من لا يشكر الناس لا يشكر الله

[Jaber Saad]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الغالبية العظمى من طلاب التعليم عن بعد يجدون انفسهم مجبرين على بذل مجهود مضاعف كي يوفقوا بين الدراسة وارتباطات الحياة المختلفة من مهام وظيفية ومسؤوليات أسرية وحياة اجتماعية ينخرطون بها كنتيجة طبيعية لغرائزهم البشرية. ولعل اصعب التحديات التي قد تواجه طالب التعليم عن بعد ان يعمل في احدى الشركات التي تعامل الموظف على انه آلة انتاجية، تجعله تحت ضغطٍ نفسي مستمر لمدة 12 شهراً، وبنظام النوبات، ولساعات عمل يومية تصل الى 12 ساعة، اضافة الى انه متزوج ولدية من يعيله، ثم يسعى جاهداً للحصول على تحصيل علمي متميز.
قد يبدوا الامر للوهلة الأولى الى انه ضرب من الخيال. إلا انه ممكن الى حد كبير متى ما استجمع الطالب قواه وشمر عن ساعديه ووضع حلمه نصب عينيه.

ولأكون اكثر صراحةً، فإن ما يصيب طالب التعليم عن بعد في مقتل ليست كثرة المسوليات وتحديات الحياة، بل البيروقراطية التي تغص بها معظم الدوائر الحكومية، وبعض الجامعات والكليات ليست عنها بمنأى. هذه البيروقراطية تكون في حالات كثيرة كالشعرة التي تقصم ظهر البعير.

ومنذ التحاقي بجامعة الملك عبدالعزيز، وسوء الطالع يلاحقني في كل فصل دراسي، ففي الفصل الدراسي الاول تأخر تفعيل نظام الايميس، وأدى ذلك الى تعذري عن اداء بعض الواجبات في وقتها وكنتيجة لذلك حُرمت من درجاتها. وفي الفصل التالي تم حذف مادة مهارات الاتصال من جدولي دون سابق انذار، ورغم تقديمي لاكثر من معاملة الكترونية، وإجرائي لعشرات الاتصالات الهاتفية على كل ما وقع امام ناظري من ارقام منسوبي الجامعة، ثم تفويضي لأحد الطلاب بأن يتابع عملية اعادة اضافة المادة المحذوفة، إلا ان المشكلة لم تحل، بل لم استطع الوصول الى الشخص المسؤول عن الحذف والاضافة إلا بعد ان شارف الفصل الدراسي على الانتهاء. وفي الفصل الدراسي الثالث - المنتهي منذ اسابيع قليلة - رصد لي dn في مادة ما رغم توقيعي على كشف حضور اختبارها.

لا أخفيكم سراً بأني توقعت ان اواجه نفس الصعوبات التي مررت بها مسبقاً وان الامر سيطول، بل جزمت الى حد ما بأن هذه المعضلة لا يمكن ان تحل عن طريق المراسلات والاتصالات، وان حضوري شرٌ لا بد منه. وكيف احضر وانا اقطن بمدينة تبعد عن الكلية مسافة 900 كم؟

بكل صدق، تلاشت كل هذه المخاوف بعد ارسال رسالة واحدة الى أستاذي ودكتوري عميد الكلية (د. عبدالإله ساعاتي)، القامة الإدارية الفذة، الذي تجاوب معي مشكوراً خلال ساعات قليلة وأحالها بدوره الى مشرف الشؤون التعليمية الاستاذ المعتزبالله سيد حسن؛ الرجل الذي يعمل بتفاني وإخلاص، ولا يدخر جهداً لمساعدة اي طالب يتصل به.
كان الأستاذ المعتزبالله حريصاً كل الحرص على حل المشكلة وكأنها تخصه شخصياً، وبعد وقت قصير أفادني بان سبب المشكلة اختلاط ورقتي مع اوراق طلاب الانتساب. وقام مشكوراً بتصحيح الوضع وإعادة الامور الى نصابها خلال وقت قياسي.

ومن منطلق الحديث النبوي الشريف الذي رواه أبو هريرة مرفوعاً عن النبي المصطفى عليه افضل صلاة وأتم تسليم: ( من لا يشكر الناس لا يشكر الله ). اتقدم بوافر الشكر والتقدير والامتنان لأساتذتي الكرام:

الإستاذ المعتزبالله سيد حسن (المشرف على الشؤون التعليمية)

والاستاذ عبدالرحمن عوض الجعيد.

وينحني قلمي إجلالاً وإكراما، ويتوارى خجلاً لإيمانه التام بعدم قدرته على كتابة عبارة شكر تليق بربان السفينة: د. عبدالإله ساعاتي.

همسه: تكمن انطلاقة الطالب الحقيقية نحو النجاح في شعوره بالأمان ويقينه بأن خلفه كادر إداري على أعلى مستوى يضع يده بيده، ويذلل كل الصعاب التي تواجهه.


جابر سعد الجهني