أمــــان

[قانع]

ذهبت لزيارة صاحبي الذي رحب بي واستبشر بقدومي اليه، واخذنا نسأل عن احوال بعض والصحة والعمل، وكم فرح جدا لقدومي اليه، ثم أستأذن لكي يأتي لي بما تجود به نفسه من كرم الضيافة، وأثناء ذلك كانت عيناي تجول وتتأمل بأعجاب أثاث المجلس والديكور و يبدوا ان ذلك قد كلف صاحبي الكثير من الاموال، واخذت أتفكر في نعم الله علينا وما اعطانا من خيرات الدنيا والراحة النفسية والاستقرار والامان، وبينما ذلك دخل علي صاحبي ومعه قهوة ورطب وشيئا من الحلى، فأخذنا نرتشف فنجال القهوة والحلى وحقيقة كانت الحلى لذيذة جدا وكانت عبارة شيز كيك، وأثناء ذلك كنا نتبادل الاحاديث العامة وما يحدث في اخبار العالم واحوال سوريا ودعونا الله ان ينصرهم على عدوهم، ثم استأذن مني مرة اخرى وذهب داخل المنزل،

وخلال ذلك رجعت الى حيث وقفت تأملاتي في هذا المجلس من الاستقرار والامان وارتبط هذا بمن فقدوا الاستقرار والامان مثل أحوال اخواننا في سوريا وكيف انهم في ليلة وضحاها فقدوا هذا الاستقرار والامان وأصبحت طلقات المدافع والصواريخ تقض مضاجعهم وهم بين رعب وخوف،– فكم آلمني ذلك - فأسأل الله ان ينصرهم على عدوهم.

هذا الاحساس بالامان الذي هو عنصر مهم والذي يحتاجه الانسان لتستقر نفسه وتطمأن قلبه وينام قرير العين هادئ البال، وأن بفقد شعور الامان يفقد الانسان معه جميع احتياجاته الاخرى ولا يستطيع ان يحقق آماله وطموحه،

وانقطعت حبل افكاري بدخول مضيفي ومعه إبريق الشاهي وبعض المكسرات والموالح، وقد لا حظ علي هذه المرة انهماكي في التفكير فقال لي معذرة لعلي تأخرت عليك وأراك قد سرحت بعيدا!!!، فتبسمت بدوري وقلت لا عليك خذ راحتك، وانتظرت الى ان نحتسي كأسا من الشاي، ومددت يدي الى طبق المكسرات التي كانت عبارة عن بعض الفستق واللوز، فأخذت الوكها في فمي، بينما ذلك قلت له ما رأيك بالامان، نظر الي مندهشا ، مستفسرا، فتداركت نفسي وقلت : آه معذرة سأوضح لك، اقصد الشعور بالامان والاحساس بالاستقرار واخذت اقارن له بالامان الذي نحن فيه مقارنة بغيرنا مثل سوريا!!! فسكت بدوره وأخذ نفسا عميقا، وقال لي كلامك صحيح ولكن أتعلم ان هناك ما ينغص علي حياتي وعيشتي، قلت له، ماهو؟!! قال إني لا أشعر في نفسي الامان، قلت له مستفسرا وضح أكثر!!!، قال لا أشعر اني مرتاح على الرغم أن لدي ما يكفيني من اكل وعمل، ومع ذلك اشعر بأن هناك شيئا ينغص على حياتي ولا أدري ماهو، أحيانا يجول بخاطري أن ابنائي الصغار يتركونني في كبري، وهنا أشعر بأني فقدت الامان في ذلك الوقت وانا قد اكون احوج ما احتاجهم في ذلك الوقت من عمري فهل يخدموني كما خدمتهم، وهذا الشعور يلازمني كثيرا ولا أدري لماذا؟. فقلت له ضاحكا مستنكرا ، أطال الله عمرك ولكن أشعرا انك تبالغ في التفكير لا زال ابناؤك صغارا وانت تفكر في ذلك الوقت، قال لي إنه هاجس وكثيرا ما نسمع قصصا عن ابناء تركوا ابائهم وامهاتهم، فمثل هذه القصص تمثل لي هاجسا وتفقدني الشعور بالامان. فجعلت اهون عليه وانه يوكل امره الى الله وأن يدعوا دائما بالذرية الصالحة.

ثم خرجت من عنده وودعني واصطحبني الى سيارتي وانطلقت بالسيارة وكثيرا من الاسئلة في بالي

الى أي مدى نحتاج ان نشعر بالامان، وهل الشعور بالامان يلامس ادق تفاصيل حياتنا؟!!!!
وما هي مقومات الشعور بالامان؟