مقال ابكاني :

[علي العسيري]

قصص من قضايا الناس

هذه هي قضايا ـ الناس ـ ولكل فرد منهم طريقته في الاستعراض والعرض. المتسول الذي يمد يديه أمـام باب مسجدنا يمد يديه لأنه فشل أن يمدد لسانه على مساحة ورقة اسمها ـ معروض ـ . المـرأة التي تبيعنا ـ المساويك ـ أمام المتجر الكبير في رأس الحي تضع ـ رضاعة ـ طفلها على طرف البساط لتشعرنا أنها مسؤولة أيضاً عن توفير علبة حليب.
الطالب المسكين في الصف الأول المتوسط يذهب في زاوية مهجورة بأقصى المدرسة حتى لا يشعر زملاءه ـ بفتح الهمزة) بهوان أسرته وفقرها حين تعجز عن توفير حشوة ـ الصامولي ـ ناهيك عن الطموح المستحيل في ريال واحد للفسحة. الأم الطاعنة في السن، تلك التي تذهب لفناء الجامعة كل صباح لا من أجل وظيفة على بند مؤقت بألف وستمئة ريال، بل لكي تجمع بقايا طعام ـ البوفيه ـ الجامعي نهاية الدوام ثم تعود به غداء وعشاء للأسرة. كل المأساة المبكية التي أعرفها بالضبط، وربما وحدي، أن لهذه الأم ابنة تدرس في ذات ـ الفناء الجامعي ـ : تدخلان من أبواب متفرقة ولا تحاولان حتى الاقتراب من بعضهما البعض، فما زالت الأم بطبعها الفطري تخشى أن تعرف بقية الطالبات وظيفة الأم حتى لا تكسر همة هذه البنت في مستقبل. الأب الذي يذهب لصلاة الفجر فلا يعود للمنزل إلا بعيد الساعة السابعة من الصباح حتى يكون في حل من حرج أطفاله وهم يطلبونه مطالب المدرسة. لا شيء لديه ولهم غير الدموع والحب. كل هؤلاء البسطاء يعيشون بقصص معقدة وكل هؤلاء ـ المعقدين ـ على وجه هذه الأرض لا ينتظرون غير حلول بسيطة. كل هؤلاء تسعفهم التفاتة بسيطة من ـ ريال ـ واحد يشتري للطفل فسحة مدرسية وأحيانا يدخل الريال من السعادة إلى قلب طفل ما لا يدخله المليون من سعادة في حساب بنكي لغني.
من هو الذي بيننا فتش ذات يوم عن محتاج في قارعة الطريق ليضمه إليه على هامش الحياة؟ من هو الذي سأل عن طفل آخر غير طفله ـ الأصل ـ عندما ذهب إليه ليسأل عنه في المدرسة؟

http://www.alwatan.com.sa/Articles/D...ArticleId=3724