InstagramTwitterSnapChat


 
وصف

العودة   منتديات سكاو > الأقسام الخاصة > الأقسام العامة > المنتدى الإسلامي
التسجيل مشاركات اليوم البحث
   
   


المنتدى الإسلامي المواضيع الدينية

من تاريخ الاستشراق مرحله ما بعد الحروب الصليبيه

المنتدى الإسلامي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
  #1  
قديم 05-11-2003, 08:25 AM
الصورة الرمزية الريادة

الريادة الريادة غير متواجد حالياً

مشرف سابق

 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
التخصص: ادارة واقتصاد/ محاسبة
المشاركات: 225
افتراضي من تاريخ الاستشراق مرحله ما بعد الحروب الصليبيه


الدكتور محمد الدسوقي



الدارس لتاريخ الاستشراق يلاحظ أنه بدأ أولى خطواته في رعايه الكنيسه، و أن الجيل الأول من المستشرقين كان من الرهبان و القساوسه، و مازال بعضهم حتى الآن من رجال اللاهوت، و أن روح التعصب و الأفكار الكنيسه و النظره إلى الإسلام نظره غير موضوعيه قادت الفكر الاستشراقي عبر تاريخه الطويل حتى العصر الحاضر.

على أن الاستشراق مع هذا مر بعده مراحل أو فترات تاريخيه و يمكن تقسيمها على النحو التالي:


1. المرحله الأولى:

و تبدأ بعد فتح الأندلس، و ازدهار الحياه العلميه فيها، و كذلك جزر البحر المتوسط و جنوب إيطاليا، و تنتهي هذه المرحله بانتهاء الحروب الصليبيه.


2. المرحله الثانيه:

و تبدأ بعد الحروب الصليبيه، و تمتد إلى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي تقريباً.


3. المرحله الثالثه:

و قد بدأت في منتصف القرن الثامن عشر على وجه التقريب؛ و استمرت إلى نهايه الحرب العالميه الثانيه.


4. المرحله الرابعه:

و بدأت بعد الحرب العالميه الثانيه، و مازالت مستمره حتى الآن.

و قد روعي في هذا التقسيم تميز كل مرحله بخصائص معينه، و إن كان هناك قاسم مشترك بين كل هذه المراحل، و خاصه تلك التي بدأت بعد الحروب الصليبيه.

و في الصفحات التاليه حديث موجز عن المرحله الاولى، حديث يهتم بالكليات دون الجزئيات، أو الحقائق العامه دون التفصيلات الفرعيه. أو ثم التركيز على المرحله الثانيه (مرحله مابعد الحروب الصليبيه)، و نترك الحديث عن باقي المراحل لبحوث قادمه.

بدايات الفكر الاستشراقي

من المعروف تاريخياً أن الغرب كانت له محاولات قبل الإسلام لمعرفه الشرق و الشرقيين1، بيد أن هذه المحاولات ما كانت تسعى إلى ما يسعى إليه الغرب بعد ظهور الإسلام، و دخوله أوربا في مستهل القرن الهجري الثاني.

إن اوربا بعد فتح الأندلس و جزر البحر المتوسط، وَلّت وجهها نحو الشرق لأن نوراً جديداً انبثق فيه، و اكتسح ظلمات الفرس و الروم، هذا النور الذي بدد دياجير الوثنيه في الجزيره، و وحد بين القبائل العربيه المتصارعه، و أنشأ منها قوه عادله ضاربه مزقت أكبر القوى في ذلك العصر، و مكنت لدين الله في الأرض، فانتشر الإسلام في فتره زمنيه و جيزه بين شعوب و أقطار متباينه اللغات و العقائد و العوائد، مما أثار دهشه أهل أوربا، و حملهم على أن يقفوا على سر تلك الظاهره الفريده في تاريخ البشريه، و أن يلموا بثقافه و علوم هؤلاء المسلمين الذين أصبحوا مثلاً أعلى للتقدم و الحضاره، و أصبحت حواضرهم مثاباتٍ للبحث و الدرس و مراكزَ للثقافه و الفكر.

إن أوربا التي كانت حين حمل العرب الإسلام إليها تغظُّ في سُبات الجهل و التخلف، و المعتقدات الفاسده، و الصراع الطبقي، و التناحر حول الزعامه و السلطه، سعت لأخذ علوم المسلمين و ثقافتهم، و كذلك لمعرفه مناط قوتهم، و عوامل مجدهم، و أسباب وصولهم إلى مراكز القياده في العالم الذي كان معروفاً حين ذاك2. و كان من مظاهر ذلك، هجره شباب أوربا لطلب العلم في مراكز الثقافه الإسلاميه و خاصه في الأندلس، و إرسال البعثات التعليميه الرسميه إلى هذه المراكز، و إقامه صلات الموده بين بعض الحكام، كما حدث بين الرشيد و شارلمان، و كذلك إنشاء المدارس في أوربا على غرار ما كان في البلاد العربيه، و استقدام الأساتذه و العلماء المسلمين للتدريس فيها مع الأساتذه الأوربيين الذين أتموا دراستهم في الديار الإسلاميه، ثم نقل التراث العلمي الإسلامي إلى اللغه اللاتينيه التي كانت لغه العلم في أوربا في ذلك الوقت، و بدأت حركه الترجمه في القرن التاسع الميلادي، و نمت بعد ذلك، و لا سيما بعد سقوط طليطله عام 478 هـ، 1805 م، فقد أنشأ رئيس أساقفتها ديواناً للترجمه كان يضم بعض العرب الذين تعلموا اللاتينيه و قام هذا الديوان بنقل التراث العربي برمته من فلسفه و أدب و فلك و طب .. إلخ .. إلى هذه اللغه ..

