عرض مشاركة واحدة
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 17-05-2012, 12:56 PM   #298

Aishah AL-farhah

لا إله إلا الله

 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
التخصص: لغة القرآن
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: متخرج
الجنس: أنثى
المشاركات: 2,365
افتراضي رد: [.. ما أشبهَ اللّيلةَ بِالبارِحة ..]

-


قصة عايشتُها قبل 15 عامًا ، ذكرني بها اتصال من أختي الغالية تشكو لي وتبوح بأمور ثقيلة تزمجر خلف ضلوعها :(

نشأت نشأة متواضعة بسيطة في قرية وديعة ، كانت متفوقة في دراستها ، بل كانت الأكثر تفوقًا بين قريناتها ، عُرِفت بذكائها وسرعة بديهتها ، فضلًا عن حكمة كانت تتمتع بها ، وحسن خُلق ، وتضحية لامثيل لها ، فقد كانت مضرب المثل في العائلة بتضحياتها النبيلة ، هي البنت الكبرى ، وتقع على عاتقها الكثير من المسؤوليات ، أثبتت مدى استحقاقها لذلك ، وأثبتت مدى جدارتها بالاضطلاع بتلك المهام والمسؤوليات التي لم تخيّر في قبولها ، بل لكونها الابنة الكبرى كان حتمًا عليها أن تتحمل ذلك
كان حُلمها الذي يداعب سماء طموحها ، أن تكون طبيبة معالجة ، تشعر بفخر كبير ، عندما يسألها أحدهم في صغرها عما ستكون حينما تكبُر ، فيكون جوابها طبيبة ، كان الأمر ليس مجرد حديث طفوليّ نزّاع إلى الأفضل ، لطفلة غير مدركة لحقيقة الأمر ، بل كانت تتخطى كل الحدود ، وكل حقائق الواقع البسيط الذي كانت تعيش فيه ، وكل احتمالات وقوف تقاليد المجتمع القرويّ ضد رغبتها تلك ، وتقول بكل عزم وفخر وثبات ويقين " طبيبة " ، كانت المجلات الطبيّة والبرامج الطبيّة ، تثير اهتمامها بشكل ملفت ، رغم صغر سنها
كبرت وزاد حلمها يقينًا على يقين ، ومازالت تلك الطالبة المجدة المثابرة ، كانت بعدما انتقلت للعيش في المدينة مازلت الأكثر تفوقًا ، كانت تثير عجب المعلمات ، حينما تكون هي الوحيدة التي استطاعت أن تحل مسألة رياضية عجز عن حلها جميع صفها بفصوله الأربعة ، وكنّ يصرحنّ لها بشكوكهنّ في أنها تستعين بمعلمة ريضيات في المنزل !
وصلت للمرحلة الأخيرة من الثانوية العامّة ، وبدأ حلمُها بالاقتراب أكثر من ذي قبل ، وبدأت تراه حقيقة أمام عينيها ، كانت لاترفع رأسها من كل سجدة حتى تدعو الله أن ييسر لها تحقيق هذا الحلم بقبلوها في تخصص الطب ، تخرجت بنسبة عالية من الثانوية العامة ، وتقدمت بطلب الالتحاق بكلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز ، لتبدأ في تلك الرحلة التي تشوّقت لخوض غمارها ، ثم تنتهي لتكون الطبيبة التي حلمت أن تكونها طوال سنين ، وسخّر لها الله أن قُبلِت في كلية الطب ... كادت فرحتها تطير بها إلى أعالي السماء
فرح والدها وأمها والأقربون كلهم ، وأصبحت بطموحها وعزيمتها حديث مجالس أهل قريتها ، ففي تلك السنوات وفي تلك القبيلة ، كان إنجازها عظيمًا ، ونادرًا جدًا ، فقلما تخصصت طالبة من بناتهم في الطب ، وقلّما طمحت إحداهن بهذا التخصص ، وبعد مضيّ شهرين إلا قليل ، اتصل عمها الـ " قاضي " على أبيها ، ولأنه قاضٍ فله كلمة مسموعة لدى إخوته الأكبر منه !
وقال له - احتكامًا إلى العادات والتقاليد البالية - لاينفع تخصص الطب لابنتك ، لأنها حينما تصبح طبيبة ، ستكون بيئة عملها المختلطة مدعاة للوقوع في الخطأ ، وسيكون ذلك بابًا لحديث الناس عن ابنتك ، ثم وبحكم منزلته في العائلة لأنه قاضٍ ! أصاب التراجع رأي والدها الذي كان فرحًا بتخصص ابنته في هذا التخصص ، وأخذ يحاول إقناع - إقناع يكاد يكون إجبار- ابنته بالتخلي عن هذا التخصص والاتجاه لتخصص آخر ، ولأنه كان يلّح عليها إلحاح شديد ، فقد خضعت لمحاولاته أن تترك كلية الطب ، ولكنها رفضت بعد ذلك الدراسة في أي تخصص آخر ، ورفضت الدراسة بالكلية ، بالرغم من أنها طلبت التحويل لكلية العلوم وقد قبلت هناك ، وبعد محاولات من أهلها عادت إلى الدراسة في كلية العلوم ، غير أن حالتها النفسية الصعبة ، حالت دون أن تكمل دراستها في تلك الكلية ، وبعد فترة لاتزيد عن الشهر ، بقيت في المنزل ، وسحبت ملفها ، وبعد زمن عادت لتتقدم لدراسة تخصص الأحياء في كلية التربية سابقًا

وهي الآن خريجة قسم الأحياء بمعدل منخفض تنتظر الوظيفة منذ سبع سنوات ...
وعمومًا لاينقصها الكثير متزوجة تنعم بحياة زوجية مستقرة ولله الحمد ، وأبناء يجنوووون يهبلوووون الله يحفظهم ويجعلهم قرة عين لأبويهم ، والبنوتة الي صورتها بالمدونة بنتها ، ولكن ينقصها ترقيع الندبات المؤلمة التي خلّفها ضياع حلم حياتها من بين يديها :(

صاحبة القصة أختي الكبرى نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 


التعديل الأخير تم بواسطة Aishah AL-farhah ; 17-05-2012 الساعة 01:09 PM.
Aishah AL-farhah غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس