عرض مشاركة واحدة
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 17-04-2012, 03:39 PM   #3

عباس قرناس

جامعي

الصورة الرمزية عباس قرناس

 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
التخصص: اللغة العربية
نوع الدراسة: إنتساب
المستوى: متخرج
الجنس: ذكر
المشاركات: 420
افتراضي رد: الأسلوب وتحليل النصوص

مادة الأسلوب ( عرب345)
الفصل السادس
الأسلوب عند عباس محمود العقاد
لا شك في أن التحرك وراء تفكير العقاد لمتابعة المناطق الأسلوبية التي توقف فيها أو تعامل من خلالها مع النص الأدبي يقتضي نوعا من النظر الذي يمتد ليغطي مساحه واسعة من التفكير العربي القديم .

والواقع أن الدخول إلى عالم العقاد عملية تحتاج إلى مجاهدة خاصة إذ أن نتاجه ذو طبيعة موسوعية (صــ 129 )
ويجب أن تؤخذ في الاعتبار عناصر الاتصال الثلاثة ( المرسل – المستقبل – الرسالة ) ودورها في العملية الإبداعية حيث يميل الخطاب الإبداعي إلى جانب المبدع ويصبح بصمة له تكشف عن باطنه ، وقد يميل إلى جانب المتلقي باعتبار التلقي إبداعاً متجدداً يتجاوز حدود الزمان والمكان والأشخاص .
ومتابعة العقاد في أفكاره الأسلوبية تقتضي متابعته أولا في عقيدته النقدية التي سيطرت على حركته سيطرة كاملة ’ ونعني بذلك إيمانه بالتفسير << السيكولوجي >> الذي مثل له مرجعا أساسيا في تعامله مع الخطاب الإبداعي.

ولاشك أن العقاد قد واجه مجموعة من الخيارات التي طرحت نفسها أو التي طرحها هو منذ اعتنى بالنتاج الأدبي في مختلف عصوره وبيئاته ومع تعدد الخيارات كان لابد أن تأتي عملية المفاضلة التي صرح بها مباشرة في قوله : ” إنه إذا لم يكن بد من تفضيل مدرسة من مدارس النقد على سائر مدارسه الجامعه , فمدرسة النقد << السيكيلوجي >> أو النفساني أحقها جميعا بالتفضيل ؛ لأنها المدرسة التي يمكن الاستغناء بها عن غيرها دون أن نفقد شيئا من جوهر النقد ، ذلك أن هذا الاتجاه يعطينا كل شيء عندما يعطينا بواعث النفس المؤثرة في شعر الشاعر وكتابة الكاتب ’ ولابد أن تحيط هذه البواعث – إجمالا وتفصيلا – بالمؤثرات التي عايشها في مجتمعه وزمانه ”.
والواقع أن توجه العقاد هنا يعود أساسا إلى قراءته لناقدين غربيين همـا : سانت بيف وتين ’ وقد كرس الأول جهده في وضع مفهوم جديد للنقد يجعل منه نقدا ذا غاية موضوعية في استيعاب ودراسة كل ما يتصل بالعمل الأدبي ’ أما الآخر فقد ذهب مذهبا مغايرا بالرغم من إعتماده – كسابقه – على قوانين العلوم الطبيعية في بناء أفكاره النقدية
فقد كان معنيا بالبحث عن القوانين التي تتحكم في عملية الخلق الأدبي التي كانت – من وجهة نظره – تخضع لعوامل ثلاثة :
1- الجنس .
2- البيئة .
3- العصر .
وخلاصة نظريته أنه يرى في العمل الأدبي مركبا كليا يمكن عن طريق هذا المنهج الكشف عن عناصره وتحليلها والحكم عليها (صـــ 132ــ ) كل هذا مع الإفادة البالغة من كشوف (( فرويد )) في علم النفس .
وقد استطاع العقاد أن يمزج البعد << السيكيلوجي >> بالبعد البيئي ’ مع مابينهما من تباين يؤدي إلى نتائج قد تتوافق وقد تتخالف ’ والمهم – عندنا – أن استيعابه لكل ذلك قد قاده إلى تحري الخواص التعبيرية التي تصل الأسلوب بصاحبه أحيانا وبيئته أحيانا أخرى .
وقد كانت عناية العقاد بالبعد السيكولوجي أكثر نظراً لاعتماده ربط اللغة بأصحابها ، ولذا كان المبدع الحق في نظر العقاد هو الذي تتحقق لنا معرفته من خلال النظر فيما أبدعه ، حيث تتجلى دواخل الشخصية بكل وضوح ، فالمبدع يقدم لنا باطنه ( ما يدور في نفسه )بالنظر في تشكيلاته اللغوية التى تستوعب كل ما يدور حوله .

واللغة في نظر العقاد أولى أن يقال عنها ما يقال عن المبدع ؛ لأن اللغة هي قوام التعبير الناطق بين جميع المتكلمين بها .
ولا يرى العقاد مبالغة في وصف اللغة المعبره بأنها تمتلك معجما خاصا بها يعبر عنها(صـــ 133 ).
فالأفكار الأسلوبية عند العقاد تتحرك في دائرة اللغة بكل شمولها ؛ لأن اللغة مرآة تعكس طبيعة أصحابها .
ونتيجة لهذا الاعتقاد اللغوي يوحد العقاد بين حياة المبدع وفنه , بمعنى أن الطبيعة الفنية الحقيقية هي التي تجعل فنّ الشاعر جزءا من حياته , أيا كانت هذه الحياة من الكبر او الصغر , ومن الثروة أو الفقر , ومن الالفة او الشذوذ .

وهذا المدخل النظري يكاد يسيطر على حركه العقاد التطبيقيه دراسته لبعض الشعراء القدامى , وبخاصة أبو نواس , حيث تعامل مع هذه الشخصيه تعاملا نفسيا خالصا حاول فيه استكشاف أبعادها وتفسير مسلكها التعبيري برده الى المكبوتات المبكره . ( صـ 134)

ويتجاوز العقاد بهذا التفسير الخطاب الذاتي إلى الخطاب التناصي , الذي تعامل معه أبو نواس كثيرا . (صـ135)

وعلى هذا النحو يتابع العقاد بعض الشعراء القدامى , جاعلا من ابداعهم صورةً ؛ ففي الجاهليه نجد شخصيه طرفه بن العبد نموذجا لشخصية الشاب في مسلكها الفني , (صـ136)
ويخلص العقاد من هذا التحرك التطبيقي إلى أن طرفه _ في جملته _ نموذجاً للشاب النبيل الذي يرضي نفسه , ولايرضى عنها اذا تخلفت عن انداده ونظرائه في مقام الشجاعة والندى . (صـ137)

وهذه المداخل النفسيه هي التي تجعل للإبداع _ عند العقاد _ مكانة فنيه عالية وان يكون له جمهور من المتلقين يحفظونه ويرددونه ؛لأن مثل هذا الابداع هو الذي يرينا ما في الدنيا من الجمال وما يقع منه في نفس الانسان (المبدع) .(صـ138)
ويبدو ان هذا المنحى العقادي كان وليد ادراك معين (للجمال) والتمييز بين الجمال البسيط والزخرفة الصناعية الكاذبة , فالعقاد يرى أن النفوس مجبولة على ان تطلب الجمال وأنها لا تكتفي بالنافع بل تطلب الجمال في أرقى صوره .(صـ139)

يتحرك العقاد إلى المبدعين ليحاكمهم بقدر إعتمادهم على الصنعة في تشكيل قوالبهم التعبيرية , فيسمح لبعضهم بدخول دائرة ( الطبع ) , ولبعضهم بالانتظار في دائرة التكلف . (صـ141)
وربما كان مرجع هذه الملاحظ العقادية في ( اللفظ والمعنى ) , و( الطبع والصنعة ) هو نظرته إلى ثنائية العلاقة بين الدال والمدلول .
وبهذا يفسر العقاد اختلاف المعاني في أذهان الناس والشيء واحد ، ثم يختلف مدلول ذلك الشيء على حسب اختلاف المقاصد عند المتكلمين .

وقد تجاوز العقاد عن ربطه بين الأسلوب والتكوين الباطني (صـ146) للمبدع , كما تجاوز عن دور الكلمة والحرف في إنتاج الدلالة ؛ ليجعل الخطاب الأدبي _ عموماً_ انعكاساً للمجتمع . (صـ147)
وقد وجد العقاد أن المبدعين يختلفون في تعاملهم مع اللغة فهم لا يتكلمون و لا يبدعون بأسلوب واحد ؛ وهذا هو السبب الحقيقي الذي من أجله تعددت الأساليب .

يرى البعض أن للمتلقي حضوراً سلبياً في الإطار الإبداعي ، وهذا التصور مرفوض عند العقاد ؛ لأن القراءة عمل إيجابي يشترك فيه المتلقي بداية ونهاية ، فليس التلقي مجرد استسلام سلبي من القارئ لما يتلقى بل لا بد من مقابلة عمل المبدع بعمل المتلقي ، فالمتلقي بالنسبة للمبدع كالمرآة تعكس صورتنا بكل أبعادها .
وخلاصة الأمر أن المبدع لا يقل أهمية عن المتلقي والعكس كذلك .

 

توقيع عباس قرناس  

 


التخضع ذل والنار من راس الزناد * شبها وإن ماستوتلك لغيرك تستوى

 

عباس قرناس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس