حكامنا المسلمين .. عفواً

[روح البنفسج]

حكامنا المسلمين .. عفواً

بالأمس .. كنت أتجول بين القنوات الفضائية لأتابع أخبار غزة .. لعلي أجد خبراً يثلج الصدر

هنا حسن نصر الله نصب نفسه وصياً على شعب مصر .. الذي قدم من الدماء في جهاد العدو الصهيوني ما يملأ البحار .. ويطالب بالثورة والاصطدام مع الجيش وأموراً ليس لمثله ولا لغيره أن يطالب بها .. وقريباً سينصب نفسه وصياً على أهل الخليج

الغريب .. انه لم يكلف نفسه بإطلاق ولو صاروخاً واحداَ تجاه إسرائيل لتخفيف الضغط عن إخواننا في غزة .. ولو طلقة واحدة فقط .. تجعل إسرائيل تعيد حساباتها وتوجه ولو قليلاً من آلتها العسكرية للطرف الآخر .. ولازلت اذكر وعوده منذ اجتياح إسرائيل للبنان العزيز .. بأنه لن يتوقف إلا بتحرير الأقصى وان إمدادات إيران للسلاح لن تنقطع والمقاومة لن تتوقف .. وكالعادة .. كلام الليل يمحوه النهار .. وهكذا إيران وعملائها وتاريخهم يعلمه القاصي والداني .. ولا عبرة لأولي الأبصار

تجولت ثانية بين القنوات .. ولا جديد منذ عشرات السنين .. تبادل اتهامات ومزيداً من الشعارات .. فهذا خائن وهذا عميل وهذا كافر وهذا منافق .. وهذا جزء من المخطط الأمريكي والصهيوني على المنطقة .. وهذا المتحدث باسم الشعوب .. وهذا الزعيم المخلص .. وهذا يدعو لوقفة حازمة .. وهو نفسه لا يفعل شيئاً .. مجرد كلام .. هتافات .. لا تكلف شيئاً .. وإثارة أحقاد .. وتصفية حسابات .. وشقاً لصفوف

تجولت تارة أخرى .. وأيضاً لا جديد .. مزيداً من تبادل الاتهامات .. والدعوة إلى المظاهرات وحرق الأعلام وكلاً يحمل صورة من يحب .. طوعاً أو كرهاً .. لا تغني ولا تسمن من جوع .. فكم مظاهرة قامت من اجل أفغانستان والعراق وفلسطين عبر التاريخ .. عشرات .. مئات .. ألوف .. لم تطعم مسكيناً ولم تداوي جريحاً .. وفي المساء .. يذهب كلاً إلى منزلة يعيش حياته بكل ما فيها .. وتبقى الجراح .. وما زالت الدماء تسيل .. ولا عزاء لموتى المسلمين

تباً لهذه القنوات

وقعت على إحدى القنوات تبث كلمة لإسماعيل هنية .. وهو يشبه مأساة غزة بواقعة الهجرة .. ويا له من تشبيه

الله يعلم أنني ذرفت الدمع مع كلماته .. وما ينفعه الدمع شيئاً .. كما لم تنفعه المظاهرات شيئاً .. وجلست أدعو لهم ... ولكن مهلاً .. كل الأمة تدعو .. لما لا يستجاب لنا .. أليس منا رجلاً مستجاب الدعاء .. أليس في الأمة رجلاً .. لو أقسم على الله لأبره

الكل يرمي عجزنا وضعفنا على الحكام .. ويتهمهم بأشنع التهم

حسنا .. أيها الأبرار .. حسنا أيها الأتقياء الأنقياء .. اخبروني

هل السبب في عدم استجابة دعائنا لإخواننا بالنصر .. هم الحكام أيضاً

هل أصدر أحدهم مرسوما رئاسياً أو ملكياً بعدم استجابة الدعاء

أخبروني .. هل يملك احدهم ذلك ؟؟؟

إن كان كذلك .. فسنلومهم .. وسنلعنهم .. ولكنهم أضعف من أن يملكوا ذلك

أين أساس ضعفنا .. أين صميم المشكلة .. لما أصبحنا بهذا الضعف .. حتى الدعاء لا يستجاب له