و تعد صقليه من أهم مراكز الترجمه التي أثرت في أوربا تأثيراً بالغاً و خاصه في مجال العلوم الطبيه.

لقد حكم العرب هذه الجزيره اكثر من قرنين و نصف من الزمان (212-484 هـ) و نشروا في ربوعها حضاره مزدهره كانت لها انعكاساتها الإيجابيه على نهضه أوربا، و تطور الحياه العلميه فيها.

لقد كانت أوربا تتلمذُ على أيدي العرب، كانت تتعلم لغتهم، و تترجم علمهم، و تنشىء المدارس على غرار مدارسهم، و تضع لها المناهج الدراسيه المنقوله عن المناهج العربيه، و من ثم لم يكن للعلماء الأوربيين في تلك الحقبه إنتاج علمي خاص، لاعتماداً كلياً على التراث العربي، و كل ما ظهر من مؤلفات لاتينيه لاتعدو أن تكون ترجمات لمولفات إسلاميه أو نقلاً عنها3.

و يصف بعض الأوربيين اقبال غير المسلمين، و خاصه الشباب على تعلم العربيه، و دراسه الكتب الإسلاميه فيقول: «النصارى كانوا يحبون قراءه القصائد و القصص العربيه و دراسات الفقهاء و الفلاسفه العرب لا لدحضها، بل لامتلاك ناصيه لغه عربيه سليمه جميله، فأين – سوى رجال الدين – من يقرأ الآن التعاليق اللاتينيه على الكتاب المقدس، أو يدرس الإنجيل و الرسل و الحواريين؟ وا أسفاه!! إن الشباب النصراني يدرس و يقرأ بحماس الكتب العربيه، إنه يجمع مكتبات كثيره بأثمان باهظه، و يحتقر الأدب النصراني، و لايعيره اهتماماً، لقد نسي الشباب لغتهم، و في مقابل شخص واحد يستطيع كتابه رساله إلى صديقه باللاتينيه، هناك ألف شخص ممن يستطيعون التعبير في رساله بالعربيه، و ينظمون في هذه اللغه قصائد أجمل مما يفعل العرب أنفسهم»4، و لكن أوربا، مع أخذها عن المسلمين، و على الرغم من شده حاجتها إلى ما أخذت، كانت تشعر بشعور المعاداه و البغضاء تجاه من يأخذون عنهم، و كان ذلك بسبب الانتصارات الحربيه التي حققها المسلمون منذ معركه مؤته (8 هـ) إلى معركه بلاط الشهداء (114 هـ).

إن الإسلام الذي انتشر في فتره زمنيه و جيزه في بقعه فسيحه من العالم كان المشكله البعيده المدى بالنسبه لأوربا، و لهذا قاومته مقاومه عنيفه، في شتى المجالات، و كان رفضها إِيّاه يكاد يكون شاملاً من كل الجوانب5.

و كان النصر العسكري الذي أحرزه المسلمون تتراءى صورته في مخيله الأوربيين، و لا سيما الحكام و القاده، فتزعج خواطرهم، و تبعث في نفوسهم روح التوجس و الخوف من أن تفاجِئهم الجيوش الاسلاميه، و تغزوهم في عقر دارهم. و قد اذكى هذا الشعور بالمعاداه و القلق موقف الكنيسه من حركه الفتوحات الإسلاميه، و هيمنه الفكر الإسلامي على شباب أوربا. فقد كانت، بلا جدال، ترى في هذه الفتوحات تقليصاً لنفوذها، و في إقبال الأوربيين على دراسه العلوم العربيه تقويضاً لسلطانها، لقد كانت تقود الحياه في مختلف مجالاتها من منظور الفكر الكنسي، و هو فكر يناهض النظر العقلي، لأن هذا النظر يكشف عن تناقض ذلك الفكر، و أنه يسلم بقضايا يرفضها العقل. فإقبال الأوربيين في حماس بالغ على دراسه العلوم العربيه و الثقافه الإسلاميه بما تمثله من حريه دينيه و فكريه، و بما تؤكده من أن الناس جميعاً أمام خالقهم سواء، و أن أحداً – و لو كان نبياً مرسلاً – لايملك لأحد نفعاً و لا ضراً، و أن الله فرد صمد لم يلد و لم يولد، و ان المسيح (ع) بشر كسائر البشر، يؤدي – لا محاله – إلى انهيار ما تتمتع به الكنيسه من نفوذ، زعمت أنه حق خوله الله إياها، و إلى نبد ما تدعو إليه و تحاول فرضه من مفاهيم ملوثه بالخرافات و الأساطير، و التقت أهداف الكنيسه مع حكام أوربا في الوقوف ضد المد الإسلامي، سواء أكان هذا المد في صوره فتح جديد، أو صوره نشر الفكر الإسلامي و اللغه العربيه، و اتفق الجميع على القيام بعمل مشترك يحول دون بلوغ ذلك المد غايته في القضاء على السلطتين، الدينيه و الزمنيه في أوربا، و كانت الكنيسه تجمع بينهما بوجه عام.

