بآلـــونة الأحزآن ~

[الشيمآء]

بالونةُ الأحزان ~

في إحدى المهرجانات السنوية وقفت بعيداً عن أسرتي، بعيداً عن الناس، بعيداً عن الضوضاءِ الضوئية و الصوتية !

" كم أكره الرجة و الزحمة ! "، كررت هذه الجملة كثيراً لدرجة أن أحد العاملين قال: " لم نجبرك على القدوم "، ثم ذهب تاركاً إياي في المكان الوحيد الهادئ في هذا المهرجان السخيف !

تنهدت، رفعت رأسي للسماء باحثةً بلهفةٍ عن القمر، و يا للأسف؛ فقد كان مصباح الصحراء مختبئاً خلف الغيوم. ربما لتيقنه من أن لا داعي له مع هذه الأضواء المبهرجة .. لكن ما خفف علي وطأة اختفاء عزيزي كانت تلك البالونات الطائرة في كبد السماء !

بحثت عن مصدر هذه البالونات فوجدت أنها لأطفال يطلقونها ثم يقفزون بعشوائية في محاولة لالتقاطها، هززت رأسي بسخرية: " يا للغباء !، تطلقونها ثم تحاولون التقاطها ! "، ثم أعدت نظري للسماء، بعض البالونات تهيم و البعض الآخر ينفجر و مع كل بالونٍ ينفجر أسمع صوت طفلٍ يبكي؛ يبكي بحزن على بالونه المنفجر .. بحزن ؟!، نعم إنه الحزن ! ..

أريد بالونة .. راودتني فكرة عجيبة !

الطريق لكشك بائع البالونات كان مزدحماً و .. ضجة ضجة ضجة !
لكن لا بأس سأحتمل _فقط_ لتنفيذ فكرتي ! اشتريت بالوناً واحداً بسبب السعر المبالغ فيه، تمتمت: " أَوَكل هذا من أجل المهرجان ؟! "، قلت سابقاً بأنه سخيف لكنَّ هذا الأمر ليس من شأني و على الاقتصاديين التفكير بهذه المشكلة !

المهم .. كانت فكرتي هي أن أملأ البالون لا بالهواء بل بأحزاني و همومي و مشاكلي ثم أطيره لينفجر ناسفاً ما بداخله .. لكن كيف ؟!

فكرت و فكرت و فكرت و في النهاية أخرجت قلماً من جيبي و كتبت على البالون قبل أن أنفخه: ( مشاكل أسرية و نفسية و عائلية ، رغبات و أمنيات غير محققة ، سخافات دراسية ، حمقى ، رجعيون متخلفون ، كل ما لا يعجبني أو يروق لي ) ، ثم بدأت بنفخ البالون، داهمني و أنا أنفخه صوت أبي: " لا تنفخي البالون بفمك، صدرك سيتعب، خطير خطير خطير "، تجاهلت نصيحة والدي التي تكررت علي في صغري آلاف المرات ؛ فلدي فكرة و سأنفذها ! استأنفت النفخ !

" آآآآآه و أخيراً استطعت ربطها "، سحبت نفساً عميقاً ، كان مع والدي حق، لكن ماذا عساي أن أفعل ؟!، هي فكرةٌ خطرت لي و يستحيل عليّ ألا أنفذها !

نظرت إلى الكتابة على البالون، لم تكن واضحة، لكن لا بأس فالأمر معنويٌ أكثر مما هو مادي !

و الذي حصل أنني أطلقت البالونة، و راقبتها بعينيّ صقر؛ فقد اختلطت رغم بعد مقر إطلاقها مع البالونات الأخرى، دقائق ... ثم انفجرت و انفجرت البالونات المجاورة لها !

ابتسمت ثم ضحكت ،" كم هي جميلةٌ هذه الأنوار المبهرجة ! "، أطلقت جملتي الأخيرة دون وعي، ثمَّ ما لبثتُ أن ضكت !

سحبت نفساً عميقاً ثم توجهت أينما أسرتي جلست، ابتسمت فبادلوني الابتسام، نظرت إلى أبي بقدرٍ من الشعور بالذنب: " سامحني .. لم أعمل بوصيتك "، ثم بادلتهم الحديث الضاحك و أنا أفكر: " كم يبدو هذا المهرجان جميلاً بعيني الآن ؟! ، سأشتري كرتون بالون و .. سأرفقه بمنفاخ ! ".

* قصـة قصيـرة لأديبـة تعرفتُ عليها مؤخرًا عبر الشبكـة ..
أتمنى أن تصل للمرحلـة الجآمعيـة قريبًا .. علّـني ألتقي بهـآ و بأحرفهـآ :) .

آراؤكم تهمني .. و تهمهآ !