[المأمون]

ماهو السبب الحقيقي لعزل السلطان عبد العزيز ودور الدول الأجنبية بفرض الدستور العلماني على الدولة العثمانية؟



تعتبر حادثة خلع السلطان عبد العزيز من النقاط الحاسمة في التاريخ العثماني ليس لأنها أدت الى تغيير سلطان من فتوى شيخ الإسلام فقط بكل لكون ذلك أول انقلاب دبر بمساعدة الدول الأجنبية، بحيث أصبحت الدول لم تعد تكتفي بالتدخل بجواسيسها وأعوانها في تدبير الفتن الداخلية في أنحاء الدولة بل زادت الى ان وصلت بمحاولة تغيير السلاطين بمساعدة من رجال الدولة، وبعد خلع السلطان عبد العزيز افتتح خلع السلاطين من بعده على التوالي وهم مراد الخامس وعبد الحميد الثاني ومحمد الخامس ومحمد السادس.

والسبب الباطني لعزل السلطان عبد العزيز ليس كما في فتوى شيخ الإسلام بسبب إسرافه والتجائه الى عقد قروض أجنبية من البيوت المالية في باريس ولندن وعجزه عن تصريف شؤون الدولة وإنما السبب هو رفضه الإنصياع لرغبات الدول الأجنبية الكبرى في سن دستور (وسمي بالمشروطية) للدولة الإسلامية مستمد من النظم والأفكار الأوروبية بعيدا عن الشريعة الإسلامية اي تطبيق الدستور العلماني.

وأركان هذه المؤامرة من رجال الدولة من حزب الأحرار بقيادة مدحت باشا والصدر الأعظم محمد رشدي، وحسين عوني باشا ناظر البحرية، وأحمد باشا قيصرلي ناظر الحربية وشيخ الإسلام حسن خير الله أفندي وكانت لهم اتصالات مع فرنسا وانجلترا التي شجعتهم على خلع السلطان عبد العزيز وتنصيب ولي العهد الأمير مراد الخامس مكانه لإنتمائه الى هذا الحزب ولميله الى اصدار الدستور.

وبذلك ذهب السلطان عبد العزيز ضحية عدم تطبيق الدستور او المشروطية التي فرضت على السلطان عبد الحميد الثاني لاحقا وقد كان هذا درسا للسلطان عبد الحميد الثاني الذي تولى السلطنة بعد مراد الخامس، ومن حنكة ودهاء السلطان عبد الحميد الثاني أنه بعد أن تولى السلطنة أنشأ جهازا قويا للإستخبارات يتبع له مباشرة استطاع ان يصارع الإستخبارات الأجنبية بكفاءة ويحافظ على الدولة فأخر سقوط الدولة العثمانية 33 سنة.