لقد أخذت الكنيسه عن طريق رجالها في تحذير الجماهير من الهجره إلى بلاد المسلمين، و دراسه العلوم الإسلاميه، لأن في ذلك خطراً على عقيدتهم النصرانيه، و لكن الكنيسه، على ما بذلت من جهد، لم تنجح في وقف تيار الرحله للاغتراف من مناهل الثقافه الإسلاميه، و بدا لها أن الأمر يقتضي عملاً منظماً يحقق ما تصبو إليه في منع الهجره إلى العالم الإسلامي، و تشويه صوره الإسلام و المسلمين لدى الأوربيين، و تمثل هذا العمل في امرين:

الأول: قامت الكنيسه بإيفاد عدد من القساوسه الذين أُعِدُّوا إعداداً خاصاً إلى بعض العواصم الإسلاميه في الأندلس و المغرب العربي لدراسه العربيه و علومها، رائدهم في هذا تتبع العورات، و تلمس الشبهات، ليقوموا بعد عودتهم إلى بلادهم بتأليف الكتب و إِلقاء المحاضرات المشحونه باختلاق المثالب، و إثاره الحفاظ ضد المسلمين.

الثاني: انشاء بعض المدارس العربيه في روما و غيرها، لإعداد أجيال من المتخصصين في العلوم الإسلاميه على نحو يؤهلهم لنشر كل مايسيء إلى الإسلام و المؤمنين به، حتى يفتر حماس الرغبه في الرحله إليهم، و تلقي العلم عنهم.

و كان أولئك القساوسه الذين أوفدوا إلى ديار الإسلام، طلباً للمعرفه المغرضه، و هؤلاء الذين تعلموا في المدارس العربيه الأوربيه، و على وفق التخطيط الكنسي الذي كان يتغيا مقاومه العقيده الإسلاميه، كان كل هؤلاء هم الطلائع الأولى للاستشراق، و كانت آراؤهم في الإسلام و نبيه و معجزته، و المسلمين و حضارتهم، هي بدايات الفكر الاستشراقي، و هذه البدايات ما كان لها أن تعرف الموضوعيه، أو الأمانه العلميه، لأنها خضعت لتوجيه أراد منها ان تكون حرباً فكريه تحقق ما عجزت كل ما سبقها من محاولات عن تحقيقه.

إن آراء الجيل الأول من المستشراقين اتسمت بالجهل المتعمد بالإسلام، و الخلط الغربيب بينه و بين غيره من الأديان، و الرغبه العارمه في مقاومه ما يمكن أن يكون لهذا الدين من تأثير، فمحمد، فيما كتبه هؤلاء، ساحر هدم الكنيسه في إفريقيا و في الشرق عن طريق السحر و الخديعه، و ضمن نجاحه بأن أباح الاتصالات الجنسيه، و المسلمون يعبدون ثلاثين إلها، و القرآن يمزج على غير نظام بين تعاليم العهدين القديم و الجديد، او بين التوراه و الإنجيل … إلخ .. تلك الأفكار الحاقده الفاسده، المستمده من الأوهام، و آراء العوام، و الكتاب المقدس، و لا علاقه لها بمصدر علمي أو موضوعيه و أمانه.

فالفكر الاستشراقي إذن نشأ في رعايه الكنيسه، و خضع فيما صدر عنه لتوجيهاتها، و من ثَمَّ لم يكن عملاً علمياً على نحو من الأنحاء، و إنما كان لوناً من ألوان المقاومه للمد الإسلامي.

-----------------------------------------------------------------------------------------------------
*يتبع.............

 


توقيع الريادة  

 

رد مع اقتباس

 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 05-11-2003, 08:30 AM   #2

الريادة

مشرف سابق

الصورة الرمزية الريادة

 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
التخصص: ادارة واقتصاد/ محاسبة
المشاركات: 225
افتراضي

الفكر الاستشراقي بعد الحروب الصليبيه

لقد كانت الكنيسه في اوروبا – كما ذكرنا – من وراء كل المواقف المضاده للإسلام، منذ دخل هذا الدين تلك القاره، فقد بذلت كل ما استطاعت من جهد في سبيل الحيلوله بين الأوربيين و الوقوف على تعاليم الإسلام و آدابه، و لكنها على ما بذلت لم تحقق ما سعت إليه، و ظل الأوربيون يقبلون على تعلم العربيه، و الهجره إلى مواطن الثقافه الإسلاميه، و ظل الفكر الإسلامي له تأثيره في عقول الأوربيين و مشاعرهم، فهم ما زالوا يدرسونه، و يترجمون آثاره، بل تضاعف نشاطهم في هذا..

