"عن حبيبتي اكتب لكم "+ نصيحه من القلب + شكر على تعزيه

[علي العسيري]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

"عن حبيبتي الفقيده (رحمها الله ) اكتب لكم "

قبل 33 عاما كانت البدرالذي استفاقت على نوره عيناي . كانت الابتسامه
التي اشرقت بدنياي . كانت بعد الله تعالى هي كل تفاصيل القصة مابين لم
اكن ثم كنت وليتني لم اكن شيئا وياليتني كنت في المهد نسيا منسيا .
منذ ان عرفتها شعرت بالحب بالدفء بالحنان شعرت بالامان والسعاده
تذوقت طعم حلو الحياه , وفي معيتها لم اعرف المر ولم اعرف الهوان
ولم اكن أرى في الحياه سوى الحب والجمال .. وحتى قبل ايام معدودات
من لحظة الفراق الكبير كانت تتصل وتسأل بحنان يفوق حنان المهد .
كانت تحرص على ان تخفي الامها ليس من يسير الم بل حتى لاتؤلمنا
لاجلها , أي ايثار واية بذل هذا وكيف السبيل مع كل هذا لشيء من
الوفاء واية نوع من الوفاء سيوفيها حقها .
عودتني على الايعرف قلبي يوما الحسد في شيء ولكنني
بعد ان فقدتها صرت احسد كل شبر من الارض سند قدميها الطاهرتين
لتقف عليهما تجاهد الحياة لتصنع الامل الجميل .
كانت تبدأ يومها منذ ساعات الفجر الاولى على وقع اذان
الحرم المكي يصدح من ساعة حائط صغيرة معلقة بقيت
وحيده في غرفتها تسمى الفجر وما ان ينتهي ذلك الاذان
الا وقد اكملت رحمها الله وضوئها واستعدت لصلاتها
(صلاة الفجر ) التي لم تكن تعرف الشده معي الا لأجلها ,
ورغم انني كنت اغيب عن عينيها اكثر ايام السنه لسبب
ظروف العمل وبعد المسافات الا انها كانت تشدد على
الصلاه وخاصة صلاة الفجر , وما ان تنتهي من الصلاة
وجلسة ذكر طويل الا وتستهل يومها بتفقد وتعليف غنيماتها
التي لاتتجاوز تسع رؤوس من الماشيه بكتها قبل ان نبكيها ,
تقضي صباحها مابين حضائر اغنامها والحقل والماء ومابين
منزلها ومطبخها المتواضع , ومابين سؤال وتفقد لاحوال
الجيران من اهل القريه .
في حديقتها المتواضعه اشجار خضر وريحان هي وغنيماتها
كل تركتها من هذه الدنيا الفانيه فقد أثرت ان ترحل عن هذه
الدنيا برصيد من صيام كل اثنين وخميس والايام البيض
من كل شهر . وان ترحل على وقع السن داعيه تدعوا لها
بالثواب لأجل كل مواقف البر والخير التي بها يشهد لها على
ان تشغل نفسها بسقط الدنيا وزخرفها .
قبل ان ترحل كانت حديث كل اهل القريه كعنوان للوفاء
حينما تبحث بنفسها لشريك عمرها ورفيق دربها الذي
عرفته وعرفها منذ اكثر من 40 عام عن زوجة له اخرى
حتى لايشعر بالوحده حينما شعرت هي بدنوا ساعة الرحيل
اختارتها له بنفسها وعملت في صمت وذهبت اليها لتفاتحها
في الامر بنفسها وذكرتها بأيام الصداقة والصبا ومابينهما ,
فما كان منها الا ان اعلنته للملاء و توجت هذا العرس
الاستثناء بحضورها الشخصي رغم العناء والمرض .
ورحلت قبل ان يكمل شهره الثاني .
. نظرت الى ابي في ساعة النعش الاخير ونحن نحملها
الى القبر والدموع تقطر من عينيه ولسانه يلهث بذكر
الله والشهاده والصلاة على رسوله والصبر والاحتساب .

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( ايما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنه ) ..

رحمك الله يا أمي واسكنك فسيح الجنان .

واختم هذا المقال بنصيحه من القلب لكل قلب حي : الام يا احبه
هي رأس المال الحقيقي , اقسم انك حين تفقدها لاقدر الله
ستسود في وجهك كل الدنيا وستندم على كل ثانيه بل كل
لحظه قضيتها بعيدا عنها , رغم ان بعدي عن امي لم يكن
الابسبب ظروف الوظيفه وبعد المسافات الا انني اشعر
بمرارة تأنيب الضمير وتمنيت لو انني تركت وظيفتي
لاجلها بعد ان تعذر النقل , فقد رحلت امي وبقيت
كل معاملات طلب النقل حبيسة ادارج روتين المزاج
في بلد اضحت الواسطة فيه فوق كل اعتبار ...
. و حسبي الله وكفى ....
ونصيحتي لكم لا تفرطوا في رؤوس اموالكم واستثمروا
في رضى الام كل ثانيه واغتنموا كل لحظة قرب في رحاب الام .

ولا تنسوا أمي رحمها الله من صالح دعائكم .

كما انني اشكر كل من واسى وعزا في هذا المنتدى
واسأل الله ان يجزيكم خير الجزاء على جميل عزائكم
وصادق دعواتكم وان لا يريكم مكروه في عزيز عليكم ..
واعتذر عن تأخري في الرد عليكم في حينه
لظروف خارجه عن ارادتي .

ولكم اطيب تحيه .