أيها السادة .. ضعف حكامنا أو قوتهم .. ينبع من ضعفنا نحن وقوتنا نحن

والله لو كنا أقوياء لكانوا مثلنا .. ولكن وهن بعضهم بوهننا

لا تقاس أثقال الجبال بصلابة قمتها وهامتها حتى نلوم حكامنا .. ولكن تقاس الجبال بشدة صخورها .. وعريض سفحها .. واتساع قاعدتها

لا يعقل أن يكون أعلى الجبل وهناً وأسفله صلداً .. ولا يعقل العكس

سبب هذا الضعف .. وسبب هذه الفرقة .. بل حتى سبب عدم استجابة دعائنا .. هو في هذا الحديث الشريف

(والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو يوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه فتدعونه فلا يستجيب لكم )

هذا حالنا .. وسبب ضعفنا وبلائنا والمصائب التي تحل بنا .. ما بين احتلال وقتل وغلاء في المعيشة .. وأمراض لم تكن في سالف العصر .. من أعمالنا سُلط علينا

أصبحت محلات الخمور أمر عادي في مجتمعاتنا .. وأصبح الحب المحرم أمر شائع وحق يؤخذ بالحرية الشخصية .. والنقاب والحجاب .. أصبحا في ذمة الله إلا من رحم ربكم

ندعو على عدونا .. فلا يستجاب لنا

ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس .. وليس أيدي الحكام

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

( يكون في آخر هذه الأمة خسف ، و مسخ ، و قذف ، قيل : يا رسول الله ‍ أنهلك و فينا الصالحون ؟ قال : نعم ، إذا ظهر الخبث )

يا أمة فعلت بها عاهرات تركيا نور ولميس ومهند .. ما لم يفعله بها أشد أعدائها .. متى .. في شهر رمضان أيها الأحرار .. متى .. في شهر الرحمة والغفران أيها الأبرار .. متى .. في شهر العتق من النيران أيها الأطهار .. حتى أنسوكم ذكر الرحمن يا أحفاد الصحابة الأخيار .. وإن نصح لبعضهم الدعاة .. اتخذوهم سخرياً .. فهل فاقد الشئ يعطيه ؟؟؟

نعلق ضعفنا على الحكام .. وأصبحوا شماعة عذرنا كلما حلت بنا كارثة أو نزلت بنا نازلة .. ولكن أخبروني .. كم شاب يصلي الفجر في جماعة .. كم شاب يذهب لجامعته أو مدرسته .. وهو يضع نصب عينيه أنه يتعلم لنصرة دين الله

كم شاب موجود في حلقات العلم .. وكم شاب في الشوارع لمطاردة فتيات المسلمين

لمن هذه المقاهي والمسارح والبارات والكازينوهات .. هل جهزت في بلادنا لشباب اليهود و النصارى .. من يملأها .. هذه الليلة وكل ليلة .. أليسوا شباب المسلمين .. محسوبين على امة محمد صلى الله عليه وسلم .. لا يستطيعون حتى مقاطعة بضائع من يشتم نبيهم .. فهل فاقد الشئ يعطيه ؟؟؟

أليس كثير منا في حرب مع الله بكل هذه الذنوب قبل أن نكون في حرب مع إسرائيل

فليخبرني الصادق منكم يا أهل الهتافات والمظاهرات والشعارات .. لو قيل أن هناك محاضرة لمحمد حسان أو عائض القرني .. وهناك حفل كبير تحضره نانسي عجرم وتامر حسني .. لمن الحضور الأعلى يا أولي البأس الشديد .. لمن الحضور ؟؟؟

اخبروني .. هل فاقد الشئ يعطيه ؟؟؟

تخيلوا لقاء في إحدى القنوات التلفزيونية .. مع أحد هؤلاء الشباب الذي لا هم له سوى البحث عن نزواته .. لو سألوه عن مأساة فلسطين .. سيقول بكل حماس .. السبب .. هو الحكام العرب

فتاة مكشوفة الرأس بماكياج كامل .. تتحدث في إحدى القنوات وهي تضع علم فلسطين على خصرها .. وتقول أنها لا تنام الليل حزناً على قتلى غزة !!!

