قبل الفصل الدراسي الجديد ... هل تجهلوا أنفسكم أيها الطلاب الكرام ؟!

[نورس]

إن كنت جاهلاً فهذه مصيبة ... وإذ كنت تجهل نفسك لن أقول أنها مصيبة عظمى ... بل سأقول أترك الحياة لغيرك ... يقدر قيمتها فيحولها جنة من الإبداع ... ونهر من أنهار العطاء ... يستمد منها الكلمة ليحولها جملة ... ويأخذ الجملة ليكتبها في سطر ... ويأخذ السطر ليكمل به الصفحة ... ويضم الصفحة إلى الورق لينتج كتابً ... هذه هي الحياة ... يأخذ منها ليعطي غيره ... كالأرض الصالحة للزرع ... الحياة ... وهل هناك أجمل من الحياة ؟!! ... فيها التقى ادم بحواء ... وفيها تمتعا برغد العيش وسعيد الحياة ... فتحولا أشجاراً مثمرين( رجال ونساء ) مبدعين رائعين ... في حياة رائعة لم تخلوا من روائع الإبداع و سيرة من سير النهوض بالهمم ... لم تكن الحياة مجرد كلمة إلا لمن أرادها كذلك ... فالمولى جل في علاه قال : ((( الذين يريدون الحياة الدنيا ))) ... هذا الآية الحكيمة لا تمنع الاهتمام بالحياة الدنيا لكن تحذرنا من عبادة الحياة الدنيا .

في مدخل مبعد أثينا وضعت جملة الفيلسوف سقراط ((( أيها الإنسان ... أعرف نفسك ))) ... هل لها قيمة هذه الجملة ؟ وهل لها مدلولات حسية ومعنوية؟ ... الجواب بكل تأكيد سيكون (نعم) ... أعرف نفسك من حيث الإبداع ... ولامس بداية الإبداع لديك ونميه... ولذلك قال المولى القدير ((( فأما بنعمة ربك فحدث ))) ... فكلمة ( حدث ... تأخذ من التحديث ) من وجهة نظر شخصية أي التجديد الواعي للمعرفة و الإبداع فــ (النعمة ) ليست فقط نعمة المأكل و المشرب بل كل ما يخدم الإنسان في الجزء الثاني من الدين ( دين المعاملات ) يـُعد نعمة ... فجدد حياتك قالها الغزالي في كتابه الرائع ... و أقولها جدد حياتك بنعم الخالق التي لن تعد ولن تحصى ...جددها من الرتم القاتل للإبداع ... وأستنهض همم الرجال للوصول لقمم ملوك الفكر والإبداع والسير المخطوطة على جدار التاريخ ... وطور حياتك وبرمجها نحو هدف و إن كان الهدف بعيد بعُد الشفق الجميل ... ستصل إلى هدفك المنشود ... بالعمل والاجتهاد .

تعالى جل في علاه قال: ((( قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين ))) ... فالآية تقول إن الرب سينظر إلى عملنا فهل سيسهل لنا عملنا لنظفر به ؟؟ بكل تأكيد نعم ... لأن المولى قال في آية أخرى ((( ومن يتقي الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ))) فوجود التقوى و الحرص على إتقان العمل للوصول للهدف المنشود سيكون حلم محقق من قبل الرب الذي أقسم بذلك ... لذا كان الاجتهاد من صميم العمل ... لأن العمل في الأصل قائم على الاجتهاد... لذا قيل في الأثر ( لكل مجتهد نصيب ) ... فكلمة ( نصيب ) تدل من وجهة نظر شخصية على ما نصبته بين عيناك ستصله لا محال طبعاً بالاجتهاد ... ثم لا تأخذ منهج التسويف منهجاً لك ( سوف أعمل غداً ) الذي أصفه بأنه ( الغي في الطغيان والكفر... بالفكر) ... التسويف هادم الهمم ومدمر أصحاب القمم العالية .

أما الفكر وما أدراك ما الفكر ؟ الذي يرقى بالنفس البشرية متى ما أستخدمه ويعلو شأن الإنسان به ... فالفكر ذكره الله جل في علاه في كتابه الكريم تسعة عشر مرة ومنها قال : ((( وفي أنفسكم أفلا تتفكرون ))) ما أجمله من كتاب يربط الفكر بالنفس ... لذلك قال المولى ((( أن الله لا يغير ما بي قوماً حتى يغيروا ما بأنفسهم ))) ... وأحذر أن تقول لا أعلم بل أبحث مع إظهارك الجهل بالعلم في أمرا ما ... فإظهار الجهل من شيم العلماء في كافة مجالات الحياة ومنهم العلماء الذين حفظوا القران وسنة المصطفى ولذلك هم يقولوا عقب كل فتوى ( و الله أعلم ) ... قال تعالى ((( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ))) فكلمة ( يعلمون المأخوذة من العلم ) كلمة نسبية وليست مطلقة ولذلك عُطف الذين لا يعلمون على الذين يعلمون بــ ( واو العطف ) معنى هذا أن الذي يجهل قد يصبح يعلم متى ما بحث عن العلم ... فطموح الإنسان للوصول للقمم العالية لا يأتي بالطرق الملتوية حتى وان كانت الغاية مشروعة فقول الله تعالى جزم بذلك حيث قال : ((( أفا من يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم ))) ما أبلغه من كتاب.

لعل نهضة الأمة الحالية لن تأتي إلا بالنفس ... لأن المولى أجزم أن التغيير يأتي بالنفس أولا ... لذلك قال المولى ((( أن الله لا يغير ما بقوماً حتى يغيروا ما بأنفسهم ))) ... لنصل إلى مستوى الأمم المسلمة الصادقة مع نفسها فعرفتها وهذبتها وكان لهم العالم ثمان قرون ... فهل لازلت تجهل نفسك ؟؟