أيش تبغى تصير يا شاطر ؟؟

[صالح الحربي]

لما تكبر .. أيش تبغى تصير يا شاااااطر ؟؟

السؤال الممل الذي طالما تردد علينا ونحن صغار ..
بم تحلم أن تكون في المستقبل ؟

سؤال حالم جميل .. وكانت الإجابة على شفاهنا الفاغرة جاهزة ..
"أبغى أصير دكتور .. أو أبغى أصير طيار .."
نصف الأطفال في مجتمعنا بيصيروا أطباء وطيارين !!
والنصف الفاغر الآخر ..
يمعن في الدلاخة لما يقول "بأصير زي بابا !!"

جميلة هذه الأحلام ورائعة .. لكنها لم تنبع من داخل نفوسهم .. لم تكن عن رغبة حقيقية
وإنما برزها لهم مجتمع يقدس هذه الشخصيات .. ويعتبرها قد بلغت القدح المعلى !!
مع احترامي الشديد لهذه الوظائف المحترمة في حقيقتها ..

القصة لا تبدأ من هنا .. بل تبدأ عندما يصطدم الطفل المتدلخ بسبب مجتمعه ..
بالواقع المر ..
عندما يكتشف أن واقعه لا يعترف بالأحلام السوية !!

عندما يحلم طوال عمره .. يحلم .. ويحلم .. ويحلم ..
ثم يكتشف أنه يعمل في كابينة هاتف ..
أو موظف استقبال في شركة تجميل =
أو أن عريس الغفلة اختطفها من بيت أبيها على جواد أبيض = في الغالب "كرسيدا 80 بيضاء"
وفي أحسن حالاته .. يجد نفسه يكافح ليدخل الجامعة .. أيا كان تخصصه ..
لينتهي المطاف بطبيب المستقبل في قسم الأرصاد .. أو التاريخ ..
والطيار الحالم بالتحليق في السماء .. متمرغاً في علوم الأرض !!

لا أقلل من شأن أي من هذه التخصصات .. أبداً
لكنني أحترق على أولئك المتخبطين الذين يدرسون أكثر من تخصص ثم يختار تخصص بعينه ..
لماذا ؟
لأن أبوه أمره بذلك .. وأمه عاجبها اسم التخصص
وأصحابه كلهم دخلوا هذا التخصص = تلقى أصحابه "صاحب واحد بس وأفشل منه"
أو لأن سوسو ولولو وخوخو .. دخلوا إدارة عامة ولازم هي تكمل الشلة !!
.. أو لأن جارتهم أم علي قالت لها :
"ادخلي تاريخ عشان يأخذوك بوكالة ناسا لحماية البيئة"= مرررة ما تمشي
وهي تثق في ثقافة أم علي لأنها الوحيدة اللي معها رابعة ابتدائي ..

وتضيع حياة الشاب والشابة .. بين آراء ناس ما لهم في العير ولا في النفير ..
كل واحد منا يسأل نفسه كيف دخل تخصصه .. لا بد يجد قصة غريبة !!
واسأل أي واحد في السنة التحضيرية .. غالبا رح يقول :
"يا رااااااجل خليها على المعدل"

لا تظنوا إني أتحدث من برج عاجي .. أنا أيضا .. كنت أحد أولئك الدلوخ المحترمين =
لكني أعتقد أني استطعت أن أتدارك نفسي وأن أخرج من دوامة المجتمع ..
برؤية واضحة !!

كيف تكتشف التخصص المناسب لك ؟؟
هذا السؤال لابد من أن نسأله أنفسنا .. وأن نفرغ على إجابته ما في جيوبنا والثمين من أوقاتنا ..
لأنه ببساطة ..
مشروع حيــــــــــــــــــــــاتك !!

ربما لي عودة .. إن شئتم !!