و لما بدا للكنيسه أن ما قامت به لم يكفل لها بلوغ الغايه في مقاومه المد الإسلامي فكرياً و حضارياً، اتجهت نحو إثاره العامه ضد المسلمين، و شد أزرها في هذا بعض النبلاء و الحكام الطامعين في كنوز الشرق و خيراته، و أتاح التمزق الذي شهده العالم الاسلامي في القرن الخامس الهجري، و ظهور بعض الدول المستقله عن الخلافه في بغداد، للكنيسه فرصه تحويل تلك الإثاره إلى حملات مسلحه تعبر البحر المتوسط لمهاجمه المسلمين في الشرق تحت ستار حمايه الصليب، و انقاذ القبر المقدس من أيدي البرابره المتوحشين، أي المسلمين، كما كانت تعبر عنهم الكنيسه. و تعددت الحملات التي عرفت باسم الحملات الصليبيه، لأن الصلبان و زعت على الحاضرين في مجمع كلرمونت سنه: 1095 م، حيث ألقى البابا أوريان الثاني موعظته التي حث فيها العالم المسيحي على الحرب، لتخليص القبر المقدس من المسلمين، و وعدهم بأن تكون رحلتهم إلى الشرق غفراناً كاملاً لذنوبهم، كما وعدهم بهدنه عامه تحمي بيوتهم في أثناء غيبتهم. و كانت هذه الموعظه الشراره التي أشعلت نار الحملات الصليبيه التي استطاعت أن تحتل منطقه الشام، و تدخل القدس، و ترتكب من الجرائم البشعه ما لايصدقه عقل، إذ قتل نحو سبعين ألفاً من المسلمين في المسجد الأقصى، ما بين رجل و أمراه و طفل، حتى خاضت الخيول في دماء الشهداء. و مكث الصليبيون في أرض الإسلام نحو مئتي عام، و تمكن صلاح الدين بعد أن وَحَّد بين البلاد العربيه من أن يهزم هؤلاء البغاه في موقعه حطين سنه 583 هـ، و كانت هذه الهزيمه بدايه نهايتهم و طردهم من ديار الاسلام. و على الرغم من أن الصليبين عرفوا المسلمين عن كثب، و نقلوا كثيراً من مؤلفاتهم العلميه، و انتفعوا بها في بلادهم، على الرغم من كل هذا لم تتغير صوره الإسلام و المسلمين لدى أوربا، و ظلت مشاعر التعصب متأججه في نفوس أهلها، و زادت الهزيمه في حطين من مواقف العداء، و أيقن الأوربيون أن الإسلام هو مصدر الخطر على مطامعهم في الشرق، و مع هذا تعد نهايه الحملات الصليبيه بدايه مرحله جديده للفكر الاستشراقي امتدت إلى نحو منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، و قد تميزت هذه المرحله بما يلي:

اولاً: أدرك الغرب من خلال حروبه الصليبيه أن الشرق يتفوق عليه فكرياً و حضارياً و اقتصادياً، و أنه يجب على الغربيين أن يسيروا في نفس الطريق الذي سارت فيه شعوب الشرق، لكي ينهضوا و يتقدموا.

ثانياً: تضاعف الاهتمام باللغه العربيه، و إنشاء الكراسي العلميه الخاصه بها، كما تضاعف الاهتمام بإنشاء المدارس و المعاهد و الجامعات لدراسه الحضاره الإسلاميه، و كانت المؤلفات العربيه في مجال العلوم الهندسيه و الفلكيه و الطبيه و الفلسفيه تدرس في هذه الجامعات التي أنشئت تقليداً مطلقاً للجامعات الإسلاميه في الأندلس و صقليه، و ظلت تلك المؤلفات ماده البحث و الدراسه الجامعيه لنحو سته قرون6.

ثالثاً: قويت حركه نقل التراث العربي إلى أوربا، و تسابق أهلها في الحصول على اكبر قدر منه، و اشترك في هذا الحكام و المستشرقون و بعض الرحاله و المغامرين الذين كانوا يلجأون إلى السرقه و الخداع و التضليل.

و ما كان كل هؤلاء فيما يسعون إليه ينتقون من هذا التراث، و إنما كانوا يجمعون منه ما تصل إليه أيديهم، ثم يقومون بتصنيفه بعد نقله إلى بلادهم. و لعل تفرق أجزاء الكتاب الواحد في أكثر من مكتبه في العالم، أو فقد بعض هذه الأجزاء يرجع إلى ذلك.

لقد ذكر «فيليب دي طرازي / ت: 1956 م» في الجزء الثاني من موسوعته «خزائن الكتب العربيه في الخافقين .. أن في بعض مكتبات لبنان مخطوطه من كتاب «وفيات الأعيان» لابن خلكان، على هامشها حاشيه بقلم قنصل فرنسا في بيروت في منتصف القرن السابع عشر، خلاصتها أنه في سنه 1671 م أرسل عالي الجناب الملك لويس الرابع عشر رسله إلى بلدان الإسلام لشراء المخطوطات، و زود مبعوثيه بأوامر شريفه إلى جميع القناصل الفرنسيه ليضعوا رجالهم و أموالهم في خدمه هذه الغايه.

و قام المستشرق الإنجليزي إدوارد يوكوك (ت: 1691 م) الذي عاش خمس سنوات في مدينه حلب السوريه مبشراً، برحله إلى الآستانه: 1637، و جمع مجموعه نفسيه من المخطوطات العربيه، و هي التي تكوّن الآن قسماً من أثمن المخطوطات في المكتبه البودليه في اكسفورد7.

كذلك قام المستشرق الهولندي يعقوب جوليوس (ت: 1667 م) برحلتين إلى المغرب الأقصى و سوريه اشترى فيهما كثيراً من المخطوطات العربيه، و نقلها إلى مدينه ليدن، و نشر بعضها بين سنوات: 1623-1656.

