[عاشق البرمجة]

بسم الله الرحمن الرحيم
كل عام وجميع زوار مدونتي الغالية بخير وتقبل الله طاعتكم

ولكل واحد منكم يقول الشاعر:
هنيئاً لكَ العيدُ الذي أنتَ عيدهُ
وعيدٌ لمن سمّى وضحّى وعيّدا
فذا اليومُ في الأيام مثلُكَ في الورى
كما كنتَ فيهم أوحدا كان أوحدا
العيد وجدي وأنا
إعتدتُ ألا أستيقظ صبيحة يوم عيد الفطر إلا وأنا في قريتنا(210كم شمال جدة)
هناك حيث الحاضر ممزوجاً بأصالة الماضي،
والفرحة الحقيقية/الصادقة/البريئة ترتسم بك ألوانها،،

نذهب هناك حيثُ يقطُن جدي رافضاً كل ألوان المدنية و مغلِق كل أبواب العيش في المدينة،،
نقضي هناك أيام هي من أمتع أيام السنة على الإطلاق فالقرية ببساطتها كفيلة بأن تخرجك من صخب الدنيا،،
أحاول قدر جهدي في أن أكون بمجلس جدي - حفظه الله - هذا الرجل الذي أعيشُهُ كُلُهُ وأتنفسهُ مع كل إشراقة شمس جديده،،
من يعرفني يعرف من هو جدي فأنا كثيراً ما أسرُد قِصصه في المجالس المفتوحة...ربما أشعر أنه إرث وتاريخ لا يحق لي كتمه،
لن أكون مبالغاً حينما أقول أن كل من يجلس إليه يرتاح لكلامه ويهنئ بقفشاته ويستآنس بطرفه،،
فجدي - شفاه الله - يملك قصص قديمة منذ الخمسين والستين سنة بها من الحِكم والأصالة وايضا الفكاهة ما الله به عليم،،
ففي العيد وحينما يآتي المهنئون لمجالسنا فأول ما يسئلون عنه أين أبا عائض؟؟- جدي- ويجدون متعتهم في سماع قفشاته و (حشه)،
هذه السنة كان يوم العيد لجدي يوم فرح وسرور ..ففيه يلقى أبنائه الذين رمتهم أعباء الحياة ما بين الرياض وجدة والدمام،،
الكثير يعرف عن جدي القصص القديمة والنصح الكثير والطرافة والتعليقات الساخرة لكن ازعم أن الأغلب لا يعرفون جدي العطوف..الرحيم..ذو القلب كبير وهاكموا الدليل،،
في يوم العيد الأول إتصل به إبنه الأكبر والذي لا يزال في الرياض وسيسافر إليه بعد ساعتين من المكالمة،،
هل تصدقون أنه لم يكمل الثلاث الجمل (السلام عليكم&كيف الحال&أخباركم) ومن ثم رمى بجواله ليبكي وجداً على إبنه!!!!
يا إلاهي ...أأفي منتصف السبعين تبكي على إبنك الذي بلغ الخمسين من عمره؟؟
هربتُ بوجههي بعيداً وقد أخبرني أن لا أرد على أي إتصال الآن حتى يآذن لي،،
بعد وقت ذهبنا لمعايدة الأقارب والصحب وفي مجلس أحدهم تذاكر جدي بعض الندماء له وتذكر أحدهم الذي قد بلغ منه المرض مبلغه
وقد وضِع في المستشفى رهن إجراء عملية جراحية له حينها بكى جدي للمرة الثانية في يوم العيد!!
بعدئَذ ذهبنا إلى أقارب أُخر و وجدنا ذلك العجوز الهرِم والذي شارف في عمره المئة وثلاثين عمراً فقد كان يعمل وحكم الملك عبدالعزيز لم ياتي بعد،،
صدقوني حينما رآيته لم اصدق ما أرى...فجِلده قد إلتصق بعظمه بصورة مؤلمة للغاية ونظرهُ لا يُكاد يرى وبه من العجز والهرم ما الله به عليم،،
أتعلمون أن مع كل هذا أن أبنائه عاقين له ولا يحسنون إليه وفي ألوان تطفيشه يتفنون!!!!
حينما حكى شيئًا من معاناته مع أبنائه ..بكى جدي للمرة الثالثة في يوم العيد وهو يدعي له بحسن الخاتمة وصلاح العمل و وصايته بالإكثار من الذكر،،
كل هذه المواقف التي كانت أمامي ولا أدري عن التي لم أكن حاضراً إياها،،
من حمد الله أن رجعتُ إلى البيت مُبكِراً فكل هذه المواقف كفيلة بجلب أنواع الحزن والآلم لي على مدى أسبوع كامل،،
كنتُ أعجب كثيراً من هذه النفس التي تحمل حب الإبن ورحمة القريب والحزن على الكبير،،
جدي وأنا و أنا وجدي قصص وحكايات لا تنتهي ومواقف لا يصفها أديب ولا ترسمها ريشة فنان،،
جدي بالنسبة إلي حياة أخرى ألتجئ إليها كل ما حنيت للماضي ولعبيره وجميل أثيره،،


بيني وبين جدي الكثير الكثير من القصص والمواقف التي لن يمحوها الدهر مهما حصل،،
الذي أتمناه أن يوفقني الله ويعينني في أن أدوِن شيئا من كل هذا وأن أوفق لذلك إنه ولي ذلك والقادر عليه،،

عبدالكريم
5 / 10 / 1430 هـ