ذكرني موقفهم بمن ينادي بالجهاد بينما هو لا يصلي الجماعة .. بل لا يعرف الفرق بين أركان الصلاة وآداب الصلاة .. حتى قاده جهله لإراقة دماء أخوانه المسلمين .. فهل فاقد الشئ يعطيه ؟؟؟

قتل من المسلمين من قتل في معركة أحد .. نتيجة ذنب واحد اقترفه فئة من الرماة .. خالفوا أمرا واحداً فقط للنبي صلى الله عليه وسلم .. فكم أمر يخالفه اليوم شباب المسلمين ؟؟؟

رب قائل منكم .. لو فتحوا الحدود وأعلنا الجهاد لقتلناهم بكثرتنا .. ويحه .. وهل تنفع كثرة كغثاء السيل .. أليس لنا في غزوة حنين أصدق مثل .. بأن الكثرة لا تغني شيئاً .. وأن النصر من عند الله وليس بكثرتنا

هل أعددنا ما استطعنا من قوة .. ونحن حتى طعامنا ولباسنا يأتينا من الغرب .. أم أعددنا غرف الشات وضيق العبايات ونغمات الجوالات وأعذب العبارات ومتابعة التمثليات .. وآهات ولوعات نطلقها في السهرات

لو كانت حرباً .. لكانت مع المشركين كافة .. وليست مع إسرائيل وحدها وأنتم تعلمون ذلك .... فأين الإعداد يا بني ستار أكاديمي

لا يكفي الإيمان وحده ولا الدعاء وحده ولا السلاح وحده .. وإلا لفتح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مكة من اليوم الثاني للهجرة .. ولما انتظر صلاح الدين عشرين عاماً ليسترد الأقصى

اسأل نفسك .. هل أنت مؤمناً حقاً .. هل ينطبق عليك وعده تعالى حين توعد بني إسرائيل .. بأنه سيرسل عليهم عباداً أولي بأس شديد

هل كل شباب الأمة مؤمنين عباداً لله أولي باس شديد ؟؟؟

يا متمهاً للحكام .. أخبرني وكن صادقاً أمام ربك .. كم مرة ختمت القرآن في الشهر الماضي .. كم ركعة كل ليلةٍ تقومها لله .. منذ بدأ هذا العدوان جعلتها جميعاً للدعاء لأهل غزة

أيها الناس

إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

ضعفنا وعدم استجابة الدعاء وظهور الغلاء وقلة المطر وفرقة صفوف المسلمين وظهور الأمراض .. كلها أدلة وأعراض نتيجة للسبب الوحيد .. وهو البعد عن الله .. فمتى نعود ؟

غيروا الأمة بدأً من أنفسكم ومن حولكم .. لنتوب إلى الله منذ الآن حتى يستجاب دعائنا الآن .. كونوا ربانيين .. يستجاب دعائكم .. وتنصلح أحوالكم .. يُولي عليكم من يعلم عزمكم وقوتكم .. وصلابة دينكم .. ثم يراهن الأعداء على بأسكم .. ويخوض بكم عرض البحار وبرك الغمام

إلى الله المشتكى على أحوال شباب المسلمين .. ولا حول ولا قوة إلا بالله

ابراهيم المرواني

غرة محرم من العام الثلاثين بعد المائة الرابعة عشرة من الهجرة النبوية الشريفة

...

لولا بـعـدنا عن ربنا لم نـصـل لهذا الـهـوان يـاشـيـخـنا الفاضل
كـلـنا يـخجـل مماعـمـل ولعـلنا نـتدارك انفـسنا منذ هذه اللحظه
جزاك الله كل الخير