لقد نقل الأوربيون آلاف المخطوطات من العالم الإسلامي، و سلكوا في سبيل ذلك طرقاً متباينه، منها السرقه، و التودد إلى بعض القائمين على المكتبات بالهدايا، و التظاهر باعتناق الإسلام، و إبداء الرغبه في الاطلاع على ما خطته أقلام العلماء المسلمين.

و كانوا بعد نقل تلك المخطوطات إلى أوربا يصنفونها و يفهرسونها، و قد ساعد الاستشراق في هذا بعض علماء الشرق الذي استقدموا لهذه المهمه، كما قاموا بترجمه الكثير مما نقلوه، و خاصه ما يتصل منه بالعلوم الرياضيه و الطبيه إلى اللاتينيه، ثم إلى اللغات الأوربيه، و طبع بعضه بالعربيه بعد اختراع الطباعه.

و الذي لا مراء فيه أن التراث الإسلامي الذي نقل إلى أوربا قد أسهم بدور فعال في انبثاق عصر النهضه، و اخراج أوربا من ظلمات العصور الوسطى، و لكن الأوربيين كانوا يتجاهلون فضل المسلمين عليهم، و كانوا، في مؤلفاتهم التي أخذت عن الكتب العربيه، أو ما ترجم منها، يزعمون أنهم لم يعتمدوا على مصادر عربيه8، و كشفت الدراسات العلميه المعاصره عن انتحال الأوربيين لمؤلفات و آراء مفكري الإسلام في تلك المرحله من مراحل الاستشراق، فقد اثبتت مثلاً أن هارفي (ت: 1657 م) الذي ادعى أنه أول من اكتشف الدوره الدمويه، قد ترجم ترجمه حرفيه من اللاتينيه التي نقل إليها ما قاله ابن النفيس (ت: 687هـ=1288 م) في هذا الموضوع، فهذا العالم المسلم الذي سبق هارفي بنحو أربعه قرون هو أول من اكتشف هذه الدوره في تاريخ الطب، و ليس ذلك الدعي الذي انتحل ما ليس له.

رابعاً: و إذا كانت الكنيسه في المرحله الأولى للاستشراق قد جندت بعض الرهبان لدراسه الإسلام، بقصد تنفير الأوربيين منه، و إذا كانت أيضاً قد أنشأت بعض المدارس لتخريج من يتصدى لتأثير الإسلام النفسي على الأوربيين، فإنها في المرحله الثانيه قررت مواجهه هذا الدين على نطاق واسع، ولا سيما بعد أن فتح الأتراك مناطق البلقان، و حاصروا فينا و إنها بعد أن نجحت في العمل على انحسار المد الإسلامي في شبه جزيره أسبانيا لم تنسَ هزيمتها المنكره في حطين، و أزعجها المد الجديد للإسلام في شرق أوربا، و أخذت تخطط لمقاومه الإسلام لا بين الأوربين فحسب، و انما بين المسلمين أنفسهم. فأكثرت من إنشاء المدارس و المعاهد التي تدرس العربيه و العقيده الإسلاميه، لإعداد مبشرين يعلمون على تنصير المسلمين، أو تشكيكهم فيما هم به يؤمنون، و من ثَمَّ عرفت هذه المرحله الاستشراقيه التبشير بالمسيحيه بين المسلمين، و كان يرحل من أجل ذلك إلى البلاد الإسلاميه بعض المستشرقين لجمع المخطوطات من جهه، و للتبشير من جهه أخرى، و أصبحت شخصيه المستشرق تجمع بين الباحث و المبشر، و من هؤلاء من أقام في بلادنا عده أعوام لتلك المهمه.

و يعد بطرس الكلوني (ت: 1156 م) أول راهب متحمس لحرب المسلمين عن طريق السلاح و الفكر، و كان في رسائله للملوك الصليبين يدعو إلى تنصير المسلمين، فذلك أنفع للمسيحيه من قتلهم، و لهذا كان يعتقد أن المهمه الأولى للحروب الصليبيه هي تنصير المسلمين، و لكنها تحولت إلى عمل سياسي و عسكري، ففقدت بذلك القيام برسالتها، و أرجع بطرس فشل هذه الحروب في القيام بما كان يجب عليها أن تقوم به إلى جهل المسيحيين بحقيقه الدين الإسلامي، و لذا أوجب على نفسه، و حض سواه، على دراسه الإسلام و محاجه المسلمين، و اقناعهم بالتخلي عن الإسلام و اعتناق المسيحيه. و كان مما قام به بطرس للتبشير بالمسيحيه بين المسلمين تكليف مجموعه من المترجمين لترجمه بعض الكتب، للتعرف على الإسلام و دراسه تعاليمه، و لكن هذه الكتب التي ترجمت ألفها يهود متنصرون، أو نصارى مستعربون، و من ثَمَّ كانت أبعد ما تكون عن الإسلام الحقيقي، بل هي إلى الأساطير أقرب منها إلى الدراسه العلميه.

