بمليوني دولار وكتاب زوجته التي قالت إنها لم تنم معه في الغرفة لدقيقة واحدة سيدر عليها خمسين مليون دولار في المتوقع خلال شهر.