أول ســنة تحفيظ !

[عاشق البرمجة]

في العالم الألف والأربعمئة بعد الثمان من الهِجرة كان أن أضاءت أنوار الكون ترحيباً بمقدمي لعالمِها وبها أيضاً إختار والدي - حفظه الله - طريق الإستقامة والصلاح بعد سنين عجاف~



هكذا قيل لي حين أصبحت أُدرِك وأعي الأمور من حولي ..لذا كانت حلق التحفيظ وعبدالكريم تربِطهم علاقة قوية كانت ينبغي أن تكون كذلك رُغماً عن عبدالكريم (مبتسِم)

إرتباطي بحلق التحفيظ منذ وقت مُبكِر أفادني في كثير من الأمور ليس أولها الإرتباط بكلام الله منذ وقت مبكر ولا آخرها دُربة اللسان على النطق السليم منذ الصِغر ،،

كان أكثر ما يزعج عبدالكريم ذو الست سنين في التحفيظ أنه يُعيقه عن معشوقته وسِحرُ روحِهِ ..عن ممارسة الكورة بلا شكْ ،

كُنتُ أدرِك جيداً أن مناقشة الوالد في تركْ التحفيظ أمر للمستحيل أقرب فعمِلت جهدي على أن أخرج مبكراً قدر الإستطاعة ،،

مدرسنا الباكستاني الذي لا زِلت أذكر لحيته المنسدِلة ونظراته المرعبة ..لا زلت أذكر طوله الفارع وإحمرار عينيه أحياناً ..آتذكر جيداً كيف كُنتُ أهابهُ وأهابُ عصاهُ أكثر واتذكر كيف كُنت آتحاشى أن آلقاه في غير التحفيظ ،،

كان محفوظه جيداً وكُنتُ أعرِف أن آسمه حافِظ وحين كبُرت فهِمتُ أن " حافظ" لم يكن سوى لقب يطلقوه هناك - في باكستان- على كل من يحفظ القرآن ويضعونه قبل إسمه لذا لا أعلمُ إسمه ما هو ؟

كان النظام أن تسمع محفوظك كامِلاً ومن ثم يحق لك الإنصراف وكُنت من أفضل من يستغل مثل هذا النظام ويجيره لصالحه مستغلاً الشرط الجزائي ~

كُنت أجهز حفظي منذ وقت مبكر وكانت -لاحظ كانت- لدي حافظة جيدة ولا أتعب في ذلك كثيراً..كُنت أسلم التسليمة الثانية من صلاة العصر وفي سرعى البرق تجدني أمام مكان جلوس المعلم ،

كثيراً ما أتى إلى التحفيظ ويجدني أمامه وبملئ صوتي: يا أستاذ حافظ وأبغى أسمع !!

لن أبالغ إذا قُلت لكم أني كُنت أسبق أبي في الخروج من المسجد فمدة قرائته للأذكار كافية لعبدالكريم أن يُنهي تسميعه ويجمع أطراف ثوبه في فمه لينطلق مسرِعاً إلى البيت ،

لا زلت أحمل الكثير من الود والشوق لتلك الأيام الخوالي التي قضيتها في بداية العُمر بين رياض القرآن لأنها رزقتني العديد من الفوائد التي لم أدرِكها إلا بعد أعوم مديدة ،

كُنت أُفكِر ..ماذا لو رضخ والدي لبكائي و صياحي الذي يتعالى بأني لا أريد أن ألتحق بآي شي لهُ علاقة بالتحفيظ ؟ ؟

كيف سيكون حالي وكيف كُنت سآسير لو حدث ذلك ؟؟

هُنا فقط أحمِدُ للقسوة والإجبار أن كانت هي الحاكِم وصاحبة القول الفصل فالخيزران ليست بذلك البُعد لو قررت أن أجلِس بالبيت ولله الحمد من قبلُ ومِنْ بعد ،،

إستمرت علاقة التنافر بيني وبين الحلقات مدة ليست بالقصيرة...كُنت أذهب لها فقط لأن والِدي أمرني بذلك... ليس أكثر !

وسآكتبُ في تدوينة لاحِقة عن نهاية هذا التنافر الذي إنقلب إلى إلف ومحبة لم ولن ينقطع إن شاء الله ~

لعلي آتذكر كيف كان يطلب مني المعلمين في الفصل القراءة بحجة أني طالب تحفيظ وأحد المدرسين كان يراجع محفوظه عندي وكان يسئلني عن حفظي فآذكُرهُ له - على وهنه وقلت ذات اليد -فيصالحني بكلمة تحفيز و تثبيط أحيانا،،

قدمني تعلمي القرآن منذ وقت مبكر للإذاعة والمشاركة بها آختتمت بتصدري لكلمة الصباح في المرحلة الثانوية والمداومة على هذه الصباحات ،

كان ولازال حِفظ القرآن عامل أساسي في توسيع المدارك وتنشيط الذهن والقدرة على الحديث بعيداً عن ألوان التعتعه والتردد ..كُل هذه لم ندركها إلا في أوقات متآخرة ونحمد الله على توفيقه ،،

الآن كثيراً ما أدعو الزملاء والصحب على إشراك إخوتهم بحلقات التحفيظ والأندية الصيفية إذ أن فيها من الفائدة والتطوير ما ليس عند غيرها - على حسب ظني -

آتوقع أني أطلت وكلامي متناثر وأحب أن يكون كذلك بعيداُ عن التنقيح والتشذيب وعلى حلقات ومواقف أخرى نلتقي،،

أسعد بتعليقك هُنا - ايضا - http://abomusab.ej.am/blog/?p=367

عبدالكريم ..