و من هذه الكتب و نحوها اطلع الغرب على الاسلام، و ترسب في وجدان الأوربيين أن هذا الدين محض افتراء، و أن الذين يؤمنون به و يجاهدون في سبيله قوم مضللون، و أن على الكنيسه أن تتصدى لهذا الدين لا بسيف الحرب، و إنما بسيف التبشير بالإنجيل و التنصير، و مع ما بذله أمثال بطرس الكلوني و غيره من الحانقين و الحاقدين من جهد في سبيل التبشير بالمسيحيه لم يحقق التبشير مهمته، و لم ينجح في أن يدخل في المسيحيه مسلماً واحداً، بيد أن هذا النشاط التبشيري – و إن أخفق في مهمته – لكن ترتب عليه التواسع في دراسه الدين الإسلامي، و لغه القرآن، و ترجمه الكثير من المؤلفات الإسلاميه إلى اللاتينيه، ثم إلى بعض اللغات الأوربيه، و ترجمه الكتاب المقدس إلى اللغه العربيه.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------
* يتبع..........

 

الريادة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 05-11-2003, 08:31 AM   #3

الريادة

مشرف سابق

الصورة الرمزية الريادة

 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
التخصص: ادارة واقتصاد/ محاسبة
المشاركات: 225
افتراضي

خامساً: ترجم القرآن الكريم في هذه المرحله إلى أكثر من لغه أوربيه، و كانت أول ترجمه له قد أنجزت في دير كلوني تحت اشراف بطرس، الذي سبقت الإشاره إليه، فقد جند هذا الراهب المتعصب بعض من يجيدون اللغه العربيه من القساوسه و غيرهم لترجمه القرآن، و بعض الكتب التي ذكرتها آنفاً، ليتخذ من ذلك سلاحاً للهجوم على الإسلام، و الاستهانه به، حتى يستطيع أن يبشر بالمسيحيه بين المسلمين.

و كانت هذه الترجمه هي الأولى للقرآن الكريم إلى اللغه اللاتينيه، و لم تكن ترجمه بالمعنى العلمي، فقد سيطرت على من قام بها روح العداء و السخريه و الحقد و الكراهيه، و من ثم جاءت مجافيه لمقصود القرآن الكريم، و مشحونه بالأباطيل و الأكاذيب، و يكفي داله على هذا أن من قام بها و صف عمله بأنه تعريه لمبادىء الإسلام للضوء، بعد ما سمح الدارسون في الكنيسه لهذا الكفر أن يتسع و يتضخم، و ينتشر لمده تجاوزت خمسه قرون، و أنه بذلك قشع الدخان الذي أطلقه محمد (ص). ثم يخاطب قارئه قائلاً: لعلك تطفئه بنفخاتك9.

ما الذي يتوقع من مترجم لكتاب ينظر إليه هذه النظره السوداء؟ لا مراء في أنه سيتعامل معه من منطلق التصرف في أصله، و التحريف في مضمونه و التشويه لحقائقه، و الإضافه الفاسده إليه ]يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواهم و الله متم نوره و لوكره الكافرون[10.

و ظلت هذه الترجمه مخطوطه نحو أربعه قرون، ثم طبعت في مدينه بازل، و ظهرت في يناير – كانون الثاني، سنه 1543 م، و كانت هذه الطبعه هي البدايه لسيل من الترجمات باللغات الأوربيه أخذت في الظهور منذ ذلك التاريخ حتى بلغت اللغات التي ترجم اليها القرآن الكريم ترجمه كامله إحدى و عشرين لغه أوربيه، و لكن كل هذه الترجمات كانت محرفه مشوهه لاتعرف الأمانه العلميه، فقد كان كل من يترجم الكتاب العزيز من الأوربيين يشفع ترجمته بمقدمات و تذييلات و بعض الحواشي في دحض هذا الكتاب، و ذلك من قبيل الإعلان عن حسن إيمانه و صحه عقيدته، حتى يمكن أن تنشر ترجمته و ترضى الكنيسه عنه.

و في القرن السادس عشر تجرأ بعض الأوربيين فنشر طبعه القرآن الكريم في نصها العربي، و قد انزعج البابا في روما كل الانزعاج من هذا، و أمر بجمع النسخ المطبوعه كلها و حرقها، و أقام لذلك احتفالاً دينياً شهده شخصياً، ليظهر للعالم المسيحي استنكاره البابوي.

و لم يكن انزعاج البابا من طبع القرآن الكريم بنصه العربي المنزل إلا خوفاً من اطلاع المسيحيين على ما جاء به هذا الكتاب العزيز من تعاليم و آداب تفضح المواقف الحاقده، و الأباطيل التي كان يرددها المستشرقون – تحت رعايه الكنيسه – عن الإسلام و نبيه.

سادساً: اتسعت دائره الاستشراق، و أقبلت كل دول أوربا على الدراسات الشرقيه، و أنشئت في بعض الجامعات كراسٍ للتخصص في هذه الدراسات، و كان هذا التسابق في دراسه الشرق، و تراثه الإسلامي بوجه خاص، يسعى نحو غايه واحده، و هي التمهيد للانقضاض على الشرق مره أخرى، و قد بدأت بريطانيا في تحقيق هذه الغايه بإنشاء بعض الشركات التي كانت نواه الاحتلال الانجليزي للهند.

سابعاً: و مع كثره نقل التراث الإسلامي المخطوط الى أوربا و دراسته و ترجمه بعضه، و طبع قدر منه بالعربيه، و مع احتكاك العالم الأوربي بالمسلمين في الأندلس و جزر البحر المتوسط، و في فتره الاستيطان الصليبي بالشام – مع هذا كله لم تتغير صوره الإسلام و المسلمين في أذهان الأوربيين، و ذلك لأن تعامل هؤلاء مع التراث الإسلامي و المسلمين بوجه عام لم يتجه نحو البحث عن الصوره الصحيحه للإسلام، و إنما اتجه نحو الانتفاع بما حققه المسلمون في مجال العلوم الطبيعيه و ما إليها من ابتكارات، إنهم لم يهتموا بالوقوف على مفاهيم الإسلام الصحيحه، بل إنهم كانوا يقفون من هذه المفاهيم موقف المتعصب لما يؤمن به و الذي يرى في عقائد الآخرين – دون فهمها أو دراستها – ضلالاً مبيناً، لأن جهد الكنيسه في تشويه الإسلام، بالإضافه إلى الأساطير الشعبيه التي نسجت خيوطها الأوهام و الأحقاد حالت دون النظر إلى الإسلام و المسلمين بمنهج علمي موضوعي، و جعلت الأوربيين لايرون في الإسلام إلا دينا فاسداً، و في المسلمين إلا أمه همجيه كافره لاتحسن غير التدمير و التخريب. و لذلك كان كل ما كتب عن الإسلام و المسلمين يمثل السطحيه و الكراهيه لهذا الدين، و الخوف من قوته و سطوته، و من هنا امتلأت كل المؤلفات الأوربيه في المراحل الثانيه من مراحل الاستشراق بالسخافات و الجهالات و الضلالات11. و التقت كلها على أن نقطه البدايه في حرب الإسلام، و تنفير المسيحيين و المسلمين منه على السواء، هي القرآن الكريم، و كان هذا مرد الاقبال على ترجمته ترجمه محرفه مشوهه ينكرها الأصل العربي كل الإنكار، لتكون ذريعه لاصدار الآراء المضلله عنه.

ثامناً: و إذا كان ذلك السلوك المعادي للإسلام موجهاً للأوربيين و المسلمين، و خاصه الذين كانوا في بعض بلدان أوربا، كاهل الأندلس و صقليه، فان الحقيقه التاريخيه هي أن الحرب الفكريه ضد الإسلام بدأت اولاً في الشرق، فقد أخذ المسيحيون في البلاد التي فتحها المسلمون، كسوريا و العراق، يثيرون قضايا جدليه و نقديه يريدون من ورائها الطعن في تعاليم الإسلام، و أنها لست جديره بالاتباع، و قد ساعدهم على نشر ما يريدون أمران:

الأول: تظاهر بعضهم بالإسلام.

الثاني: ما تمتعوا به في الحكم الإسلامي من الحريه العلميه.

و يرجع كل ما عرفته حلقات الدرس، و مجالس العلم في الحواضر الإسلاميه من مجادلات عقيمه حول كثير من القضايا الكلاميه و غيرها إلى ما قام به هؤلاء من إثاره الشبهات حول العقيده الإسلاميه، و الآيات المتشابهات، و منزله السنه من القرآن … إلخ.

و كان يوحنا الدمشقي، الذي عاش في كنف البلاط الأموي متمتعاً بالأمن و الحريه، أول من بدأ تلك الحرب الفكريه ضد الإسلام، و كان أول من أثار قضايا تبناها الفكر الاستشراقي بعد ذلك، فهو الذي ابتدع أن الرسول (ص) كان يستعين براهب مسيحي آبق في نقل ديانته عن العهدين القديم و الجديد، و أن الوحي القرآني كان يصاغ على وفق رغبات الرسول الجنسيه، و يشير بهذا إلي زواج الرسول بزينب بنت جحش.

و قد تلقف مثل هذه الآراء الباطله، المسيحيون من أهل الأندلس و أضافوا إليها ما نشرته الكنيسه من افتراءات و خزعبلات، ثم ترجموها إلى اللاتينيه و كانت منطلق الهجوم الآثم ضد الإسلام.

و لم يقف علماء المسلمين أمام ما يذيعه هؤلاء الأفاكون من أباطيل موقفاً سلبياً، و إنما جادلوهم مجادله علميه، و بينوا لهم زيف ما يقولون و يعتقدون، و كشفوا لهم عن الحقائق الناصعه التي لايسع العاقل إلا التصديق بها و الدفاع عنها، و من هذا ما كتبه أبو الوليد الباجي (ت: 474هـ) في الرد على أكاذيب أحد الرهبان الفرنسيين، و من قبل الباجي كتب الإمام ابن حزم (ت: 456هـ) كتابه «الفصل في الملل و النحل» تناول فيه الأناجيل و العقائد المسيحيه بمنهج عقلي منطقي لامجال فيه للتجني أو الانفعال العاطفي، و لذلك حرمت الكنيسه التراث العلمي لهذا الإمام، لكي تظل الخرافات و المتناقضات حول المسيح (ع) راسخه في أذهان و مشاعر المسيحيين، فلاتزعزعها أمثال هذه الدراسات العلميه و الموضوعيه12.

و في نحو منتصف القرن السادس الهجري نشر راهب اسباني رساله حمل فيها على الدين الإسلامي، و دعا المسلمين إلى الإيمان بالمسيح، و أفاض هذا الراهب في تمجيد عيسى (ع)، و بيان منزلته، و قد تصدى للرد على تلك الرساله التبشيريه أحمد بن عبد الصمد الخزرجي (ت: 582هـ) في كتابه «مقامع الصلبان» و فند المزاعم التي تضمنتها هذه الرساله، و اعتمد في ذلك على الأناجيل، و لكنه في بعض الأحيان كان يستعمل ألفاظاً قاسيه، و يبدو أن روح التعصب التي كتب بها ذلك الراهب رسالته، هي التي سَوَّغت للخزرجي أن يرد أحياناً بأسلوب عنيف13.

و ظهرت بعد الخزرجي مؤلفات لابن سبعين (ت: 669هـ) و القرطبي (ت: 671هـ) في الموضوع نفسه، و كتب فيه الإمام ابن تيميه (ت: 728هـ) موسوعته: «الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح».

و يعد كتاب «إظهار الحق» للعلامه الشيخ رحمه الله بن خليل الرحمن العثماني (ت: 1308هـ) و هو هندي الأصل، و قد هاجر إلى مكه بعد أن قرر الانجليز إعدامه لشجاعته في الحق، و قوه عاضته في الدفاع عن الإسلام، و الهجوم على الملل الباطله – يعد هذا الكتاب من أهم الكتب التي ظهرت في العصر الحديث حول الصراع الفكري بين الإسلام و القوى المضاده، و يكفي دلاله على أهميته و قيمته ما كتبت صحيفه بريطانيه عنه: «لو دام الناس يقرأون هذا الكتاب لوقف تقدم المسيحيه في العالم».

و مازال هذا الصراع قائماً، و سيظل إلى أن يرث الله الأرض و من عليها.

تاسعاً: و عرفت المرحله الثانيه للاستشراق بدايه التحالف الظالم بين اليهود و النصارى للقضاء على الإسلام و المسلمين، ففي عام: 1505 م كتب أحد اليهود مشروعاً لذلك التحالف و قدمه إلى البابا؟ و ضمنه النقاط التاليه:

1. احتلال العالم الإسلامي.

2. انتزاع الأرض المقدسه من المسلمين.

3. احتلال اليهود فلسطين14.

و لهذا دخل اليهود ميدان الاستشراق، و قدموا إلى الدول الأوربيه المسيحيه كل ما عرفوه من المسلمين من المسلمين من مواطن الضعف و القوه، و من ثَمَّ كانوا عوناً لهذه الدول على احتلال الشعوب الإسلاميه و تحقيق الحلم الصهيوني باغتصاب فلسطين، كما أنهم فاقوا المستشرقين المسيحيين في إذاعه الافتراءات حول الفكر الإسلامي.

عاشراً: و كان لكل ما أسلفته من خصائص هذه المرحله في تاريخ الاستشراق أثر بالغ في تعميق الهوه بين الأوربيين و الإسلام، لقد كانت مؤلفات المستشرقين و ترجماتهم للقرآن الكريم، و ما روجته الكنيسه من أساطير و أباطيل، المرآه التي تعكس صوره هذا الدين، و هي بلا جدال صوره منفره مخيفه فهي لاتحكي غير الهرطقه15 و الوحشيه و السلب و النهب، و لذا اشتد الخوف من الإسلام و الكراهيه له، و تواطأ الجميع على مناهضته، و اغتصاب أرضه، و إذلال المؤمنين به، و توارثوا هذا جيلاً بعد جيل حتى الآن.
------------------------------------------------------------------------------------------------------
* يتبع.........

 

الريادة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 05-11-2003, 08:32 AM   #4

الريادة

مشرف سابق

الصورة الرمزية الريادة

 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
التخصص: ادارة واقتصاد/ محاسبة
المشاركات: 225
افتراضي

الهوامش:

1. د. احمد سمايلوفتش، فلسفه الاستشراق، ص 39، ط دار المعارف القاهره.

2. د. محمد يوسف مرسي، التشريع الاسلامي و أثره في التشريع الغربي، ص 107، ط القاهره.

3. د. فؤاد سزكين، محاضرات في تاريخ العلوم عند العرب، ص 32، ط الرياض.

4. ترجمه د. على خشيم، و د. صلاح الدين السوري، نظره الغرب إلى الاسلام في العصور الوسطى، ص 28، ط ليبيا.

5. المصدر نفسه، ص 5.

6. د. فؤاد سزكين، المرجع السابق، ص 77.

7. د. ميشال جحا، الدراسات العربيه الاسلاميه في اوربا، ص 32.

8. د. فؤاد سزكين، المرجع السابق، ص 81 و 84.

9. مجله (المسلم المعاصر)، العدد 48، ص 62.

10. سوره الصف، الآيه 8.

11. د. عبد الجليل شلبي، صور استشراقيه، ص 26.

12. مجله (الوعي الاسلامي)، العدد 208، ص 64.

13. مجله (البحث العلمي) المغربيه، السنه الخامسه، العدد 13، ص 23.

14. المستشار محمد عزت الطهطاوي، التبشير و الاستشراق، ص 107.

15. اي (الكفر و الالحاد).

 

الريادة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 03:07 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

أن كل ما ينشر في المنتدى لا يمثل رأي الإدارة وانما يمثل رأي أصحابها

جميع الحقوق محفوظة لشبكة سكاو

2003-2024